أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

معادلة الفساد والفقر: ربع العراقيين فقراء ومائة مليار دولار في احتياطي البنك المركزي

في اليوم الدولي للقضاء على الفقر: آفة اجتماعية يديرها الفساد الحكومي في العراق بسبب غياب السياسات التنموية وفقدان العدالة الاجتماعية.

بغداد- الرافدين
تتصاعد الأسئلة في العراق، مع الاحتفال باليوم الدولي للقضاء على الفقر في السابع عشر من تشرين الأول، البلد الغني بثروته النفطية بينما يتزايد فيه عدد الفقراء باطراد لافت منذ عام 2003 في معادلة تكشف سطوة الفساد وهدر أموال الدولة.
وبلغت نسب الفقر نحو 25 بالمائة من إجمالي عدد السكان، في حين أن احتياطي البنك المركزي العراقي يفوق الـ 115 مليار دولار.
ويرجع تاريخ الاحتفال باليوم الدولي للقضاء على الفقر إلى يوم السابع عشر من تشرين الأول عام 1987. عندما اجتمع ما يزيد على مائة ألف شخص تكريما لضحايا الفقر المدقع والعنف والجوع، وذلك في ساحة “تروكاديرو” بباريس، التي وقِّع بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948.
وأعلنوا أن الفقر يُشكل انتهاكا لحقوق الإنسان وأكدوا الحاجة إلى التضافر بغية كفالة احترام تلك الحقوق. وقد نُقشت تلك الآراء على النصب التذكاري الذي رُفع عنه الستار ذلك اليوم.
وفي العراق البلد الغارق في الفساد تتضخم معادلة اقتصادية شاذة عن بلد تدر عليه ثروته النفطية مليارات الدولارات سنويًا وشعب يعيش ربع سكانه تحت خط الفقر.
وكانت الإحصائية الرسمية التي أعلنت عنها وزارة التخطيط لعام 2022، قدرت عدد العراقيين الذين هم تحت خط الفقر بأكثر من 10 ملايين مواطن بنسبة تجاوزت 25 في المائة، وأن هذه النسبة ارتفعت مقارنة بعامي 2019 و2020، حيث كانت لا تتجاوز 20 بالمائة، قبل جائحة كورونا على وجه التحديد.
وتتصدر محافظات الجنوب معدلات الفقر، ففي مقدمتها محافظة المثنى بنسبة 52 بالمائة، وتليها محافظة القادسية وميسان وذي قار بنسبة 48 بالمائة، وتبلغ نسبة الفقر في العاصمة بغداد 13 بالمائة، وفي محافظات كردستان العراق 12.5 بالمائة، في حين تصل نسبة الفقر في محافظات الوسط إلى 18 بالمائة وفقًا لوزارة التخطيط.
وسبق أن قال وزير التخطيط السابق خالد بتال النجم، إن تداعيات كورونا، تسببت بإضافة 1.4 مليون عراقي جديد إلى إجمالي أعداد الفقراء، وإن عدد الفقراء بموجب هذا الارتفاع، بلغ 11 مليونًا و400 ألف فرد.
واعترف وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي، بأن انخفاض الدينار وتهريب الدولار أثرا على المواطنين والتجار وزادا من نسبة الفقر في العراق.
وقالت وزارة التخطيط أن أكثر من مليون طفل في العراق محرومون من حقوقهم في التعليم والصحة والعيش الكريم، فيما يرجع مختصون ذلك إلى الفقر.
وذكرت لجنة الخدمات النيابية أن نسبة الفقر في العراق مرتفعة والجزء الأكبر منهم يعيش في عشوائيات تنتشر في محيط المدن الرئيسية ومنها بغداد.
وأضافت اللجنة أن أكثر العشوائيات تنعدم فيها الخدمات الأساسية بالإضافة إلى ان الفقر بيئة خصبة للكثير من المشكلات المجتمعية التي لها تداعيات أمنية تؤثر سلبًا على المجتمع، مشيرة إلى أنه لا يمكن إزالة العشوائيات دون توفير بدائل.
فيما حذر المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، من مخاطر كبيرة لانخفاض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار بشكل متسارع.
وأوضح المركز أن هذا الأمر ينذر بازدياد أعداد الفقراء والعاطلين عن العمل وارتفاع اسعار المواد الغذائية والاستهلاكية وتأثيرها بشكل مباشر على حياة المواطنين اليومية.
وأكد النائب مضر الكروي، أن التقارير الحكومية عن ملف المناطق العشوائية في بغداد وبقية المحافظات مثيرة للقلق من ناحية الأعداد ونسبة الفقر التي تصل الى 70 بالمائة، بالإضافة الى تحدياتها الأمنية والخدمية وتأثيرها على الوضع العام.
وقال إن قانون المناطق العشوائية مازال في أروقة الحكومة، متوقعًا إرساله قريبًا الى مجلس النواب للإسراع في التصويت عليه، لافتاً، الى وجود مبررات لتشريعه أبرزها حماية أكثر من مليون نسمة يسكنون مناطق تكاد تنعدم بها الخدمات الأساسية.
وقالت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، إن قضائي الكحلاء في ميسان والجبايش في محافظة ذي قار حلتا أولاً ضمن قائمة المناطق الأكثر فقرًا في العراق.
وأضافت الوزارة أن الفقر استشرى بمعدلات كبيرة في العديد من مناطق العراق وانتقل إلى نطاق التسول الإلكتروني.


سعيد ياسين موسى: ارتفاع نسبة الفقر في المجتمع العراقي مع اتساع آفة الفساد والجريمة المنظمة والمخدرات
وكشفت الوزارة أن هناك عصابات تستغل ظاهرة الفقر وتستأجر الأطفال والمعاقين للتسول بهم إلكترونيًا.
وتشهد محافظة القادسية “وضعًا كارثيًا” بسبب عدم وجود مصادر دخل للمواطنين حيث يعتمد الكثير من سكانها على الزراعة ومع تفاقم أزمة الجفاف تحولت الكثير من مناطقها الزراعية إلى مناطق جرداء.
وقال مدير زراعة القادسية حسن مطر الوائلي إن “محافظة القادسية تعد من المحافظات الفقيرة، وهذا كان قبل تدهور الوضع الزراعي، فكيف الحال بعد الجفاف وتدهور الثروة الحيوانية”.
وتفاقمت ظاهرة الفقر في محافظة المثنى ويواجه سكانها خطر الفقر والبطالة بشكل كبير نتيجة انحسار المساحات الزراعية إلى مستويات قياسية بسبب استمرار أزمة الجفاف، على الرغم من خصوبة أراضيها ووفرة مواردها الطبيعية وموقعها الجغرافي المهم.
ويرى خبراء أن مواجهة الفقر يحتاج إلى خطوات في مقدمتها تنشيط القطاع الاقتصادي بشكل عام ودعم الواقعين تحت خط الفقر في برامج الإقراض ورعاية المشاريع الصغيرة.
وأجمعوا على أن نظام الحماية الاجتماعية المعمول به حاليًا يخص شريحة معينة من الفقراء، ولكنه نظام إعانات ومنح فقط وليس نظام تمكين.
وشددوا على أن الأهم في الواقع العراقي ليس مواجهة حالة الفقر عن طريق توزيع الأموال، بل معالجة الملفات الاقتصادية والخدمية التي ستساهم مباشرة في تحسين الإيرادات لجميع العاملين في مختلف القطاعات.
ويتوقع العديد من الاقتصاديين ارتفاع عدد العراقيين الذين يعيشون تحت مستوى خط الفقر إلى أكثر من 13 مليون مواطن خلال العام 2023، بسبب الأزمات الاقتصادية في البلاد والمرتبطة بانخفاض قيمة الدينار، بالإضافة إلى المتغيرات التي تشهدها الأسواق من ارتفاع كبير في مستويات الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية، وتراجع المستوى المعيشي للعائلة العراقية.
ويرى مراقبون أن ظاهرة الفقر في العراق الذي يعد من أغنى دول العالم بثروته النفطية، يعود بالدرجة الأساس إلى السياسات الحكومية الموغلة في الفساد وسرقة خيرات البلاد الغنية بمواردها.
وحمل الباحث الاقتصادي أحمد صباح الحكومة مسؤولية الارتفاع الكبير في أعداد الفقراء، بسبب عدم السيطرة على الفساد الإداري والمالي، وغياب التخطيط، والخلافات السياسية، وبناء المتنفذين إقطاعيات مالية انعكست بشكل كبير على الواقع المعيشي للفئات الهشة.
وقال الباحث الاقتصادي، نبيل جبار التميمي عوامل التضخم تزايدت بشكل كبير، ما سبب تآكلاً لدخل الفرد ونقل الأسر من مستوى الطبقة المتوسطة إلى مستويات دون الفقر.
ويعكس ارتفاع معدلات الفقر؛ حجم الأزمات المتراكمة في البلاد، وتجاهل السلطات الحكومية تحسين الواقع المعيشي والاقتصادي للمواطنين، في ظل الهدر الكبير للمال العام وضعف آليات الشفافية مما سيؤدي إلى ارتفاعها بشكل أكبر خلال السنوات القادمة.
ويرى الناشط في القضايا الإنسانية سعيد ياسين موسى، أن “الفقر في العراق تحول إلى آفة اجتماعية، بسبب غياب السياسات التنموية وفقدان العدالة الاجتماعية التي أدت إلى ارتفاع نسبة البطالة”.
وربط بين ارتفاع نسبة الفقر في المجتمع العراقي واتساع آفة الفساد والجريمة المنظمة والمخدرات، “إذ يتم استغلال الفئات الهشة والفقيرة في ترويجها”.
هذا حال العراقيين تحت ميزانية ملياريه
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى