أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

العطل في العراق.. تكبيل للاقتصاد وتعطيل للحياة العامة

العطل الرسمية في العراق تتجاوز 150 يومًا مع استمرار حكومة الإطار التنسيقي بإضافة عطل ذات طابع مذهبي من غير الاكتراث بالخسائر الاقتصادية.

بغداد – الرافدين
شكلت ظاهرة العطل الرسمية في العراق واحدة من أخطر الظواهر بعد العام 2003 بسبب تأثيرها السلبي الكبير على الاقتصاد العراقي وشل الحياة العامة وتعطل عمل الدوائر الحكومية وتضرر التعليم، فيما تستمر الأحزاب بمنع العمل بقانون العطل.
ويقدر عدد أيام العطل في العراق بأكثر من 150 يوما أغلبها ذات طابع مذهبي وطائفي ووقائع مختلف عليها، مع العلم أنها لم تكن تتجاوز 16 يوما قبل 2003.
فيما أكد نواب ومسؤولون أن عدد أيام العطل الممنوحة خلال العام 2021 بلغ 105 أيام وتجاوزت 116 يومًا في العام 2022.
ويرى مسؤولون حكوميون أن موضوع العطل هو واحد من المواضيع الشائكة في العراق وتتداخل فيه أمور عدة، لأسباب مختلفة أبرزها ممارسة بعض المكونات والأحزاب السياسية، عملية فرض الهوية، مع استمرار عجز البرلمان في تمرير قانون العطل بسبب خلافات عميقة بشأنه أدّت إلى ترحيله لأكثر من مرّة إلى دورات برلمانية لاحقة.
يقول عضو اللجنة القانونية في البرلمان الحالي محمد عنوز، إن “قانون العطل وقوانين أخرى تلاحقها خلافات سياسية غير واضحة ومختلفة الأمزجة، مع العلم أنها تفيد الدولة وتساعد في تقدّمها، لا سيما أنها تتعلّق بعمل الدوائر الرسمية والمؤسسات الحكومية”.
وأشار إلى أن “المحاكم التي تتكدّس فيها، مواعيد الدعاوى القضائية والجلسات الخاصة بحضور أطراف القضايا وشهودهم، ما يتسبّب في إرباك العمل القضائي”.
وأوضح أن “أي قانون يتعارض مع توجهات الأحزاب يتعرض للتعطيل والترحيل، وثمة قوانين معطلة وترحل إلى دورات برلمانية لاحقة منذ أكثر من 10 أعوام، مضيفا أن الإرادة السياسية لتحقيق تغيير حقيقي نحو الأفضل في البلاد تعد ضئيلة، والدليل على ذلك يأس العراقيين الكبير إزاء الوضع السياسي”.
ويخسر العراق بحسب تقديرات الاقتصاديين نحو 2.5 مليار دولار شهريًا بسبب العطل الرسمية، حيث يعد في صدارة البلدان التي تعطل الدوام الرسمي للقطاعين الخاص والعام في مناسبات متنوعة ولأسباب مختلفة، وهذه العطل باتت تسبب كسادًا واضحًا.
وتفاقم العطل من أزمة الاقتصاد المستمرة التي تعيشها البلاد فيما تتجاهل الحكومة الدعوات إلى تنظيم العطل بقانون للحد من الخسائر الاقتصادية.
وقال الخبير الاقتصادي ناصر الكناني، إن “حجم الخسائر المالية لتعطيل الدوام الرسمي في دوائر الدولة كبيرة جدًا وتقدر بأكثر من 100 مليون دولار في اليوم الواحد، ورغم تلك الخسائر المالية، فهناك تعطيل للدوام بشكل غير مدروس وهذه الأمر له نتائج سلبية كبيرة على الاقتصاد العراقي”.
وأضاف الكناني أنه ” على الحكومة أخذ هذه الخسائر المالية بنظر الاعتبار كونها خسائر كبيرة جدا، وهذه الخسائر والعطل لها تأثير مباشر ومهم على الناتج المحلي الإجمالي للعراق، فتعطيل الدوام الرسمي ليس بالأمر السهل على الدولة كما يعتقد البعض، بل له تبعات اقتصادية كثيرة على الدولة والمواطن”.
وأكد ضرورة تشريع قانون العطل حتى تحدد العطلة الرسمية بشكل منظم ولا تكون هناك عشوائية في تعطيل الدوام، فالعراق يعطل حاليا أكثر من 100 يوم في السنة غير عطلة الجمعة والسبت.
وتعد شريحة العاملين بالأجور اليومية من أكثر المتضررين من العطل الكثيرة كما يرى ناشطون.
يقول الناشط السياسي ياسر عبد العزيز، إن “العطل الكثيرة، تحديدا تلك التي تصدر عن حكومات المحافظات المحلية، تؤدّي إلى مشكلات إدارية واقتصادية، لا سيما أن شريحة غير قليلة من العراقيين تعمل بصيغة الأجور اليومية، الأمر الذي يعرضها لخسارات مالية وفي النهاية لفقر حقيقي لا تعرف الحكومة عنه أي شيء”.
ولا يقتصر ضرر العطل الكثيرة على تقديم الخدمات للمواطنين والاقتصاد، بلى تعدى إلى القطاع التعليمي فهو من أكثر القطاعات تضررا، حيث يتحمل طلبة الصفوف المنتهية ضغوطًا نفسية بسبب كثرة العطل وتأجيل الامتحانات بشكل غير مدروس، إضافة إلى أن المدارس لا تستطيع إكمال المنهاج الدراسي.
وأعلنت وزارة التربية في بيان لها مؤخرًا عن تأجيل امتحان مادة الفيزياء للفرعين الأحيائي والتطبيقي ومادة الاقتصاد للفرع الأدبي ومادة الفن البيئي لفرع الفنون لتزامنه مع العطلة الجديدة التي أقرتها الحكومة.
العديد من المختصين يؤكدون أن عدد أيام العطل الحقيقية في العراق يجب ألا يتجاوز 12 يومًا في السنة، إلا أن  الأحزاب  الطائفية للعملية السياسية وقواها الميليشياوية لا يقبلون بذلك وهم من يحددون فعليا جدول العطل وتوقيتاتها وفقا لمصالحهم، وبما يتناسب مع توجهاتهم في الطائفية والتخريب.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى