أخبار الرافدين
تغطية خاصةتقارير الرافدين

حكومة السوداني تعترف: الابتزاز يعرقل عمل شركات الاستثمار

الابتزاز المالي للشركات الاستثمارية أصبح جزءًا أساسيًا من نشاط الميليشيات، حيث ينخرط زعمائها في أعمال تجارية ويديرون مشاريع عقارية وغسيل أموال قذرة.

بغداد ــ الرافدين
حذرت تقارير دولية ومحلية من استمرار الإخفاق الحكومي في حماية ملف الاستثمار في العراق وعدم اتخاذ خطوات جادة لحماية شركات الاستثمار والمستثمرين من دوامة الفساد والروتين إضافة إلى التهديد الأمني الذي يعرقل الاستثمار داخل البلاد.
ولا ينتهي إعاقة عمل الشركات الاستثمارية في العراق بالمخاطر الأمنية فحسب، بل يتجاوزها إلى وجود العشرات من الميليشيات المسلحة تحت يافطة “الحشد الشعبي” والتي تستحوذ على بعض المشاريع الاستثمارية وتقوم بفرض الإتاوات على الشركات والمستثمرين.
وقال النائب هادي السلامي، إن عمل الشركات الاستثمارية العالمية في العراق، يحتاج إلى استقرار الأوضاع الأمنية، وأن الفترة الماضية لم تشهد عمل تلك الشركات بسبب وجود خلل في الملف الأمني من خلال عمليات القتل والخطف وغيرها في البلاد.
وأكد على أن العراق ما زال يحتاج إلى الشركات الاستثمارية العالمية بمختلف المجالات، خصوصًا بما يتعلق بإعمار المدن وتأهيل البنى التحتية، مبينًا أن العراق يجب أن يكون ساحة لكل الشركات الاستثمارية العالمية، وليس حكرًا على شركات لدول وجهات معينة.
واتهم السلامي الحكومة بعدم تقديمها أي خطوة جديدة بشأن دخول الشركات الاستثمارية العالمية سواء الأمريكية أو غيرها.
واعترف رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني في مقابلة مع شبكة “سي.أن.أن” الأمريكية بوجود عمليات فساد وابتزاز ضد الشركات الاستثمارية الأجنبية، ودعا الشركات الأمريكية إلى عرض ما لديها من تحديات لعملها في العراق، فيما اعتبر مراقبون تصريحات السوداني بمثابة اعترافًا ضمنيًا لما تقوم به الميليشيات من فرض الإتاوات على المستثمرين داخل البلاد.

الدكتور عبد الوهاب القصاب: لا توجد هناك آفاق لعودة الاستثمارات الأجنبية إلى العراق ما لم يتم إزالة معرقلات عمل شركات الاستثمار.

وكشف تقرير سابق لصحيفة نيويورك تايمز بأن الميليشيات باتت تثري نفسها عبر الاحتيال المصرفي والاختلاسات والفساد الحكومي.
وذكر أن الجانب الاقتصادي والمالي أصبح جزءًا أساسيًا في نشاط الميليشيات، حيث ينخرط بعضها في أعمال تجارية ويدير مشاريع ربحية مما يشير إلى تعاظم دور الميليشيات في البلاد.
وأقر مسؤولون حكوميون بوجود مشاكل وصفوها بأنها “غير خافية” في العراق، تتعلق بملف الاستثمار، أبرزها التدخلات الميليشياوية والسياسية وانهيار الأمن، إضافة إلى الفساد المستشري في جميع مفاصل الدولة.
وشددوا على أن سبب إخفاق ملف الاستثمار يعود إلى تدخل الميليشيات المسلحة، مبينين أنه يتعين على الشركات إرضاء الميليشيات الموجودة في المنطقة، لتتمكن من إنجاز عملها أو مشروعها يضاف إليها مسألة الروتين والفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة.
وأشار الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، على وجود جهات سياسية وأخرى مسلحة تريد خراب العراق، كما أن بعض هذه الجهات تريد أن تحصل على نسب مالية وربحية من مشاريع الاستثمار، من خلال الابتزاز إعلاميًا وسياسيًا.
واعتبرت لجنة الأقاليم البرلمانية أن الفساد المالي والإداري في العراق يحتاج إلى ثورة للقضاء عليه، كونه متغلغلًا بمختلف مؤسسات الدولة.
وقالت اللجنة إن هناك العديد من المشاكل بالمحافظات أبرزها في مشاريع الاستثمار والإعمار، مع وجود فساد مالي وإداري في مختلف المحافظات، مطالبة برصد الفاسدين وإزاحتهم من هذه المؤسسات.
وأشارت إلى أن هناك جهات متنفذة تمنع مكافحة الفساد بشكل مباشر وعدم الكشف عن الفاسدين.
وأكد زميل المركز العربي للدراسات وأبحاث السياسة الدكتور عبد الوهاب القصاب، على وجود الكثير من التحديات التي تواجه الشركات الأجنبية التي ترغب بالاستثمار في العراق.
وأضاف القصاب في تصريح لقناة “الرافدين” بأنه لا توجد هناك آفاق لعودة الاستثمارات الأجنبية إلى العراق مالم يتم إزالة معرقلات عمل الشركات الاستثمارية.
وأشار إلى تعاظم نفوذ الميليشيات من خلال تشكيلها شبكات مصالح فساد عالية المستوى بهدف إرضاء أسيادها وتمويل عناصرها في ظل غياب الإرادة الحقيقية لمحاربة أساليب الفساد والابتزاز في العراق.
وأكد على أن العملية السياسية العرجاء التي جاء بها المحتل بعد عام 2003 لم تنجح في إنتاج رجل دولة حقيقي لقيادة البلاد، بل لتسوية المصالح والأجندات الخارجية.

نوري حمدان: تعهدات رئيس الحكومة الحالي محمد شياع السوداني بمحاربة الفساد هي مجرد تصريحات سياسية ليس لها أثر على أرض الواقع.

وقال الباحث السياسي نوري حمدان، إن الحكومة في العراق هي من تمنع الشركات من الاستثمار داخل البلاد.
وأضاف نوري حمدان خلال حديثه لبرنامج “تحت الضوء” الذي تبثه قناة “الرافدين”، أن تعهدات رئيس الحكومة الحالي محمد شياع السوداني بمحاربة الفساد هي مجرد تصريحات سياسية ليس لها أثر على أرض الواقع، لأنه غير قادر على تحدي زعامات المحاصصة.
وأكد على أن الإرادة في الإنجاز والاستثمار “ممنوعة” بسبب الفاسدين، حيث يتم محاربة المستثمر وفقًا لنظام المحاصصة الذي يقيد عمل المستثمرين ويجبرهم على دفع الإتاوات من أجل الحصول على المشاريع الاستثمارية.
وتتعدى تأثيرات الميليشيات على جلب المستثمرين، ليس بمجرد تهديدها للأجانب الموجودين على الأراضي العراقية والاعتداء عليهم في بعض الأحيان، إلى انخراطها أصلا في الحياة الاقتصادية واستيلائها على بعض المشاريع وإدارتها للمرافق المدرة للأرباح.
وسبق أن سجل العراق العديد من حالات الابتزاز ضد المستثمرين من قبل قادة الميليشيات، وصولًا إلى الاستيلاء على مشاريعهم كونها تدر أرباحًا ضخمة يحتاج إليها هؤلاء في الإنفاق على تنظيماتهم المسلحة شديدة النهم للمال.
وكشف تقرير سابق للصحافي الأمريكي روبرت وورث لصحيفة نيويورك تايمز، حيث وردت فيه تفاصيل عن قصة المستثمر العربي الذي استولت ميليشيا كتائب حزب الله، على مشروعه الاستثماري الذي أقامه في مطار بغداد الدولي بالاستناد إلى عقد حكومي وأجبرته على مغادرة العراق تحت طائلة التهديد، حيث قال له أحد عناصر الميليشيا “نحن القانون” عندما حاول المستثمر التمسك بحقه واللجوء إلى القانون الذي ينظم الاستثمار.
وقال وورث في تقريره إن الميليشيات أصبحت تشكل طبقة جديدة أخلاقياتها الوحيدة هي إثراء الذات وعلى مر السنين أتقنت هذه العصابات الحيل والاختلاس على جميع المستويات.

الناشط عادل الجبوري: الاستثمار يحتاج إلى بيئة آمنة وذلك غير متحقق بالعراق في ظل تسلط الميليشيات على الشركات والعجز الحكومي.

وقال الصحفي والناشط المدني عادل الجبوري، إن الاستثمار يحتاج إلى بيئة آمنة وذلك غير متحقق بالعراق في ظل تسلط الميليشيات على الشركات والعجز الحكومي.
وأضاف الجبوري في تصريح لقناة “الرافدين” أن الميليشيات تعمل على عرقلة استقرار البلد من أجل تحقيق مكاسبها الاقتصادية.
وحل العراق في المرتبة 157 في قائمة تضم 164 بلدًا وفقًا لأحدث تصنيف عالمي للبلدان الأكثر أمانًا.
ونشرت مجلة “كيو وورلد” قائمة تضم أكثر البلدان أمانًا في التصنيف العالمي لعام 2023، وهو قياس يعتمد على البيانات للسلامة العالمية، حيث يعد الشعور بالأمان لدى المسافرين من حيث إنشاء المشاريع التجارية أو قضاء رحلات عمل.
وشهدت المحافظات العراقية وتحديدًا الجنوبية عنفًا عشائريًا متصاعدًا تجاه الشركات النفطية، إذ بلغ الأمر حد إغلاق حقل الناصرية النفطي وإطلاق النار على العاملين في أحد المشاريع النفطية مما أدى إلى مصرع أحد المهندسين في موقع العمل.
وقال النائب جاسم عطوان العلواني، إن سوء الأوضاع الأمنية في محافظة ميسان وانتشار البطالة بين الشباب من أبرز العوامل التي أدت إلى مغادرة الشركات الاستثمارية نتيجة للبيئة غير المستقرة بالمحافظة.
وأشار إلى اضطراب الأوضاع الأمنية نتيجة النزاعات المتفاقمة بين الميليشيات إضافة إلى النزاعات العشائرية.
وقال مراقبون للشأن العراقي، إن وتيرة العنف العشائري والتهديد المسلح للمشاريع والمؤسسات الاستثمارية في البلاد تتصاعد باستمرار ما دفع المستثمرين إلى خوض جولات من المفاوضات مع بعض العشائر والتي تحسم في الغالب بدفع الأموال.
وأضاف المراقبون أنه في حال عدم التوصل لاتفاق محدد تبدأ مرحلة التهديد بقوة السلاح التي ترغم المستثمر على إيقاف العمل خشية على حياته وحياة العاملين في المشروع الاستثماري.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى