اتساع خارطة الفقر في بلد الموازنات المليارية!!
وزارة العمل: الفقر استشرى بمعدلات كبيرة في العديد من مناطق العراق وانتقل إلى نطاق التسول الإلكتروني.
بغداد – قناة الرافدين
قالت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، إن قضائي الكحلاء في ميسان والجبايش في محافظة ذي قار حلتا أولاً ضمن قائمة المناطق الأكثر فقرًا في العراق.
وأضافت الوزارة أن الفقر استشرى بمعدلات كبيرة في العديد من مناطق العراق وانتقل إلى نطاق التسول الإلكتروني.
وكشفت الوزارة أن هناك عصابات تستغل ظاهرة الفقر وتستأجر الأطفال والمعاقين للتسول بهم إلكترونيًا.
وتشهد محافظة القادسية هي الأخرى “وضعًا كارثيًا” بسبب عدم وجود مصادر دخل للمواطنين حيث يعتمد الكثير من سكانها على الزراعة ومع تفاقم أزمة الجفاف تحولت الكثير من مناطقها الزراعية إلى مناطق جرداء.
وقال مدير زراعة القادسية حسن مطر الوائلي إن “محافظة القادسية تعد من المحافظات الفقيرة، وهذا كان قبل تدهور الوضع الزراعي، فكيف الحال بعد الجفاف وتدهور الثروة الحيوانية”.
وأشارت تقارير صحفية أخرى إلى تفاقم ظاهرة الفقر في محافظة المثنى وأن سكانها يواجهون خطر الفقر والبطالة بشكل كبير نتيجة انحسار المساحات الزراعية إلى مستويات قياسية بسبب استمرار أزمة الجفاف، على الرغم من خصوبة أراضيها ووفرة مواردها الطبيعية وموقعها الجغرافي المهم.
وتتصدر محافظات الجنوب معدلات الفقر، ففي مقدمتها محافظة المثنى بنسبة 52 بالمائة، وتليها محافظة القادسية وميسان وذي قار بنسبة 48 بالمائة، وتبلغ نسبة الفقر في العاصمة بغداد 13 بالمائة، وفي كردستان 12.5 بالمائة، في حين تصل نسبة الفقر في محافظات الوسط إلى 18 بالمائة وفقًا لوزارة التخطيط.
وكانت الإحصائية الرسمية التي أعلنت عنها وزارة التخطيط لعام 2022، قدرت عدد العراقيين الذين هم تحت خط الفقر بأكثر من 10 ملايين مواطن بنسبة تجاوزت 25 في المائة، وأن هذه النسبة ارتفعت مقارنة بعامي 2019 و2020، حيث كانت لا تتجاوز 20 في المائة، قبل جائحة كورونا على وجه التحديد.
وتوقع المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق ارتفاع نسب الفقر خلال المرحلة المقبلة.
وذكر المركز أن نسب الفقر بلغت نحو 25 بالمائة، في حين أن احتياطي البنك المركزي يفوق الـ 115 مليار دولار، ومع انخفاض قيمة الدينار وقلة فرص العمل وارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل غير مسبوق قد يؤدي إلى زيادة نسب الفقر في البلاد.
وطالب المركز باتخاذ إجراءات استراتيجية ومدروسة للسيطرة على الأسواق المحلية ودعم قطاعي الزراعة والصناعة.
وأقرت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في العام الماضي أن ما يقرب من ربع سكان العراق البالغ عددهم نحو 40 مليونًا؛ يعيشون تحت مستوى خط الفقر، في حين يبلغ عدد الأسر العراقية المستفيدة من برامج الرعاية الاجتماعية مليونًا و400 ألف أسرة، فيما يبلغ عدد الأسر المستحقة لرواتب دائرة الرعاية ثلاثة ملايين أسرة.
ويرى ناشطون أن “مواجهة الفقر يحتاج إلى خطوات في مقدمتها تنشيط القطاع الاقتصادي بشكل عام ودعم الواقعين تحت خط الفقر في برامج الإقراض ورعاية المشاريع الصغيرة”.
وأكدوا على أن “نظام الحماية الاجتماعية المعمول به حاليًا يخص شريحة معينة من الفقراء، ولكنه نظام إعانات ومنح فقط وليس نظام تمكين”.
وشددوا أن “الأهم في الواقع العراقي ليس مواجهة حالة الفقر عن طريق توزيع الأموال، بل معالجة الملفات الاقتصادية والخدمية التي ستساهم مباشرة في تحسين الإيرادات لجميع العاملين في مختلف القطاعات”.
ويتوقع العديد من الاقتصاديين ارتفاع عدد العراقيين الذين يعيشون تحت مستوى خط الفقر إلى أكثر من 13 مليون مواطن خلال العام 2023، بسبب الأزمات الاقتصادية في البلاد والمرتبطة بانخفاض قيمة الدينار، بالإضافة إلى المتغيرات التي تشهدها الأسواق من ارتفاع كبير في مستويات الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية، وتراجع المستوى المعيشي للعائلة العراقية.
وحمل الباحث الاقتصادي أحمد صباح الحكومة مسؤولية الارتفاع الكبير في أعداد الفقراء، بسبب عدم السيطرة على الفساد الإداري والمالي، وغياب التخطيط، والخلافات السياسية، وبناء المتنفذين إقطاعيات مالية انعكست بشكل كبير على الواقع المعيشي للفئات الهشة.
وأشار أحمد صباح إلى أن أزمة السيولة النقدية وارتفاع قيمة الدولار أديا إلى غلاء أسعار السلع، حيث أصبح أصحاب الدخل المحدود غير قادرين على تغطية احتياجاتهم اليومية، بسبب غلاء المعيشة بنسبة تجاوزت 50 بالمائة عما كانت عليه قبل سنوات.
وقال الباحث الاقتصادي، نبيل جبار التميمي عوامل التضخم تزايدت بشكل كبير، ما سبب تآكلاً لدخل الفرد ونقل الأسر من مستوى الطبقة المتوسطة إلى مستويات دون الفقر.
وشدد التميمي على أهمية رفع قاعدة الشمول المالي والدفع باتجاه الاستقطاب الاستثماري في محاولة لتطبيق سياسات اقتصادية شاملة واستراتيجيات تحد من عمليات الهدر المالي السائد حاليًا في البلاد.
ويعكس ارتفاع معدلات الفقر؛ حجم الأزمات المتراكمة في البلاد، وتجاهل السلطات الحكومية تحسين الواقع المعيشي والاقتصادي للمواطنين، في ظل الهدر الكبير للمال العام وضعف آليات الشفافية مما سيؤدي إلى ارتفاعها بشكل أكبر خلال السنوات القادمة.
ويرى الناشط في القضايا الإنسانية سعيد ياسين موسى، أن “الفقر في العراق تحول إلى آفة اجتماعية، بسبب غياب السياسات التنموية وفقدان العدالة الاجتماعية التي أدت إلى ارتفاع نسبة البطالة”.
ويربط سعيد ياسين موسى بين ارتفاع نسبة الفقر في المجتمع العراقي واتساع آفة الفساد والجريمة المنظمة والمخدرات، “إذ يتم استغلال الفئات الهشة والفقيرة في ترويجها”.
ويرى مراقبون أن “ظاهرة الفقر في العراق الذي يعد من أغنى دول العالم بثروته النفطية، يعود بالدرجة الأساس إلى السياسات الحكومية الموغلة في الفساد وسرقة خيرات البلاد الغنية بمواردها”.
وقال المراقبون إن “العراق بعد العام 2003 سقطت منه الطبقة المتوسطة وهذا السقوط خلق عدم توازن اجتماعي واقتصادي مقابل ظهور طبقة غنية جدًا وأخرى فقيرة ومهمشة”.
وأكدوا أن “الحكومة في العراق لا تمتلك الأدوات الحقيقية لتوفير فرص العمل أو تحسين الرواتب في ظل الغلاء الكبير وارتفاع نسب الفقر والبطالة”.
وأشاروا إلى أن “سوء الإدارة الحكومية وسوء إدارة الموارد العامة وضعف الدولة أسباب كفيلة بإبقاء العراق تحت خط الفقر الدولي”.



