حكومة السوداني تفتح طريقًا في جرف الصخر وتمنع أهالي الناحية من العودة إلى منازلهم
افتتاح طريق بغداد - كربلاء الذي يمر بناحية جرف الصخر يفند الذرائع الأمنية الحكومية التي تمنع عودة النازحين إلى ديارهم ومزارعهم.
بغداد – الرافدين
أثار قرار السلطات الحكومية تحويل أجزاء من ناحية جرف الصخر إلى طريق مختصر بين بغداد وكربلاء، بغرض تأدية الزيارة الأربعينية الكثير من علامات الاستفهام، لاسيما أن أهالي جرف الصخر، ما زالوا مهجرين منذ نحو عقد كامل، عقب سيطرة الميليشيات الولائية على الناحية، بعد المعارك العسكرية مع تنظيم داعش.
وأعرب ناشطون عن استغرابهم من إعلان اللجنة المشرفة على زيارة الأربعين، إنجاز طريق جديد يربط بغداد بمدينة كربلاء، مرورًا بناحية جرف الصخر.
وقال عدد من الناشطين، إن أحد الأسباب التي تتذرع بها الميليشيات الولائية في منع مهجري جرف الصخر، من العودة إلى منازلهم منذ عشر سنوات، هي المخاطر الأمنية، بسبب ما قيل عن وجود ألغام ومخلفات حربية في الناحية، وهو ما يناقض تصريح لجنة الزيارة الأربعينية، التي أعلنت انتهاء “شركة حمورابي للمقاولات الإنشائية”، من تعبيد الطريق الذي يبدأ من تقاطع اللطيفية، مرورًا بجسر الفاضلية على نهر الفرات، ثم جرف الصخر والجمالية، وصولاً إلى كربلاء.
وتساءلوا عن المخاطر التي كانت تتذرع بها حكومة الإطار التنسيقي لمنع عودة سكان الناحية إليها والتي تلاشت أمام الراغبين بتأدية الزيارة حيث حث وزير الداخلية الحالي عبد الأمير الشمري خلال لقاء صحفي الوافدين إلى محافظة كربلاء بالمرور بهذا الطريق لأنه آمن.
وبينما تدفع الميليشيات الولائية في الحشد الشعبي تغيير شكل الناحية طمس تاريخها وفتح معسكرات فيها بإدارة الحرس الإيراني، ما زال المهجرون من هذه الناحية يعيشون في خيم بالية غير صالحة للعيش في مخيمات بزبيز بمحافظة الأنبار، على الرغم من أن الحرب وضعت أوزارها في الناحية منذ نحو عقد من الزمن.
وأجمع مهجرو ناحية جرف الصخر في مخيمات بزيبز في محافظة الأنبار على تفاقم معاناتهم الإنسانية بسبب إهمال الجهات الحكومية.
وقال أحد المهجرين من جرف الصخر في تصريح لقناة “الرافدين” “10 سنوات ونحن نعاني من أزمات شتى منها انقطاع الكهرباء وقلة الخيم واضطرار الكثيرين إلى بناء بيوت طينية لتكفيهم برد الشتاء وحر الصيف”.
وأقرت قائممقامية عامرية الفلوجة، بتفاقم مشكلة شح المياه، في مخيم بزيبز، جراء ضعف التيار الكهربائي وتذبذبه، وهو ما ينعكس سلبًا على ضخ مياه الإسالة، لافتة إلى أن المخيم، يعتمد على المولدات الكهربائية، إلا أنها لا تف بالغرض.
ويؤكد مهجرون من منطقة جرف الصخر إلى بزيبز، أن المخيم بلا مياه منذ أكثر من ستة أشهر، بعدما غادرت منظمة دولية كانت تدعم المخيم، وحلت محلها أخرى، غير آبهة بأحوال النازحين.
ويتوزع في منطقة بزيبز مهجرون، على مخيمات تقسم إلى سبعة قطاعات، تضم 1400 عائلة، يسكنون الخيام، غالبيتهم من الطبقات الفقيرة، ويعانون أوضاعًا متردية داخل المخيم.
وجدد المهجرون خلال لقاءات تلفزيونية أجرتها قناة “الرافدين” مطالبتهم بالعودة إلى منازلهم التي هجروا منها، منذ أكثر من 10 سنوات على يد الميليشيات.
وأكدوا على أن ظروف المعيشة في مخيم بزيبز بمحافظة الأنبار، باتت صعبة للغاية، في ظل انعدام أبسط مقومات الحياة وارتفاع درجات الحرارة.

وقال الكاتب السياسي عبد السلام ياسين السعدي خلال مداخلة له على قناة “الرافدين” إن “قضية عودة مهجري جرف الصخر يتم استغلالها سياسيًا لأغراض انتخابية”.
وأكد السعدي على أن “افتتاح الطريق الجديد الذي يمر بناحية جرف الصخر يأتي ضمن الترويج الإعلامي التي تمارسه حكومة الإطار التنسيقي ومن المتوقع أن يتم استخدامه خلال فترة الزيارة وبأعداد محدودة إلى جانب محاولة إخفاء بعض المظاهر المسلحة”.
وأضاف “لا توجد بالأساس أي مخاطر أمنية حقيقية تعيق عودة مهجري جرف الصخر بل هي مزاعم تسوقها الأحزاب والميليشيات لدوافع معروفة”.
وشدد على أن “الحجج الحكومية التي تمنع عودة النازحين إلى جرف الصخر واهنة وأن الأسباب الحقيقة تعود إلى نقل إيران عبر أذرعها المسلحة ترسانة أسلحة للسيطرة على هذه المنطقة الاستراتيجية إضافة إلى السجون السرية والحديث عن مزارع للمخدرات تم إنشاؤها في هذه المنطقة”.
وسبق أن أفادت مصادر صحفية أن الميليشيات في محافظة ديالى تمنع عودة النازحين إلى مناطقهم التي شهدت عمليات عسكرية عبر الترويج لمزاعم الملاحقات العشائرية وإلصاق التهم الكيدية.
وقالت المصادر إن الميليشيات تسعى لفرض سيطرتها على تلك المناطق لتنفيذ أجندتها ومشاريع التغيير الديموغرافي فيها، لضمان عدم عودة النازحين إليها، في ظل استمرار صمت السلطات الحكومية تجاه ممارسات الميليشيات، والتنصل من مسؤولياتها تجاه النازحين.
وأكدت على أن الميليشيات تشن حملة انتقامية من النازحين، من خلال إثارة الفتن وإلصاق التهم الإرهابية بهم، على الرغم من التدقيق الأمني الذي خضع له جميع النازحون عدة مرات.
وأكد مهجرون من قرية نهر الإمام، في محافظة ديالى، أنهم ما زالوا محرومين من العودة إلى منازلهم، بسبب سطوة ونفوذ الميليشيات.
وأشاروا إلى أن أكثر من 540 عائلة نزحت منذ عامين، من قرية نهر الإمام، على خلفية هجمات شنتها الميليشيات؛ قدمت تلك العائلات طلبات متكررة، للسماح لها بالعودة لدورها، إلا أن السلطات الحكوميةَ تجاهلت الطلبات، بسبب نفوذ الميليشياتِ على محافظة ديالى.
هذا وتؤكد تقارير حقوقية، أن آلاف النازحين والمهجرين من قرى نهر الإمام، وقرى أخرى تابعة لقضاء المقدادية في ديالى، ما زالوا يعيشون ظروفًا معيشية صعبة، بسبب نزوحهم إلى مخيمات تفتقر لأبسط مقومات العيش الأساسية.
وأفادت منظمة الهجرة الدولية في وقت سابق أن وتيرة عودة النازحين من أهالي مدينة الموصل في محافظة نينوى تباطأت على نحو كبير خلال السنوات الخمس الماضية، مشددة على أن إنهاء ملف عودة النازحين بعيد المنال.
وتشير دراسة أجرتها المنظمة إلى أن وتيرة عودة النازحين شهدت تباطؤًا وتذبذبًا كبيرين عبر المحافظة.
وكشفت الدراسة أن 70 بالمائة من النازحين يخشون العودة إلى مناطقهم الأصلية بسبب الدمار الذي لحق ببيوتهم ومناطقهم، وغياب فرص الحصول على عمل، فضلًا عن تردي الوضع الأمني لعوامل تتعلق بوجود الميليشيات المسلحة.
وأكدت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) وجود تحديات جمة تحول دون عودة النازحين إلى ديارهم.
وقال منسق الشؤون الإنسانية الأممي في العراق، غلام إسحق، إنه حتى بعد مرور سنوات عدة في مخيمات النزوح ما تزال هناك تحديات تتمثل في الأمن والإسكان وفرص كسب العيش والتعويضات تعيق عودة الكثير من العائلات إلى ديارها.
وسبق وأن أشار قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين في العراق، إلى أن بعض المحافظات المنكوبة تشهد هجرة عكسية بسبب سيطرة ميليشيات الحشد واستمرار افتعالها عمليات أو أحداثًا أمنية لتبرير بقائها، وأبرز تلك الميليشيات هي كتائب حزب الله والعصائب وكتائب الإمام علي، إضافة إلى حشد الشبك، وبابليون.
وأكد القسم في تقريره السنوي على أن وزارة الهجرة لا تعترف بمسؤوليتها تجاه النازحين، في ظل سعي السلطات إلى فرض الإغلاق القسري على المخيمات دون توفير بدائل معتبرة.
وأضاف أن القوات الحكومية والميليشيات الولائية تمنع سكان بعض المناطق في المحافظات المنكوبة من العودة إليها على الرغم من توقف العمليات العسكرية منذ سنوات، بحجج كاذبة وبصمت وتواطؤ حكومي، فيما تستغل الأحزاب السياسية ملف النازحين لتحصيل مكاسب من غير الاكتراث بمعاناتهم في انعكاس لحالة الفساد السياسي والأخلاقي للسلطات الحاكمة في البلاد.
وقال المتحدث باسم مرصد أفاد الحقوقي حسين دلي، إن “وضع النازحين المأساوي لا يخفى على أحد من المسؤولين، والمخيمات في الأيام العادية تعاني من نقص المستلزمات والمواد الإغاثية والأطعمة، واليوم يضاف لها مشكلة ارتفاع درجات الحرارة مع الخيم المهترئة التي لا تقي ساكنيها الحرارة”.
وأضاف دلي في تصريح لقناة “الرافدين” أن “المساعدات التي تصل للنازحين هي نشاطات فردية من بعض المواطنين، وهناك تنصل واضح من الحكومة الحالية ووزارة الهجرة والمهجرين وهي المسؤولة المباشرة عن وضع النازحين ومعاناتهم”.
ولا تتوقف معاناة آلاف النازحين عند مسألة استمرار وجودهم خارج مناطقهم وبلداتهم بعد أكثر من 6 سنوات على انتهاء المعارك، وذلك بسبب أجندات سياسية ورغبات الميليشيات المسلحة منعت عودتهم، وأيضًا بسبب الفساد الذي يمنع وصول الكثير من المساعدات والخدمات المفترضة إليهم، سواء تلك التي تقدمها وزارة الهجرة، أو منظمات محلية ودولية.
وكشفت لجنة النزاهة النيابية خلال شهر آب المنصرم، عن وجود ملفات فساد كبيرة داخل وزارة الهجرة والمهجرين أبرزها تتعلق بالاستحواذ على الأموال المخصصة لملف النازحين.
وقال أعضاء في اللجنة، إن حجم الفساد في أروقة وزارة الهجرة بات لا يعد ولا يحصى، وهي من أكثر الوزارات فسادًا داخل الكابينة الحكومية، مضيفين أن وزيرة الهجرة إيفان فائق، استولت على أموال المساعدات المخصصة للنازحين لأغراض شخصية وبأساليب ملتوية، حيث تصل المساعدات للنازحين خلاف المحدد لها وبمواصفات ذات جودة أقل، كما أن الأموال قد خصصت للمساعدات بمبالغ طائلة، إلا أن ما يصل من بعض المواد من المساعدات لا تتجاوز قيمتها 10 آلاف دينار عراقي.
واستهجن مراقبون الفساد في وزارة الهجرة ففي الوقت الذي تزداد فيه الحاجة لتقديم يد العون للنازحين في ظل ارتفاع درجات الحرارة والأوضاع الصعبة التي يواجهونها تتمادى الوزارة في سرقاتها.
وشددوا على أن المرحلة الحالية تقتضي تقديم تعويضات للنازحين الممنوعين من العودة لمناطقهم ويتعرضون حاليًا لحالات إغماء نتيجة ارتفاع درجات الحرارة في ظل عدم توفر التيار الكهربائي وعدم وجود المال الكافي لشراء مولدات أو أجهزة تبريد.