عام دراسي جديد بواقع يزداد بؤسًا!!
أولياء أمور الطلبة يعبرون عن غضبهم من اكتظاظ الصفوف ونقص الكتب المدرسية بعد وعود وزارة التربية بإكمال الاستعدادات لاستقبال العام الدراسي
بغداد – الرافدين
أثارت مناظر اكتظاظ الصفوف في كثير من مدارس البلاد مع نقص كبير في الكتب المدرسية، غضب واستياء أولياء أمور الطلبة مع بداية العام الدراسي الجديد لا سيما بعد إعلان وزارة التربية عن إكمال جميع استعداداتها لاستقبال الطلبة.
وبدأ العام الدراسي بالتحاق أكثر من 13 مليون طالب إلى مقاعد الدراسة وهو أعلى رقم يتم تسجيله في العراق، في حين تعاني البلاد من نقص كبير في أعداد المدارس يقدر بحوالي 9 آلاف مدرسة (كما تقول تقول وزارة التربية).
وتبين أرقام وزارة التربية والتعليم الحالية بأن عدد المباني المدرسية هو 16 ألفا و800، علما أن أعداد المدارس المصرح لها هو أكثر من 25 ألف مدرسة.
ونتيجة للاكتظاظ والنقص الكبير في أعداد المدارس الحكومية توجهت وزارة التربية للعمل بنظام الدوام المزدوج، وهو ما يفند مزاعم المسؤولين الحكوميين بشأن بناء مدارس جديدة وافتتاحها.
وقال أولياء أمور الطلبة إن المدارس تعاني نقصًا كبيرًا بالرحلات ما يضطر التلاميذ للجلوس على الأرض إضافة للنقص في أعداد المعلمين رغم المناشدات الكثيرة للجهات المسؤولة.
وعبر أولياء الأمور عن غضبهم لعدم توفير وزارة التربية للكتب المدرسية وتوفرها بكثرة في الأسواق ما يضع عليهم أعباء مالية إضافية في ظل الأزمة الاقتصادية في البلاد.
وأعلنوا عن رفضهم لأعمال هدم بعض المدارس مع بدء العام الدراسي من غير توفير بديل لأبنائهم، وأنهم لا يستطيعون تسجيلهم في المدارس الأهلية بسبب الوضع المعيشي ولم يبق خيار لهم إلا نقلهم لمدارس بعيدة عن مناطقهم.
يقول أحد أولياء الأمور من قضاء الزوراء في بغداد معترضًا على أعمال الهدم، “نرفض هدم المدارس من غير توفير بديل، ولا نستطيع تحمل تكلفة نقل أولادنا إلى مدارس بعيدة عن مناطقنا”.
ويضيف في حديث لقناة الرافدين الفضائية “هناك اتفاق بين المسؤولين وأصحاب المدارس الأهلية كي نضطر لتسجيل أولادنا فيها، لكن كثير من الأهالي لا يسمح وضعهم بذلك، وما تقوم به وزارة التربية هو نشر للتجهيل ولن نقبل به”.
وأظهرت مشاهد تداولتها منصات التواصل الاجتماعي صفوف بلا رحلات في مدارس من محافظات كربلاء والمثنى والبصرة، ومدارس أخرى تعاني اكتظاظًا شديدًا مع رحلات رديئة ومكسرة.
وتتكرر أزمة نقص الكتب المدرسية كما في كل عام، حيث تعاني أغلب المدارس من نقص في المناهج الدراسية لجميع المراحل، ويتلقى آلاف التلاميذ دروسهم من دون استلام الكتب.
يقول مواطن آخر من بغداد لقناة الرافدين الفضائية، “المدرسة التي يدرس بها أبنائي غالية الطلبة يجلسون على الأرض وتعاني اكتظاظا، في المقابل يقومون ببناء مدارس أهلية في القرب من المنطقة”.
ويضيف “أغلب الطلبة لم يحصلوا على كتب مدرسية، وكثير من أولياء الأمور ممن لديهم كلاب كثر لا يستطيعون شراء الكتب، وتصريحات المسؤولين بشأن توفير جميع المستلزمات كلها كاذبة”.
وسبق أن أصدرت وزارة التربية تصريحا رسميا أعلنت فيه إكمال الاستعدادات ومن ضمنها ملف طباعة الكتب التي قالت إنها بدأت به بشكل مبكر، غير أن انطلاق العام الدراسي حمل صدمة لأغلب الطلبة وعوائلهم.
وقال الأكاديمي والباحث السياسي هلال الدليمي، في تصريح لقناة الرافدين، إن “ما يحدث للتعليم في العراق هو هدم منظم على يد حكومات الاحتلال، وعندما يكون الفساد هو السمة البارزة في كل مفاصل الدولة فإن التعليم هو المتضرر الأكبر”.
وأضاف الدليمي “عندما يجد ولي أمر الطلب المدارس الحكومية تعاني منقص في المستلزمات والمعلمينإ ودوام مزدوج فلا يبقى له خيار إلا المدارس الأهلية والتي باتت تشكل عبئًا على التعليم في العراق”.
ويرى مراقبون أن انتشار المدارس الأهلية في السنوات الأخيرة أحد أهم أسباب تردي واقع المدارس الحكومية، لأن الغالبية العظمى من هذه المدارس هي لمتنفذين ومسؤولين حكوميين.
وبين مراقبون أن عدم توفير الوسائل التعليمية المناسبة يؤدي إلى تراجع مستوى التعليم وانخفاض معدلات النجاح للطلاب، وهذا يعود بشكل مباشر إلى عدم الاهتمام بالنظام التعليمي وعدم تخصيص الموارد اللازمة لتطويره.
يقول المتحدث باسم نقابة المعلمين ناصر الكعبي إن “النقابة قابلت جميع رؤساء الحكومات، وتحدثت مرارا عن انهيار المستوى التعليمي، واكتظاظ الصفوف، وانتشار المدارس الأهلية التي تقف وراءها طبقات متنفذة وجهات سياسية. المحاصصة الحزبية هي أساس فشل التعليم العراقي، والتي بنيت على أساس الولاءات وليس الكفاءات، ما أدى إلى انتشار مدارس أشبه ببيوت صغيرة مستأجرة الهدف منها الاستثمار”.
وأضاف الكعبي أن ” جميع خطط الحكومات السابقة، وحتى الحالية، لم تحقق النجاح في قطاع التعليم، ولم تعط للكفاءات استحقاقاتها، والعراق بحاجة إلى 20 ألف مدرسة، علما أن الحكومة لم تباشر بعد في إنشاء 10 آلاف مدرسة في إطار مشروع بناء المدارس الصينية”.
وكان العراق في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي يمتلك نظامًا تعليميًا يعد من أفضل أنظمة التعليم في المنطقة، وحتى في تسعينيات القرن الماضي والسنوات التي سبقت احتلال العراق عام 2003 وبرغم الحصار والأوضاع الاقتصادية والمعاشية الصعبة فإن التعليم كان أفضل حالًا مما هو عليه خلال العشرين سنة التي أعقبت الاحتلال والتي تولت فيها حكومات فاسدة إدارة الدولة حيث تدهور واقع التعليم بشكل مأساوي وملحوظ.
ويعد الفساد المتغلل في جميع مفاصل الدولة أبرز المعوقات أمام النهوض بالمؤسسة التعليمية، إذ تشير تقارير دولية إلى أن 50 بالمائة من مدارس البلاد بحاجة إلى تأهيل، إضافة لبناء مدارس جديدة.