أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

تقارير ملفقة تزعم عودة خمسة ملايين مهاجر عراقي من الخارج

عراقيون يعيشون في غربة ويصارعون الحنين إلى وطن الآباء والأجداد، لكن لا يوجد ما يشجعهم على العودة إلى بلاد مخطوفة بيد ميليشيات طائفية وتتبوأ هرم مؤشر الفساد الدولي.

بغداد- الرافدين
روجت مواقع ومنصات إعلامية داعمة لحكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، لمعلومات ملفقة عن عودة خمسة ملايين مهاجر عراقي من الخارج منذ بداية عام 2022، في محاولة لغسيل سمعة الوضع المتردي في البلاد وارتفاع منسوب فقدان الأمل لأجيال عراقية تعاني من البطالة والتهميش والقهر.
ونسبت المواقع الحكومية عودة خمسة ملايين مهاجر عراقي إلى الوطن، إلى دراسة أجرتها منظمة الهجرة الدولية، بذريعة عدم حصولهم على إقامة ومواجهتهم ظروف معيشية صعبة أو عدم تأقلمهم مع الوضع أو الافتقار لفرص العمل هناك.
ولا توجد معلومات دقيقة في أي دراسة تتحدث عن عودة هذا الرقم من العراقيين، فيما تحولت المعلومة الزائفة، إلى موضع استهجان وسخرية في تعليقات لمغتربين عراقيين.
ويوجد ما يقارب ستة ملايين عراقي موزعين على شتى بلدان العالم، ولا يفكر الغالبية منهم بالعودة إلى بلادهم.
ويندرج الخطاب الدعائي عن عودة المغتربين من خارج العراق ضمن سياسة التزييف المستمرة في حكومة الإطار التنسيقي واستثمار ما يسمى بـ “الهدوء السياسي الخادع” للإيحاء إلى الشارع العراقي والإقليمي بأن الأوضاع في العراق مستقرة.
ووفقاً لتقرير تكاليف حرب احتلال العراق الذي أعدته جامعة براون بعد مرور عشرين عاما على الاحتلال، فإن 9.2 مليون عراقي أصبحوا نازحين داخلياً أو لاجئين في الخارج، حيث أدى الاحتلال الأمريكي عام 2003 ومن ثم الحرب على الهوية التي شنتها الميليشيات الطائفية إلى نزوح واحد من كل 25 عراقي.
وتقدر وكالة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة ومؤشر الهجرة الدولية لعام 2020 وجود ما يقارب من 2.1 مليون مهاجر عراقي في الخارج.
وأجمع مغتربون عراقيون على أنهم يعيشون في غربة ويصارعون الحنين إلى وطن الآباء والأجداد، لكن لا يوجد ما يشجعهم على العودة إلى بلاد مخطوفة بيد ميليشيات طائفية وتتبوأ هرم مؤشر الفساد الدولي.
ونددوا في تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، بتزييف الحقائق، مؤكدين على أن غسيل السمعة للواقع المتردي في العراق، لا يتم بإعلان الأرقام الملفقة، بل بالعمل الوطني وعودة سلطات القانون والسيطرة على السلاح المنفلت وإنهاء الفساد وتوفير فرص العمل لإعادة الأمل لجيل صار يحلم بوطن يعيد له كرامته المسلوبة.
وتمارس حكومة الإطار التنسيقي حملات إعلامية لتزييف حقائق الواقع المتردي والترويج لمزاعم استقرار سياسي واقتصادي في البلاد.
وسبق أن أثارت مزاعم مستشار الأمن القومي في حكومة الإطار التنسيقي قاسم الأعرجي، عن عودة ملايين العراقيين في الخارج، والسلم الأهلي والسيطرة على سلاح العشائر، تكهنات بشأن الخطاب الحكومي الذي تجاوز مرحلة “ما بعد الحقيقة” إلى بيع التفاؤل الزائف كسلعة سياسية.


طارق جوهر: نحن لا نتحدث عن مجرد أرقام فقط، بل عن بشر وعن أسر بأكملها راحوا ضحية سوء وتردي الأوضاع الداخلية في العراق وفي إقليم كردستان، حيث استفحال الأزمة الاقتصادية والمعيشية وتفشي الفساد والبطالة وانعدام فرص العمل والغلاء
وعبّر الاعرجي وهو قيادي في ميليشيا بدر عاش وتدرب في إيران والتحق بميليشيا الحشد قبل أن يتسلم مناصب وزارية، عن تفاؤله بعودة جميع العراقيين في الخارج إلى وطنهم.
ويأتي كلام الأعرجي بعد أسابيع من إعلان الحكومة الألمانية، أن أكثر من 244 ألف شخص، بينهم عراقيون، قدموا طلبات اللجوء في البلاد، خلال العام 2022.
وأضافت الحكومة الألمانية أن عدد الأشخاص الذين تقدموا بطلبات لجوء العام الماضي ارتفع أكثر من أي وقت مضى منذ عام 2016.
يشار إلى أن الجنسيات الأكثر طلبا للجوء في ألمانيا هي السورية وتلتها الأفغانية ثم العراقية.
وأثارت مزاعم الأعرجي المفرطة بالتفاؤل عن عودة العراقيين في الخارج إلى بلدهم، سخرية وتناقضًا في آن واحد، بينما يخطط عدد كبير من العراقيين على الهجرة بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية وانعدام فرص العمل وسوء الخدمات.
وتساءل مراقبون عما إذا كان الأعرجي لا يكتفي بامتهان الكذب مثل أي سياسي آخر، وهو يعبر عن تفاؤله بعودة العراقيين المهاجرين، فيما كبار المسؤولين في حكومة الإطار ما زالوا من مزدوجي الجنسية وتركوا أسرهم تعيش خارج العراق لضمان استقرارهم المعيشي.
ولا توجد أي أرقام حكومية عن عودة عراقيين مهاجرين، فيما يتم تداول إحصائيات عن أعداد كبيرة من عراقيين يخططون للهجرة بطرق شرعية وغير شرعية.
وقال النائب في برلمان كردستان العراق، مسلم عبد الله إن من أسباب عودة مشهد هجرة الشباب الأكراد إلى الواجهة مجددًا هي الظروف الصعبة والقاهرة التي يعيشها.
وأضاف أن العشرات من الشباب الكردي يهاجرون يوميًا ويختارون طرق الموت للوصول إلى أوروبا، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، وأن تهميش الحريات وانعدام الديمقراطية وحالة اليأس التي وصل لها الشباب، هي من أسباب الهجرة، في وقت لم تضع الحكومة حدا لهذه الملفات.
وقال الكاتب العراقي كرم نعمة “دع عنك أن الوزير في حكومة الإطار التنسيقي يكذب بلا خجل، لكنه أما أحمق أو أبله عندما يعبر عن تفاؤله بعودة جميع العراقيين في الخارج إلى العراق”.
وكتب في مقال بعنوان “يأس اللاعودة المبكر” عما شعر به الملايين من العراقيين الذين هربوا من العنف الطائفي بعد احتلال البلاد عام 2003. عندما تعلم الغالبية من مهاجري الجيل الأخير اليأس وأداروا عيونهم إلى الطريق الأبعد عن بغداد، بعد أن سقطت البلاد في يد الخاطفين من لصوص الدولة وزعماء الميليشيات.

مسلم عبدالله: العشرات من الشباب يهاجرون يوميًا ويختارون طرق الموت للوصول إلى أوروبا، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، وتهميش الحريات وانعدام الديمقراطية وحالة اليأس التي وصلوا إليها
وأضاف “من الأهمية بمكان التذكير بمن حسم أمره في اتخاذ قرار اللاعودة إلى عراق الأمس مع أنه لم يتخل في قرارة نفسه عن عراقه الخاص أو الذي يتمناه ويصنعه في مخيلته، وهم نسبة كبيرة من ملايين المهاجرين العراقيين”.
وشدد على أن العراقيين في بلدان العالم، لا يمكن أن ينتزعوا جلد عراقيتهم مهما فعلوا، ليس لأنهم لا يريدون ذلك، بل لأنهم لا يقدرون على ذلك، فمجرد أن تمر على أسماعهم أغنية من تلك البلاد المتأسية على مستقبلها تنفتح سواقي الدموع. ولأنهم يعيشون اليأس من مستقبلها اختاروا اللاعودة، مقاومين موجات الحنين.
وأشار الصحفي العراقي، أحمد سعيد، إلى أن شريحة الشباب هم الأكثر تفكيرا باللجوء؛ لأنهم يبحثون عن حياة أفضل وبناء مستقبل لهم في ظل الفوضى التي تعيشها البلاد، وتراجع المستوى الأمني والاقتصادي، وغياب أفق واضح لحل هذه المشاكل.
وقال الكاتب طارق جوهر “نحن لا نتحدث عن مجرد أرقام فقط، بل عن بشر وعن أسر بأكملها راحوا ضحية سوء وتردي الأوضاع الداخلية في العراق وفي إقليم كردستان، حيث استفحال الأزمة الاقتصادية والمعيشية وتفشي الفساد والبطالة وانعدام فرص العمل والغلاء، مما يجعل الكثيرين من العراقيين يفقدون الأمل تمامًا في مستقبل آمن وكريم لهم في وطنهم، الأمر الذي يدفعهم نحو المجازفة بحياتهم حتى في سبيل الخلاص والبحث عن حياة أفضل لهم ولأطفالهم خارج العراق”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى