أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

أزمة رواتب موظفي كردستان العراق بين فكّي حكومتي السوداني والبارزاني

استمرار صراع حكومة الإطار التنسيقي في بغداد مع عائلتي البارزاني والطالباني الحاكمتين في كردستان العراق على توزيع المغانم، يحول دون حصول موظفي الإقليم على رواتبهم.

أربيل – الرافدين
يكتنف الغموض مصير أزمة رواتب موظفي كردستان العراق نتيجة الخلافات المستمرة بين حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، وحكومة كردستان العراق على تقاسم الحصص والمغانم الحكومية، بعيدًا عن معاناة المواطن الذي يدفع ثمن هذه الخلافات.
وتستمر حكومة بغداد وأربيل بالمماطلة في حل أزمة الرواتب لموظفي كردستان العراق واتخاذ عودة الصادرات النفطية عبر الأراضي التركية وعدم إطلاق الحكومة في بغداد للرواتب ذريعة سياسية وسببًا لربط تأخير صرف الرواتب للموظفين، ما دفع بحزب الاتحاد الوطني الكردستاني إلى الدعوة لنبذ الخلافات السياسية.
وتتبادل بغداد وأربيل الاتهامات بين الطرفين، حيث تتهم بغداد أربيل بعدم الالتزام باتفاقية الميزانية، والتي بموجبها يطلب من حكومة إقليم كردستان تسليم 400 ألف برميل يوميًا من إنتاجها من النفط الخام إلى شركة التسويق الحكومية سومو من أجل ذلك، للحصول على حصتها من التمويل.
وفشلت حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني في إقناع تركيا بالاستئناف الفوري لصادرات النفط من شمال العراق، مع أن تركيا أعلنت أن الأنبوب جاهز لعمليات نقل النفط العراقي.
وقال مصدران مطلعان في قطاع الطاقة: إن وزير النفط العراقي ووزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار لم يتوصلا إلى اتفاق على الاستئناف الفوري لصادرات النفط من شمال العراق، لكنهما اتفقا على عقد المزيد من المحادثات في المستقبل.
ويرى مراقبون أن تركيا تربط ملف تصدير النفط من شمال العراق بملفات سياسية أخرى قبل السماح بمرور النفط العراقي عبر الأنابيب التركية. بينما مصدر القرار في حكومة الإطار التنسيقي بشأن حزب العمال الكردستاني مرتبط بإيران، حيث يتم التنسيق بين حزب العمال وميليشيات الحشد الشعبي لحماية طريق طهران عبر العراق وسوريا إلى البحر المتوسط.
وتعتبر ميليشيا الحشد الشعبي سنجار منطقة استراتيجية لتواجدها بالتنسيق مع حزب العمال الكردستاني، وفق مخططات فيلق القدس الإيراني في شمال العراق، وأنها مستعدة للتعاون مع “الشيطان” من أجل التشبث فيها.
ويمثل الممر البري لإيران من طهران إلى بيروت مرورًا ببغداد ودمشق، منفذًا بريًا على البحر، وهو أمر بالغ الأهمية من الناحية الاستراتيجية، سيما أن طهران اعتمدت خلال السنوات الماضية على الطيران لإمداد ميليشياتها بالسلاح والمؤن.
وقال الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني إن حكومة السوداني تماطل في تنفيذ الاتفاقات التي أبرمتها مع أربيل، بعد مرور نحو 10 أشهر على الاتفاق وتشكيل الكابينة الحكومية، مبينًا أنه جرى تنفيذ بعض النقاط بشكل مخالف للاتفاق، فيما لم تنفذ بعض النقاط الأخرى.
ومع بداية العام الدراسي الجديد، واصل المئات من الموظفين والمعلمين والمحاضرين المجانيين في مدن شمال العراق، تظاهراتهم وإضرابهم العام مطالبين بصرف مستحقاتهم الشهرية، وتثبيت المحاضرين المجانيين على الملاك الدائم.
وتجمع المحتجون وسط شارع سالم، مركز محافظة السليمانية، بالإضافة إلى تظاهرات مماثلة للموظفين والمعلمين في حلبجة وشهرزور ومناطق من كرميان.
وقال ممثل المحتجين، محمد كمال، خلال مؤتمر صحافي إن “الإضراب سيستمر لغاية الاستجابة للمطالب، المتمثلة بصرف رواتب الأشهر الثلاثة الماضية بصورة كاملة، وكذلك الالتزام بصرف الرواتب الشهرية التالية بوقتها المحدد وتثبيت المحاضرين المجانيين”.
يشار إلى أن جامعتي السليمانية والتقنية في محافظة السليمانية أعلنتا انضمامهما إلى المؤسسات المضربة عن الدوام بسبب تأخر صرف الرواتب.
ويعاني الموظفون والمتقاعدون في كردستان العراق من تأخر صرف رواتبهم الشهرية لفترات طويلة، ما تسبب بأزمة خانقة أثرت على الواقع الاجتماعي والاقتصادي في محافظات كردستان العراق.
وقال القيادي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، برهان شيخ رؤوف، إن ضحية عدم التوافق بين الطرفين هم الموظفون والمتقاعدون الذين لم يستلموا رواتبهم بالرغم من الزيارات والاجتماعات التي تقوم حكومة أربيل.
وأضاف أن حكومة كردستان العراق تواصل التنصل عن تسليم رواتب الموظفين بذريعة عدم إرسالها من الحكومة في بغداد.
ويتهم سياسيون وناشطون أكراد الأحزاب في حكومة أربيل باللامبالاة التي أدت إلى تردي الأوضاع في محافظات كردستان العراق بسبب فسادها.
وأكد العضو في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني غياث السورجي، عدم وجود ارتباط بين رواتب الموظفين في كردستان العراق وعودة الصادرات النفطية عبر الأراضي التركية.
وقال إن “حل أزمة الرواتب يحتاج إلى تجاوز الخلافات بين بغداد وأربيل لضمان حقوق الموظفين”، مبينًا، أن “الملف النفطي والتصدير لهذه الثروة وإيراداتها أصبح بيد بغداد وهي من تتحكم بزمام الأمور في هذا الملف”.
وشدد على ضرورة إبعاد ملف رواتب الموظفين عن المهاترات السياسية والخلافات الدائرة بين بغداد وأربيل، في وقت لا تزال هناك أطراف تعمل على تنفيذ أجندات إقليمية من أجل استمرار الخلافات والمشاكل بين بغداد وأربيل، في إشارة لدور إيران في توسيع نفوذها داخل كردستان العراق.

آرام محمد: الوضع المالي لسكان كردستان العراق في أسوأ أحواله في ظل تفاقم نسب الفقر والبطالة وفساد أحزاب السلطة
وهو ما أكده مراقبون، من أن إيران لها دور في كل الذي يحصل عبر أحزابها في حكومة الإطار لأنها تمارس ضغطًا على الأكراد خصوصًا الحزب الديمقراطي الكردستاني لتنفيذ أجندتها.
وقال السفير الأمريكي الأسبق لدى العراق جيمس جيفري: “إن إيران استخدمت الميليشيات التابعة لها للضغط على أربيل من خلال اتباع النموذج اللبناني”.
وأضاف جيفري، في تقرير أورده موقع المونيتور المختص بأخبار وتحليلات الشرق الأوسط، مطلع أيلول 2023، أن “إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب كانت قد تصدت لهذه الاستراتيجية الإيرانية وضغطت من أجل التصدي لمخالب إيران أو ميليشيات محددة داخل الهياكل الحكومية في بغداد”.
وأكد على أن إدارة بايدن لا تفعل أي شيء في هذا الصدد، لأنها على الأرجح، لا ترغب باستفزاز إيران في ظل سعيها لإحياء الاتفاق النووي.
وأشار إلى أن إدارة بايدن اتبعت نهج عدم التدخل بالخلافات بين بغداد وأربيل لأنها خلافات داخلية.
وقال عضو حراك الجيل الجديد آرام محمد إن محافظات كردستان العراق تعيش حالة حرجة وصلت إلى مراحل خطيرة مع إعلان المدارس والمؤسسات الحكومية الإضراب عن العمل، مشيرًا إلى أن الوضع المالي للسكان في أسوأ أحواله في ظل تفاقم نسب الفقر والبطالة وفساد أحزاب السلطة.
وسبق أن حمل الكاتب لسياسي عدالت عبد الله، مسؤولية الأزمة الاقتصادية وقضية رواتب الموظفين في الإقليم إلى حكومتي بغداد وأربيل.
وقال إن “كلا الطرفين على ما يبدو ليست لديهما إرادة حقيقية لحسم الخلافات التي تتمثل في المواد والبنود الخاصة بقانون الموازنة، على الرغم من تشكيل لجان متعددة بين الطرفين والدخول في تفاصيل القانون”.
وأوضح أن “الأمر يعود لعدم مهنية عدد من الذين ضمن تشكيلة اللجان الخاصة بمناقشة قانون الموازنة وحصة الإقليم”، مشيرًا الى أن “من يريد حل الأزمة يجب أن يمتلك الجدية، خاصة أن المواطن الكردي هو الضحية”.
مطالبات مستمرة ولا مجيب
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى