أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

تضخم أزمة السكن يزيد من عدد المشردين والأحياء العشوائية

الارتفاع غير المسبوق في أسعار العقارات علامة على اتساع الهوة وعدم المساواة حيث الغالبية العظمى من العراقيين لا يستطيعون دخول هذه السوق وأصبح حلمهم في امتلاك منزل بعيد المنال.

بغداد – الرافدين
بينما تتضخم أزمة السكن في العراق مع زيادة عدد الأحياء العشوائية المبنية على هامش المحافظات العراقية، أقدمت السلطات الحكومية على هدم منازل في بغداد والانبار بذريعة التجاوز على أراضي الدولة.
وصار ملايين العراقيين يحلمون بسكن يليق بالكرامة الإنسانية، بينما ترتفع أسعار العقارات بشكل جنوني يفوق قدرة المواطن العراقي، بعد عمليات غسيل أموال من قبل جهات وأحزاب متنفذة في شراء الأراضي والعقارات.
ويعد الارتفاع غير المسبوق في الأسعار علامة على اتساع الهوة وعدم المساواة حيث الغالبية العظمى من العراقيين لا يستطيعون دخول هذه السوق وأصبح حلمهم في امتلاك منزل في هذه المدينة العريقة بعيد المنال.
وليس بمقدور الغالبية العظمى من العراقيين التفكير في شراء شقة صغيرة، في وقت ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” أن بغداد أصبحت فيها العقارات نقطة جذب للأموال القذرة في أكثر البلدان فسادا في العالم، حيث تغمر أسعار النفط المرتفعة الأسواق العراقية بالنقد، وتحدي اللوائح التي فرضتها الولايات المتحدة من تحويل الثروة غير المشروعة إلى الخارج. في إشارة إلى إيران.
وأشارت إلى أن السياسيين العراقيين يرون في سوق العقارات علامة على ازدهار العاصمة، لكنه في الوقت ذاته يعد أحد أعراض الفساد المتجذر في هذا البلد التي يتبوأ المراتب العليا في الفساد ضمن مؤشر الشفافية الدولي.
ويصل سعر المتر المربع الواحد لمنزل في منطقة لا تتوفر فيها خدمات مياه أو كهرباء حكومية في جانب الكرخ من العاصمة بغداد إلى 2300 دولار على الأقل. وفي ضاحية المنصور الراقية مثلا، يمكن أن تصل المعدلات إلى ستة أضعاف هذا الرقم.
وفي منطقة الكرادة، وصل سعر المتر المربع الواحد للمناطق السكنية إلى أكثر من خمسة آلاف دولار.
وقال سمسار العقارات في منطقة زيونة رعد الشمري “إن من يمتلك مليون دولار بالكاد يمكنه شراء منزل هنا، لم يعد الأمر متاحا للناس العاديين”.
مقابل ذلك اعترفت وزارة التخطيط الحالية بوجود نحو أربعة آلاف تجمع عشوائي يقطن فيه ثلاثة ملايين و600 ألف شخص، وهي أرقام أقل من العدد الحقيقي لأن الوزارة طالما اعترفت بعدم امتلاكها معلومات دقيقة عن أعداد الساكنين في هذه الأحياء.

إزالة منازل المواطنين بذريعة التجاوزات

وأقدمت دوائر البلدية بعدد من المحافظات بتنفيذ أوامر إزالة المنازل بعدة مناطق بذريعة التجاوز على أراضي الدولة، الأمر الذي حول آلاف الأسر الى مشردين يضافون إلى المهجرين من ديارهم.
وأقدمت قوة حكومية من بلدية الحبانية على هدم منازل السكان في ناحية حصيبة الشرقية بمحافظة الأنبار.
وتذرعت القوات الحكومية بهدم بيوت السكان، بذريعة أنها متجاوزة، رغم تأكيد السكان أنها شيدت أمام أنظار الحكومة وبموافقات مبدئية رسمية من بلدية قضاء الحبانية.
وأجمع أصحاب منازل ناحية حصيبة في تصريحات لقناة “الرافدين” على إن “منازلهم بنيت بعلم دائرة البلدية ولديهم وصولات تثبت ذلك” مؤكدين أنهم يعيشون بهذه المنطقة منذ عشرات السنين.
فيما شكى سكنة حي المخابرات، في أبو دشير جنوبي العاصمة بغداد، من قيام جهات مجهولة بتهديدهم، لإجبارهم على ترك أراضيهم، مبيّنين أن ممارسات هذه الجهات، وصلت حد ترويع السكّان وتهديم بعض الدور، بعد منتصف الليل.
وأكد الأهالي على أن ممارسات هذه الجهات غير قانونية، وصلت حد الابتزاز من جهات مجهولة، فيما يقول مسؤولون حكوميون، إن هذه المنطقة أساسا هي من محرمات سكة القطار.
ويؤكد السكان أنهم يعيشون في حي المخابرات منذ التسعينات، ولديهم سند 25 طابو صرف، مؤكدين أنهم قاموا بمد خطوط الماء والمجاري، وإكساء الشارع على حسابهم الخاص.

عبد القادر النايل: إزالة منازل المواطنين تعد جريمة إنسانية تضاف لسلسلة الجرائم الحكومية.

وعد المحلل السياسي عبد القادر النايل ما يحدث في ناحية حصيبة وباقي المناطق، بأنه “استقواء على العائلات الفقيرة وعائلات الشهداء والمفقودين، وهي جريمة تشريد وترويع بحق النساء والأطفال”.
وقال النايل في تصريح لقناة “الرافدين” بأن السلطات الحكومية ارتكبت مخالفات عدة في هدمها لهذه المنازل، منها عدم إشعار العائلات وإبلاغهم بالهدم في وقت سابق، ولم يتم إطلاق تعويضات لهم أو وضع خطة بديلة لإسكانهم.
وأشار إلى وجود معلومات دقيقة تؤكد أن بعض مسؤولي محافظة الأنبار ينوون بناء مشاريع استثمارية على الطريق الرابط بين الحبانية والرمادي، وهذه المشاريع تقتضي بإزالة منازل المواطنين في ناحية حصيبة.
ويعاني العراق من نقص كبير في عدد الوحدات السكنية حيث يحتاج إلى بناء 3 ملايين ونصف المليون وحدة سكنية لسد هذا النقص.
وتبلغ الزيادة السكانية في العراق نحو مليون نسمة سنويًا ما يعني ضرورة بناء 250 ألف وحدة سكنية في الأقل للتعامل مع تلك الزيادة.
واعترف رئيس اللجنة المالية النيابية عطوان العطواني، بوجود أزمة حقيقية للسكن وتلكؤ وتباطؤ في صرف مستحقات المقترضين من قبل المصرف العقاري.
وقال إن “مبادرة منح القروض سلاحًا ذا حدين”، مشددًا على أن “المبادرات لا يمكن أن تفتح على مصارعيها ولا أن تتوقف”.
وطالب بتشكيل لجنة خاصة تعمل على إعادة تفعيل مبادرة منح القروض لحل أزمة السكن.
وانتقدت مفوضية حقوق الإنسان، الغلاء الكبير في أسعار الوحدات ضمن المجمعات السكنية الاستثمارية، مؤكدة عدم استفادة محدودي الدخل منها.
وقال مدير المركز الإعلامي في المكتب الوطني للمفوضية سرمد البدري، إنَّ أزمة السكن التي تعيشها البلاد بضمنها بغداد، دعت إلى صدور قرارات حكومية لتوفير السكن الملائم خاصة لمحدودي الدخل، من خلال تشييد مجمعات واطئة الكلفة أو حتى الاستثمارية منها، وهو ما دعا المفوضية للوقوف على مدى شمول جميع الفئات لاسيما الهشة منها بالسكن.
وأضاف أنَّ المفوضية نبهت على أن السبب الرئيس لعدم استفادة الشريحة المذكورة من تلك المجمعات، هو الأسعار المرتفعة للوحدات السكنية وأقساطها الشهرية لاسيما الاستثمارية منها، فضلاً عن وجود مشاريع يفترض تنفيذها بموجب شروط تعاقدية معينة، بيد أنه لا يتم الإيفاء بها مطلقًا، علاوة على عدم تواجد الشركات الرصينة لتنفيذها.
وبحسب وزارة الإعمار والإسكان والبلديات العامة، فأن حاجة العراق من الوحدات السكنية، تتراوح بين مليونين و500 ألف إلى ثلاثة ملايين لإنهاء الأزمة بشكل تام.
ومع حديث حكومة الإطار التنسيقي عن إطلاق مبادرات الإسكان التي شكك فيها اقتصاديون، إلا أن حكومة محمد شياع السوداني بدأت بإزالة منازل المواطنين قبل أن تبدأ مبادرته، وسط غياب الحلول الناجعة على الأرض لتدارك أزمة السكن لا سيما مع ارتفاع نسب التضخم المالي وزيادة أسعار الوحدات السكنية التي وصلت إلى أكثر من نصف مليون دولار في بعض المجمعات وسط العاصمة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى