أخبار الرافدين
تشكيل الحكومة العراقية أزمات متعاقبةتقارير الرافدينمجالس المحافظات: بوابة مشرعة على الفساد

إضرام النار في صور المالكي في بغداد بداية الثأر من قبل التيار الصدري

الضغينة والكراهية التي يكنها الصدر للمالكي مازالت متوقدة، ولم تخفت، فيما يترقب المالكي بحذر ردة فعل الصدر وأتباعه ويدرك قوة سيطرتهم على الشارع.

بغداد- الرافدين

أجمعت مصادر أمنية حكومية على أن الضغينة المتبادلة والثأر السياسي مازال قائمًا بين التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، بالتزامن مع حرق صور للمالكي في مدينة الصدر والزعفرانية جنوب العاصمة بغداد مساء الثلاثاء.
وأكدت المصادر الأمنية على أن قوات الجيش والشرطة لن تتدخل في أي صراع مرجح، كي لا تحسب على جهة ما، أو تثير استياء زعيم التيار الصدري وتبدو كأنها منحازة لاتباع المالكي.
ولا يستبعد مراقبون أن يشتد الصراع بين اتباع المالكي والصدر خصوصا بعد تأكد عدم اشتراك التيار الصدري في انتخابات مجالس المحافظات المؤمل إجراؤها في الثامن عشر من كانون الأول المقبل.
وأكدوا على أن الضغينة والكراهية التي يكنها الصدر للمالكي مازالت متوقدة، ولم تخفت، فيما يترقب المالكي بحذر ردة فعل الصدر وأتباعه ويدرك قوة سيطرتهم على الشارع.
وقال مصدر إعلامي مقرب من الإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الميليشيات الولائية بما فيها حزب الدعوة برئاسة المالكي، إن الأخير يدرك بأن الصدر لن يجعله يستحوذ على مجالس المحافظات بسهولة.
وشدد على أن جمهور التيار الصدري ينتظرون الفرصة والإشارة من الحنانة “في إشارة إلى مكان إقامة مقتدى الصدر” لحرق كل مقرات حزب الدعوة والإطار التنسيقي في بغداد ومحافظات جنوب العراق.
ومع أن الصدر الذي انسحب أتباعه من البرلمان لم يغب كليا، وكان يراقب ما يحدث، لكن الأحداث الأخيرة بهجوم عناصر التيار الصدري على مقرات حزب الدعوة وحرقها بعد قيام الحزب بالتهكم على والد مقتدى، ومن ثم الهجوم على مقر سفارة السويد وحرقها، منحت زعيم التيار فرصة انتهاز ما يحدث لبعث رسائل سياسية تقول “أنا هنا”.
وتثير رسائل الصدر الأخيرة تخوفات قوى ولائية وخصوصا حزب الدعوة بزعامة نوري المالكي وميليشيا العصائب بزعامة قيس الخزعلي من احتمالات الدخول في اقتتال داخلي.
وكانت قيادات في التيار الصدري اتهمت “حسابات إلكترونية” مرتبطة بجهات في الإطار التنسيقي بالإساءة إلى محمد صادق الصدر، والد رئيس التيار، فيما وجهت قيادات أخرى اتهامات مباشرة لحزب الدعوة بالوقوف وراء حملة الإساءة.
ومع قيام اتباع التيار الصدري بحرق مقرات حزب الدعوة، لم تتخذ حكومة محمد شياع السوداني أو الأجهزة الأمنية التابعة لها أي موقف تجاه الأحداث، وهذا ما فعلته أيضا مع حرق السفارة السويدية في بغداد.
وتزامن انطلاق الحملات الدعائية لانتخابات مجالس المحافظات، مع إحراق لافتات دعائية لزعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، بمدينة الصدر والزعفرانية في بغداد.
وتداولت منصات التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو تظهر احتراق لافتة انتخابية للمالكي، بعد ساعات من وضعها في “ساحة مظفر” مدخل مدينة الصدر.
وتأتي أهمية هذه الانتخابات بالنسبة لأحزاب العملية السياسية كونها تجرى لأول مرة منذ عام 2013، وهي المخولة بتعيين المحافظين وكبار المسؤولين التنفيذيين في المحافظات، إلى جانب إقرار ما تحتاجه المحافظات من مشاريع خدماتية وتنموية فضلا عن تحديد كل ما يتعلق بحاجتها إلى التخصيصات من حصة المحافظة من الموازنة العامة للدولة. الأمر الذي يعني فرصة ثمينة للقوى والأحزاب السياسية لإدارة صفقات فساد كبرى والاستيلاء على المال العام.

رسالة إلى المالكي

وتزامنت هذه الأحداث مع مرور عام على تسريب تسجيلات صوتية نشرها المدون الإعلامي علي فاضل، للمالكي، هدد فيها رئيس التيار بضربه في معقله في حي “الحنّانة” بمدينة النجف، حيث وعد القضاء العراقي آنذاك بالتحقيق في صحة التسجيلات دون أن يصدر عنه أي قرار أو إجراءات.
وفي ذروة أزمة التسجيلات المسربة العام الماضي، أشار الصدر إلى أنه ساهم في عدة مرات بـ”حقن دماء العراقيين بمن فيهم دم المالكي نفسه”؛ في إشارة إلى صدام سابق عام 2008 بين القوات الأمنية التي كان يقودها المالكي، وميليشيا جيش المهدي الجناح العسكري للتيار الصدري والذي أعلن الصدر حلّه بعد أسابيع من الاشتباكات في البصرة.
وظهر المالكي يحمل سلاحه بملابس رثة مع عدد قليل من أتباعه في أوج الاحتجاجات التي نفذها أتباع التيار الصدري في المنطقة الخضراء واستلوا فيها على مقر مجلس النواب ومبنى الحكومة عام 2022.
وكان الصدر قد دعا أعضاء الكتلة الصدرية للاستقالة من عضوية مجلس النواب في 2022، ومن ثم إعلانه اعتزال العمل السياسي نهاية آب 2022، وذلك بعد محاولة فاشلة للسيطرة على المنطقة الخضراء بقوة السلاح.
ومنذ عام 2008، ظلت علاقة التيار الصدري متوترة سياسيا مع ائتلاف دولة القانون برئاسة المالكي، الذي أطلق بصفته رئيسا للوزراء (2006 – 2014) حملة عسكرية بدعم من القوات الأمريكية تحت مسمى “صولة الفرسان” في آذار 2008 استهدفت إنهاء سيطرة الميليشيات المسلحة في محافظات العراق الجنوبية، التي انتهت بسقوط آخر معاقل ميليشيا جيش المهدي التابع للتيار الصدري في البصرة نهاية نيسان 2008.
وتدرك أحزاب وميليشيات الإطار التنسيقي أن أي اقتتال بينها سيقود إلى نهاية طرف أو أكثر، فضلا عن إضعاف الأطراف الأخرى، وتزيد من احتمالات فقدان الهيمنة الطائفية على السلطة في العراق، وهو ما لا تسمح به مرجعية النجف برئاسة علي السيستاني، ومراكز القرار الإيرانية الثلاثة الفاعلة في العراق وهي مكتب علي خامنئي، والحرس الثوري، ووزارة الاستخبارات والأمن الوطني “اطلاعات”.
ويقول دبلوماسيون غربيون إن عودة الصدر تهدد الهدوء السياسي الخادع في العراق، أحد منتجي النفط الرئيسيين، ومكان تخشى أوروبا أن يصبح مصدرا لمزيد من المهاجرين إذا انزلق إلى هاوية الفوضى.
وقال القيادي في ميليشيا بدر أحد أقطاب الإطار التنسيقي، محمد مهدي البياتي إن الخلاف بين نوري المالكي ومقتدى الصدر سيذهب بالعراق إلى الهاوية.
بينما يرى الكاتب أحمد علي المقرب من التيار الصدري “على عكس الدعاية الولائية لأحزاب وجماعات الإطار المسلحة التي حاولت تقديم أوراق اعتمادها كجهات منخرطة في ما يعرف بـ (محور المقاومة) الذي تتزعمه إيران، فإن السلوك السياسي وسردية المواقف لها تبدو وكأنها على غير ذلك من خلال معالجة الخط التاريخي لهذه الجماعات والأحزاب الشيعية التي تم تأهيلها إيرانيًا وجذبها إلى واقع الصراع مع خصوم إيران”.
وأكد الكاتب الصدري في مقال له على منصته في موقع “إكس” على أن المشروع الإطاري الحالي منصب على إثبات الجدارة والولاء للولايات المتحدة الأمريكية وليست طردها بعد فترة من تعكر العلاقات بين الطرفين، ولذا فإن السياسي الولائي يدرك أن خط الدفاع الحقيقي ضد تطلعات مقتدى الصدر في إحداث إصلاح حقيقي في بنية النظام السياسي وإزاحة الكيانات الطائفية السياسية والعودة إلى مشروع عابر للمكونات هو بالاعتماد على اللاعب الأمريكي الخارجي ومعه الإيراني”.

أحمد علي: المشروع الإطاري الحالي منصب على إثبات الجدارة والولاء للولايات المتحدة الأمريكية وليست طردها
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى