أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

هل يطفو العراق على مساحات شاسعة من الجثث والمقابر الجماعية؟

اكتشاف المزيد من الجثث مجهولة الهوية مؤشر على تكريس الإفلات من العقاب لمرتكبي جرائم القتل على الهوية من الميليشيات الطائفية.

واسط – الرافدين
أدانت مراصد حقوقية التعتيم الحكومي على ملف دفن الجثث المجهولة في العديد من محافظات العراق والتي لا يتم التحقيق الفعلي فيها، خصوصًا في الحالات التي تتورط فيها ميليشيات الأحزاب الحاكمة.
وأكدوا على أن اكتشاف المقابر الجماعية الأخيرة تكتشف استمرارية الميليشيات في جرائمها الطائفية والتخلص من تلك الجثث عبر دفنها في مناطق نائية للتستر على هذه الجرائم.
وشددوا على أن تلك الجرائم المفضوحة لكبار قتلة العراقيين على الهوية لا يمكن أن تسقط حقوق الأبرياء بتقادم السنوات.
وتجمع المراصد الحقوقية على أنه ليس من المنطق أن تستمر عمليات العثور على جثث “مجهولة الهوية” ومقابر جماعية دون أن يعرف مرتكبو هذه الجرائم.
وتعد المقابر الجماعية جرحًا نازفًا لم يلتئم في صدور العراقيين، الذين ما زالوا يستفيقون بين الحين والآخر على أنباء العثور على رفات ضحايا من أقربائهم المفقودين، لتبقى تلك المقابر شاهدًا على جرائم الميليشيات بحق المواطنين.
وعثر على مقبرة في منطقة نائية بأطراف مدينة الكوت جنوب شرقي محافظة واسط تضم رفات أكثر من 45 جثة من مجهولي الهوية، دفنت في سنوات مختلفة.
وقالت مصادر محلية إن الجثث المدفونة من منطقة الصويرة أو المناطق المجاورة لها. جمعها شخص بالتنسيق مع البلدية التي تكفلت بدفنهم في مقبرة تابعة لإحدى المراكز الدينية في عام 2005، وكتب على القطع الحديدية التي وضعت على شواهد القبور، أرقام لا أحد يعلم إلى أي شيء ترمز وتحتها التاريخ والمنطقة التي عثر فيها على الجثة.

علي القيسي: العراق بحاجة إلى لجنة تحقيق دولية محايدة لفتح ملف مقابر الجثث مجهولة الهوية
ويرى الناشط الحقوقي علي القيسي أن “جميع الحكومات المتعاقبة بعد العام 2003 لا تستطيع فتح ملف الجثث مجهولة الهوية لأنها متورطة بالأساس بعمليات قتل وإعدام خارج القانون ضد العراقيين”.
وأضاف القيسي في تصريح لقناة “الرافدين” الفضائية أن “العراق بحاجة إلى لجنة تحقيق دولية محايدة لفتح هذا الملف”.
وأشار أن “ميليشيات الأحزاب أوغلت بالإجرام بسبب استمرار سياسة الإفلات من العقاب لصالح تلك الأحزاب”.
ويتفق الكاتب والمحلل السياسي عبد القادر النايل إلى ما ذهب إليه القيسي قائلا إن “السلطات الحكومية تتستر على جرائم الميليشيات ولم تحاسب من يقف وراء المقابر الجماعية المكتشفة”.
وأضاف النايل في تصريح لقناة “الرافدين” الفضائية أن الكثير من مناطق الجريمة يخضع لسيطرة الميليشيات لذلك لا يتم الإعلان عن المقابر الجماعية إلا بصورة شحيحة.
ويرى مراقبون أن استمرار ظاهرة الجثث المجهولة من خلال المقابر الجماعية المكتشفة لها دوافع الطائفية وراء القتل تتمثل بالتغيير الديمغرافي.
وشددوا على ضرورة عدم طمر الجثث مجهولة الهوية من قبل الجهات الحكومية إلا بعد أخذ عينات لإجراء فحوص الحمض النووي، وحفظ معلومات الجثث كل على حدة من أجل التعرف إليها، وتوصل ذوي المفقودين إلى الجثث.
وقالت الناشطة في مجال حقوق الإنسان في العراق، ابتهال محمد الجبوري، إن “أي ضحية يتم العثور عليها، سواء كانت ملامحها واضحة أو لا، فإن طريقة الجريمة لا يمكن أن تكون فردية، أي أن المشاركين بالقتل هم جماعة”.
وأضافت “جرائم القتل التي تقع لضحايا الجثث المجهولة تكون بالترصد والقصد في القتل وهي ليست حالات عادية، وهذا الأمر يشمل ما إذا كانت الجرائم ذات دافع طائفي أو إرهابي أو جريمة لها علاقة بخلافات شخصية أو ثأرية”.
وأكدت على أن “الفترة الأخيرة شهدت ارتفاعًا بأعداد العصابات والشبكات التي تمارس الابتزاز والقتل المنظم، وعدم التخوف من ارتكاب الجرائم، وهذا يشرح الفشل الكبير في جوانب الاستخبارات وجهود قوات الأمن في معرفة الجريمة قبل وقوعها”.
وأرجع الخبير الأمني أحمد الشريفي هذه الحوادث إلى “استمرار السلاح المنفلت خارج سيطرة الدولة”، معتبرًا أنه يهدد أمن الدولة والسلم الأهلي والمجتمعي.
عبد القادر النايل: السلطات الحكومية تتستر على جرائم الميليشيات ولم تحاسب من يقف وراء المقابر الجماعية المكتشفة
وقال “اكتشاف المزيد من الجثث مجهولة الهوية يثير مخاوف المواطنين بشكل مستمر، ويؤشر على عدم الاستقرار الأمني”.
وذكر تقرير سابق لقسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين في العراق إن المقابر الجماعية في العراق علامات قاتمة تدلل على الخسائر البشرية المروعة، وإن استمرار اكتشاف المزيد منها ينذر بالمصير المحتوم لعشرات الآلاف من المغيبين قسرًا من أبناء المحافظات العراقية ولاسيما المحافظات المنكوبة بفعل الحرب التي شنتها القوات الحكومية وحلفاؤها سنوات.
وأكد التقرير أنه ما يزال العراق ما بعد الاحتلال الأمريكي يتذيل قائمة الدول في قضايا حقوق الإنسان بشكل عام، وما تزال الحكومات المتعاقبة متقاعسة عن محاسبة مرتكبي الانتهاكات بحق المدنيين العراقيين، ولاسيما المسؤولين عن المقابر الجماعية وجرائم الاختفاء القسري والقتل خارج القانون
وأضاف التقرير أنه ما يزال الآلاف من الضحايا المدنيين العراقيين في عداد المفقودين، الذين يتم كشف النقاب تباعًا على أنهم مدفونون في مقابر جماعية تركها عناصر تلك الميليشيات؛ الأمر الذي يفسر سبب كون عمليات نبش الجثث غائبة أو بطيئة للغاية، وربما منحازة سياسيًا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى