زعماء ميليشيات يستحوذون على حصصهم في مناصب جديدة بوزارة الداخلية
منح عناصر ميليشيات لم يدخلوا الكليات العسكرية رتب فريق أول ركن خارج الضوابط العسكرية وبدون المرور بسلم التدرج الوظيفي العسكري للجيش العراقي.
بغداد – الرافدين
أثار استحداث وزارة الداخلية الحالية لمناصب جديدة الجدل حول الجدوى منها في ظل الترهل الوظيفي والإداري الذي تعاني منه الوزارة بالأساس.
وانتقد خبراء أمنيون تخبط وزير الداخلية الحالي عبد الأمير الشمري الذي استحدث مناصب جديدة في وكالة شؤون الشرطة، امتدادًا لمناصب استحدثها سابقًا، ومنحت لضباط مقربين منه، جاء ذلك بعد أن كان قد أكد في وقت سابق على أهمية إنهاء موضوع الترهل بالرتب والمناصب.
وعدّ الخبراء أمنيون قرار استحداث المناصب بأنه “استجابة للضغوط الحزبية والنفوذ السياسي والأمني”، محذرين من تعددية القرار في الوزارات الأمنية.
وقال مصدر مطلع في وزارة الداخلية إن “المناصب التي استحدثها الوزير، هي مساعد وكيل شؤون الشرطة لشؤون السيطرات الخارجية، ومساعد وكيل الشرطة لشؤون المنشآت، وهذا المنصب سيذهب لضابط برتبة لواء، هو حاليا من دون أي منصب”، مبينا أن “الوزير كان قد استحدث منصب مساعد وكيل شؤون الشرطة لشؤون حفظ القانون”.
وأكدت تقارير صحفية سابقة أن وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، وبعد تسنمه المنصب أخذ يقرب الضباط من أبناء دورته، والمنحدرين من مسقط رأسه، محافظة الديوانية وخاصته ومعارفه، وابتدأ باللواء المقرب منه فرقد العيساوي، المقال من قيادة شرطة الديوانية بسبب قمعه احتجاجات تشرين، حيث أسند له منصب معاون المدير العام للموارد البشرية داخل الوزارة، وبعد أقل من شهرين، أسند إليه منصب المدير العام للاستخبارات ومكافحة الإرهاب، بدلا عن اللواء باسم الشويلي، إلا أن هذا الأمر الوزاري سرعان ما ألغي بعد يومين فقط، ومن ثم استحدث الوزير لهذا الضابط منصبًا جديدًا، وهو مساعد وكيل وزارة الداخلية لشؤون الشرطة الخاص بأفواج الطوارئ، واستمر فيه لثلاثة أشهر قبل أن يسند إليه منصبا آخر، وهو مدير دائرة العمليات في وزارة الداخلية، وكل هذا خلال ستة أشهر فقط.
وقال الخبير الأمني علاء النشوع أن “الوزارات العراقية وبعد عام 2003، شهدت ازدياد مناصب الدرجات الخاصة بشكل كبير جدا، وتجاوزت الحد المعقول الذي تبنى عليه الدولة المثالية، المتمثل بمعالجة الترهلات الإدارية وما تسببه من عبء على ميزانية الدولة”.
وأضاف أن “قضية استحداث مناصب جديدة في وزارة الداخلية، يكون فيه الوزير قد ارتكب مخالفة مهنية، فهذه الاستحداثات جاءت بضغوط من الأحزاب وأجنحتها السياسية والعسكرية، وكذلك لتحجيم سلطات الوزير وجعل الوزارة تحت سيطرة تلك القوى التي تسيطر اليوم على كل مقدرات الدولة العراقية”.
وكشفت دراسة تحليلية عن الترهل في الرتب العسكرية العليا في العراق نشرها حساب “وزير عراقي” الموثق على منصة “أكس” ويعرف نفسه بأنه أكاديمي متخصص بالدراسات الأمنية والعسكرية وخبير بشؤون الحرس الثوري الإيراني والحشد الشعبي والميليشيات والفصائل المسلحة الولائية إلى إيران، بأنه تم منح ميليشياويين ولائيين إلى إيران رتب فريق أول ركن خارج الضوابط العسكرية وبدون المرور بسلم التدرج الوظيفي العسكري للجيش العراقي وبدون دخولهم الكليات العسكرية ولديهم استثناءات حتى من التحصيل الدراسي الإبتدائي.
وتقول الدراسة إنه “منذ تأسيس الجيش العراقي عام 1921 ولغاية 2003، كان عدد من حملوا رتبة فريق وفريق أول 81 ضابطًا فقط وهذا يشمل الذين خرجوا على التقاعد أو فارقوا الحياة يعني خلال أكثر من ثمانية عقود من الزمن الجيش العراقي وصل فيه الى رتبة فريق ركن فقط 81 ضابطا، بينما خلال حكومة نوري المالكي فقط منح 97 ميليشياويًا من بدر والدعوة رتبة فريق وفريق أول ركن، 99 بالمائة لم يدخل الكلية العسكرية ولم يدخلوا كلية الأركان وكان يعتقد المالكي ان الشخص الذي يحصل على رتبة فريق يجب أن يمنح معها مجاناً رتبة الركن.
وبالحديث عن وزارة الداخلية تشير الدراسة بأن الوزارة التي هي من حصة ميليشيا بدر المنضوية في الحشد الشعبي وفي الإطار التنسيقي بزعامة هادي العامري، فأن وزارة الداخلية بزمن الوزراء باقر صولاغ ومحمد الغبان وقاسم الأعرجي وما تلاهم قد منحت رتبة فريق أول ركن إلى 26 “معمم” من ميليشيا بدر وميليشيات أخرى.
ومن خلال الدراسة والتحليل توصل الباحث في حساب “وزير عراقي” إلى أن قانون وزارة الداخلية العراقي قبل 2003 يسمح للضابط للوصول إلى رتبة لواء فقط وليس عندهم (ركن) واللواء بعد أن يقضي في الخدمة خمس سنوات تقريبًا يحال الى التقاعد وفق قانون الوزارة منعًا للترهل ومن أجل تجديد الدماء وضخ دماء جديدة.
وفي تعليق للجنة الأمن والدفاع النيابية النائب على الترهل الكبير في الرتب العسكرية. قال عضو اللجنة علي البنداوي إن “العراق يعاني من ترهل كبير في الرتب العالية، بسبب بعض الأخطاء في منح رؤساء الوزراء لقدم للضباط الذي أدى الى ترهل الرتب العليا”.
وبحسب قانون الخدمة والتقاعد لقوى الأمن الداخلي في العراق، فإن ترقية الرتبة تتم وفق ضوابط، فإن رتبة ملازم تمنح للشخص بعد تخرجه من الكلية العسكرية أو كلية الشرطة، ثم ملازم أول بعد مرور 3 سنوات، ثم نقيب بعد مرور 3 سنوات، والرائد 4 سنوات ليترقى لرتبة مقدم، ثم 4 سنوات أخرى ليصبح عقيدًا، و4 أخرى ليصبح عميدًا، ومن عميد إلى لواء 6 سنوات، ومثلها رتبة فريق 6 سنوات أيضًا، على ألا يتعرض الضابط لعقوبات خلال فترة استحقاقه الترقية والترفيع.
وأصبحت مناصب وزارة الداخلية في ظل حكم الحكومات المتعاقبة بعد 2003 من ضمن المناصب الخاضعة لنظام المحاصصة، ودائمًا ما تجري خلافات وصراعات بشأنها، وخاصة بين ائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدار وميليشيا بدر بزعامة هادي العامري، وذلك بعد أن كان ائتلاف دولة القانون باسطًا سيطرته على هذه المناصب خلال تولي زعيم الائتلاف نوري المالكي فترتين حكوميتين.
ويؤكد خبراء أمنيون بأن “بعض الأحزاب السياسية تحاول صنع قيادات لمن لا يستحقونها، كي تؤمن مصالحها، لذلك تقوم بتزكية ضباط أو تزج بهم في المؤسسات الأمنية”.
وأشاروا إلى أن “بعض الضباط مجندون من أحزاب معينة ومشكوك بولائهم يزجون بالمؤسسة العسكرية لتحقيق مصالح حزبية”.