أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراقمجالس المحافظات: بوابة مشرعة على الفساد

الاحتلال الأمريكي للعراق مازال مستمرًا وإن اختلفت الأساليب في إدارته

القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق: كيف يمكن لمنشأة بحجم وأهمية مصفى بيجي أن تسرق وتفكك في وضح النهار ما لم يكن السراق هم من أدعياء حماية الأوطان وممتلكاتها؟ ولماذا لم يحاسب من فكك المصفى وسرقه وباع أجزاء منه لإيران وأبقى أخرى داخل العراق بعد أن تعذر عليه إخراجها؟

عمان- الرافدين
قال القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق، إن إعادة انتخابات مجالس المحافظات تم عند الحاجة إليها، وبعد أن استعرت من جديد حمى الصراعات الحزبية، من أجل الهيمنة على مقاعدها ومصالحها، بعد أن لم يثمر إلغاؤها عن شيء، ولم تختف السلبيات التي كانت تحيط بها؛ لأن الداعي للإلغاء والإعادة هي المكاسب والمصالح الحزبية الضيقة دون النظر إلى معاناة الشعب وكيفية تخفيفها وتقديم الخدمات.
وشدد القسم في التقرير الدوري العاشر عن الحالة السياسية في العراق، الذي صدر صباح الاثنين الحادي عشر من أيلول، على عدم إغفال حقيقة أن الاحتلال الأمريكي للعراق مازال مستمرًا نظريًا وعمليًا؛ وإن اختلفت الأساليب في إدارته وتنوعت الطرق في محاولات إخفائه؛ لصالح إعطاء صورة مموهة عن وجود حكومة قادرة في بغداد، ودولة حقيقية في العراق.
وأضاف “لذلك نرى بين الحين والآخر تحركات أمريكية سياسية أو غير سياسية؛ لحسابات معينة وظروف خاصة بمصالح الإدارة في واشنطن. وفي هذا السياق شهدنا خلال الشهر الماضي تحركات لوحدات أمريكية داخل مدن عراقية وقريبًا من حدوده؛ لا تعلم بها الحكومة في بغداد، وليس لديها التبرير المناسب لها، أو القدرة على إيقافها”.
وأوضح القسم السياسي في الهيئة “يبدو أن هذه التحركات هي تحركات ذات طابع سياسي بالدرجة الأولى، وأوصلت رسائل لجهات عدة ولا سيما في الداخل العراقي، وأثارت نوعًا من اللغط والترقب (المقصود) لتحقيق أهدافها؛ فضلًا عن رسائلها الخارجية وأهدافها المرحلية في الجوار العراقي، وأنه لا يمكن تحميلها -من وجهة نظرنا- أكثر من ذلك”.
وتناول التقرير الأحداث التي شهدتها مدينة كركوك، عندما تطور الصراع السياسي على النفوذ في سياق المحاصصة الطائفية والعرقية، إلى استخدام السلاح. لينتهي المشهد إلى صراع دامٍ بات أهل كركوك ضحايا له؛ حيث قتل (4) مدنيين وجرح (15) آخرين بعد إطلاق النار من القوات الحكومية وميليشيا الحشد أمام مقر قيادة العمليات، في سياق صراع المصالح بين أحزاب السلطة، التي يتهم بعضها بعضًا في المشاركة بأعمال العنف.
وأثار تقرير القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق موضوع قانون العفو العام؛ حيث لم تفلح المطالبات المتكررة بإقراره؛ بسبب وقوف الأحزاب الطائفية حائلًا دون تمريره، على الرغم من إعلانهم مرات عدة اتفاقهم على إقراراه منذ عام 2016! بسبب انقضاء المتطلبات السياسية لإعلان اتفاقهم كتشكيل حكومة أو تمرير قوانين أخرى، أو إنشاء تحالفات سياسية. لتبدأ بذلك سلسلة جديدة من المماطلة والتسويف المعهودة، فضلًا عن محاولات الابتزاز للحصول على مكاسب وتنازلات من قبل الأطراف السياسية التي تدعي تمثيلها لأهالي الأبرياء المعنيين بالعفو العام، ومن ثم يُلجأ إلى تأجيل حسم الملف إلى مرحلة لاحقة، بدون أدنى مراعاة لمآسي المعتقلين وذويهم.

شدد تقرير القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين على أن المماطلة في إقرار قانون العفو العام، تدل على عدم جدوى وجود “الحالة السنية” كتلًا ونوابًا، فيما يسمى مجلس النواب

وشدد تقرير القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين على أن المماطلة في إقرار قانون العفو العام، تدل على عدم جدوى وجود “الحالة السنية” كتلًا ونوابًا، فيما يسمى مجلس النواب؛ لأنهم غير قادرين على تنظيم جلسة للبرلمان فضلًا عن تمرير قانون العفو العام أو قوانين صارمة بإرجاع المهجرين قسرًا إلى مدنهم ومناطقهم ولجم جرائم الميليشيات.
وقال “يبقى قانون العفو العام، في ظل وجود هذه الأحزاب الطائفية والميليشيات المجرمة مجرد وعود مستخفة بعقول الشعب، ومشاعر المنكوبين والمغلوب على أمرهم، الذين ينتظرون إطلاق سراح الأبرياء وتعويضهم على ما عانوه من جرائم مرتكبة بحقهم، وسنوات صعبة وضائعة من أعمارهم، ومحاسبة كل من ساهم في اعتقال الأبرياء وتعذيبهم”.
وذكر التقرير “لم يُؤخذ مسلسل التغييب والإخفاء القسري في العراق إلى هذه اللحظة على محمل الجد في ظل استمرار مسلسل التسويف والإهمال محليًا ودوليًا، مع أن القضية متعلقة بحقوق الإنسان في العراق، الذي يوجد فيه، باعتراف دولي، ما يقرب من مليون مغيب ومخفي قسريًا، بل تجاوز الأمر إلى أن المتهمين بارتكاب جرائم الإخفاء القسري والتهجير الطائفي وارتكاب جرائم ضد الإنسانية؛ يستقبلون ويرحب بهم في المنظمات التي تدعي دفاعها عن حقوق الإنسان.”
وأضاف “على الرغم من أن منظمة العفو الدولية قد صرحت بأنّ الميليشيات المسلحة والتابعة للسلطات الحكومية ما تزال تمارس جرائم الإخفاء القسري في العراق. وشدّدت في تقرير لها، بمناسبة اليوم العالمي للمفقودين والمخفيين قسرًا، على ضرورة الكشف عن مصير المفقودين، ومعاقبة المتورطين في هذه الجرائم بما يضمن حقوق عائلاتهم؛ إلا أن هذه التصريحات لم تعقبها أي خطوات قانونية لمحاسبة الحكومات المتعاقبة في العراق على حالات الاختفاء ومساءلة الأشخاص والميليشيات المتهمة عن مسؤوليتهم الجنائية في تغييب عشرات الآلاف من العراقيين”.
وتناول تقرير القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين مأساة النازحين المستمرة وأن وزارة الهجرة والمهجرين عازمة على إنهاء ملف التهجير والنزوح بأي طريقة وإعادة مئات الآلاف من المهجرين والنازحين المسجلين رسميًا في سجلات المنظمات الدولية والمحلية قسرًا، ودون إيجاد أي حلول لواقعهم المأساوي. ولا سيما واقع الميليشيات المسيطرة على كثير من مناطق المهجرين قسريًا، فضلًا عن عدم توفير الحكومة للخدمات والبنى التحتية في المدن المستعادة عسكريًا.
وركز التقرير على فضيحة سرقة مصفى بيجي على يد ميليشيا العصائب بزعامة قيس الخزعلي، حيث عد رئيس الحكومة الحالي محمد شياع السوداني استرجاع هذه المعدات إنجازًا كبيرًا ونصرًا للحكومة!
وتساءل القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق: كيف يمكن لمنشأة بحجم وأهمية مصفى بيجي أن تسرق وتفكك في وضح النهار ما لم يكن السراق هم من أدعياء حماية الأوطان وممتلكاتها؟ ولماذا لم يحاسب من فكك المصفى وسرقه وباع أجزاءً منه لإيران وأبقى أخرى داخل العراق بعد أن تعذر عليه إخراجها؟
وأضاف “ما هي السيناريو الذي على أساسه تم التوافق بين السُرَّاق والحكومة على إعادة المسروقات بهذه الطريقة المفضوحة. وكيف يمكن تشغيل المصفاة وإيقاف استيراد المشتقات النفطية من إيران؛ وكم يحتاج هذا الأمر من وقت لإعادة كل المعدات وتركيبها وتأمين الضائع منها؛ وما هي ضمانات تحقيق ذلك وتأمينه في ظل سيطرة السُرَّاق أنفسهم -ميليشيا العصائب- المستمرة على المصفى والتحكم في إدارته؟”.
وفيما يخص مشروع الربط السككي بين العراق وإيران، قال تقرير القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق “إن طريق التنمية المقترح من حكومة بغداد؛ سيكون من الناحية الواقعية وسيلة لتنمية إيران بينما يكتفي العراق بكونه ممرًا فقط للمسافرين والبضائع الإيرانية، وبما يؤدي إلى قطع الطريق على مشروع ميناء الفاو عمليًا.”

من ينصف أسر الضحايا في ظل استمرار سياسة الإفلات من العقاب؟

وأضاف “رصد متابعون لأداء الحكومة؛ أن قيام رئيس وزراء حكومة بغداد بوضع حجر أساس هذا المشروع؛ هو تناقض جديد مع ما كان يعلن عنه رئيس الحكومة من آراء ويتبناه من أفكار؛ حيث إنه حذر في تصريح سابق له -قبل أن يكون رئيسًا للحكومة- من مخاطر هذا المشروع على الاقتصاد العراقي؟”.
وقال التقرير “مازال موضوع التجاوز على الممتلكات العامة والتعدي عليها سمة بارزة من سمات مرحلة ما بعد الاحتلال الأمريكي للعراق؛ حيث دأبت القوى السياسية والأحزاب المتنفذة منذ احتلال العراق وحتى الآن على الاستهانة بالمال العام والاستيلاء عليه بذرائع ومسوغات شتى. وقد اصطبغت الحكومات المتعاقبة بهذه الصبغة، التي جعلت العراقيين يقاسون أسوأ ظرف إنساني يعيشه بلدهم، وهو يشهد ارتفاعًا باهظًا في أسعار العقارات والإيجارات وحرمانًا لكثير من المواطنين من الحصول على أراض سكنية؛ جراء ما ارتكبه ويرتكبه السياسيون وأصحاب النفوذ من جرائم تبييض الأموال في قطاعي العقارات والأراضي.”
وأضاف “بين مدة وأخرى تقدم القوات الحكومية في أماكن مختلفة من العراق على إزالة هذه التجاوزات بطرق مختلفة، وبدون الاهتمام بأي سياقات إنسانية، أو مراعاة لكل حالة على حدة، وغالبًا ما تطال هذه الإجراءات الفئات المستضعفة في المجتمع، ولا تتعرض للفئات المستقوية بالسلطة والمستفيدة منها. وفي هذا السياق أقدمت السلطات الحكومية في محافظة الأنبار قبل أيام على هدم وتجريف عشرات المنازل المسكونة وأخرى قيد الإنشاء في ناحية (حصيبة الشرقية) في الرمادي؛ مما جعل أهلها مشردين دون مأوى؛ بعدما اضطر أصحاب هذه الدور إلى تشييدها على هذا النحو بسبب رفض البلدية والقائممقامية منحهم السندات الرسمية منذ أكثر من سنتين، على الرغم من استحقاقهم لها ووعدهم بها وحصولهم على إيصالات بمبالغ مالية مدفوعة لسلطات البلدية بناءًا على هذه الوعود”.
واختتم تقرير القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين بتناول مؤتمر نداء الأقصى الذي عقد في مدينة كربلاء برعاية “العتبة الحسينية” وجهات أخرى، في واحدة من صور الخداع الذي تمارسه السلطات الحكومية في العراق، في سياق البحث عن مقاصد سياسية وطائفية تحت غطاء دعم القضية الفلسطينية، التي لم تجد دعمًا حقيقيًا من هذا المؤتمر سوى فعاليات ومواكب ذات صبغة طائفية، وشعارات رنانة، رفعتها جهات عليها الكثير من علامات الاستفهام فيما يتعلق بمواقفها وأفكارها وانحيازها الواضح للاحتلال الأمريكي ومشروعه السياسي في العراق، فضلًا عن تبعيتها المفضوحة لإيران.
وقد سبق لقسم الإعلام في هيئة علماء المسلمين في العراق التنبيه على حقيقة هذا المؤتمر والجهات القائمة عليه التي لا تحظى بالمصداقية، ولا سيما مع سعيها من وراء هذا المؤتمر إلى تمرير خديعة هدفها استقطاب المواقف نحو محور إيران عبر بوابة حكومة بغداد وميليشياتها وأحزابها الموغلة في دماء الفلسطينيين والمنتهكة لحقوقهم أبشع انتهاك. وليس المقام بحاجة إلى التذكير بالعلاقة بين “العتبة الحسينية” في كربلاء، وشركائها القائمين على “مؤتمر نداء الأقصى الدولي” المتورطين بجرائم قتل وتغييب وتشريد تجاه العراقيين عامة وفلسطينيي العراق بشكل خاص؛ لكن البيان الختامي لهذا المؤتمر تضمن جملة من التناقضات المعتادة، ومن ذلك:
التنظير بـ”إيصال صوت الجرحى والأسرى وعوائل الشهداء إلى العالم أجمع، وكذلك إبراز معاناة الشعب الفلسطيني”، في حين يعاني عشرات الآلاف من العراقيين والفلسطينيين في السجون الحكومية المعلنة في العراق، والمعتقلات السرية التي تديرها الميليشيات، حيث ترتكب بحق المغيبين أبشع صور التعذيب والانتهاكات بدوافع طائفية.
الزعم بأهمية “دور علماء المسلمين في تعريف القضية الفلسطينية” بينما تمارس سلطات بغداد وميليشياتها نمطًا إقصائيًا، وإسكاتًا تعسفيًا، وترهيبًا غير منقطع منذ عشرين سنة؛ بحق علماء العراق ونخبه للحيلولة دون بيان حقيقة ما يجري في العراق، ولمنع كشف باطل النظام السياسي القائم في البلاد الذي شكله الاحتلال الأمريكي ويحافظ على بقائه إلى اليوم برعايته وإسناده.
التأكيد “على رفض التطبيع مع العدو الصهيوني ومحاربة جميع أشكاله”، بينما حالة التطبيع مع الاحتلال الأمريكي ومشروعه السياسي في العراق قائمة على أكمل وجه ووفق أوثق عرى الترابط بين السلطات الحكومية في بغداد والولايات المتحدة تحت مظلة التخادم الأمريكي-الإيراني.
وأعاد تقرير القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق الإشارة إلى قسم الإعلام في الهيئة بقوله “مما يدعو إلى الاستغراب استمرار بعض الجهات والشخصيات الفلسطينية خارج العراق بتصديق وترويج الخطاب الكاذب الذي تصدره حكومة بغداد، والجهات الميليشياوية المرتبطة بها وبمحور إيران، بشأن دعم القضية الفلسطينية ومزاعم نصرة القدس والمسجد الأقصى المبارك، في حين لا تؤدي أفعالها في الساحتين العراقية والسورية إلا إلى مزيد من إراقة دماء المسلمين وانتهاك حرماتهم ومقدساتهم تحت مظلة الطائفية السياسية وخطابها التحريضي”.

النازحون يعيشون أوضاعًا كارثية في معسكرات النفي الحكومية
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى