انهيار البنية التحتية في بغداد يفقد سكانها الفرحة في ذكرى تأسيسها
عشوائية تنفيذ مشاريع توسعة الطرق في بغداد تفاقم معاناة سكان العاصمة وترفع من عدد ساعاتهم المستنزفة يوميًا خلال تنقلاتهم.
بغداد – الرافدين
عبر عراقيون عن حزنهم من تحول عاصمة بلادهم، من حاضرة للدنيا، إلى مدينة تعيش واقعًا مزريًا، بسبب التدهور الخدمي في وقت يستنزف فيه البغداديون ساعات طويلة من يومهم بسبب الازدحامات وسوء تنفيذ مشاريع توسعة الطرق التي أطلقتها حكومة السوداني.
ويُحتفلُ في الخامس عشر من شهر تشرين الثاني من كل عام، بيوم تأسيس بغداد، في وقتٍ أعرب فيه سكانُ بغداد، عن أسفهم لما آلت إليه الأوضاعُ في مدينتهم، من خراب وتشويه لمعالمها طيلة عقدين من الزمن.
وتحتفل بغداد بذكرى مرور 1261 عامًا على تأسيسها وهي تكافح لاستعادة بعض من بريق ماض رسّخ لها مكانة مرموقة في التاريخ الإسلامي والعربي قبل أن تمحوه صراعات لم تتوقف فيها منذ عقود.
وبدأ بناء بغداد على ضفتي نهر دجلة في تموز من العام 762 في عهد الخليفة العباسي أبوجعفر المنصور (714-775) الذي أطلق عليها اسم “مدينة السلام”.
وأدت بغداد منذ إنشائها دورًا محوريًا في الحضارتين الإسلامية والعربية، وكانت بين أفضل مدن العالم في سبعينات القرن الماضي.
ناشطون ينتقدون آلية تنفيذ مشاريع توسعة الطرق في #بغداد بعد تسببها باختناقات مرورية.
الحلقة كاملة | https://t.co/yVv2w12Fep
ـــــــــــــــ#صوتكم | #العراق | #قناة_الرافدين
الموقع الإلكتروني | https://t.co/qjKXou5b95
قناتنا على تليغرام | https://t.co/KJipI4ncEM pic.twitter.com/QHzDoldmsI— قناة الرافدين (@alrafidain_tv) October 24, 2023
وأسهم التدهور الأمني والخدمي في بغداد في تاريخها المعاصر، بالإضافة إلى انهيارِ البنى التحتية وانتشار العشوائيات، في جعلها واحدة من أسوأ عواصم العالم، بحسب تصنيف مؤسسات معنية بقياس جودة العيش في عواصم الدول العالمية.
وصارت بغداد أكبر مدينة مثقلة بالأحياء العشوائية وفقدت أهمية أي تخطيط لها كما فقدت قبل ذلك هويتها، وصار عدد سكانها اكثر من 12 مليون نسمة بما يقرب من ثلث سكان العراق بينما لا يبلغ عدد اهلها الأصليين سوى بضعة آلاف موزعين في أحياء متفرقة.
وتريّفت مدينة بغداد ودُمّر جمالها وقُسمت أحياؤها بطريقة طائفية مقيتة دمّرت نسيجها الاجتماعي، وهدّمت تماثيلها ورموزها واستبدلت بتماثيل طائفية خالية من أي رمز حضاري.
ويخنق التلوث أحياء عدة في مدينة بغداد بسبب الحركة الجنونية للسيارات والازدحام المروري وانتشار شبكة كبيرة من نقاط التفتيش العسكرية التي تقطع معظم طرق العاصمة وتجعل مهمة التجوال فيها صعبة رغم رفع بعض الحواجز الأمنية ونقاط التفتيش من مناطق متعددة لتخفيف الازدحام الذي تعاني منه العاصمة.
ويجمع العراقيون على أن الفساد الحكومي وانعدام الخطط الاستراتيجية للعناية بالعاصمة من قبل الحكومات منذ عام 2003، وراء التدهور المعماري والخدمي الذي تعيشه المدينة والذي تفاقم بشكل لافت مؤخرًا بعد مشاريع توسعة الطرق التي تنفذ بشكل عشوائي ومتخبط.
ويقول المسؤولون في مديرية المرور، إن من أهم أسباب الاختناق المروري أعداد السيارات التي دخلت العراق بعد عام 2003 وعجز السلطات عن وضع خطة تنظم استيراد السيارات التي يزداد عددها مع عدم إعادة تصميم الشوارع بما يتلاءم مع هذه الأعداد الكبيرة من العربات.
ويلقي العراقيون باللوم على الحكومات المتعاقبة بما يتعلق في انهيار البنية التحتية وانعدام الخدمات وعمليات تأهيل الطرق التي يعود تاريخ تشييد بعضها إلى منتصف القرن الماضي إلى جانب تحميلهم السلطات مسؤولية إغراق الطرقات بملايين السيارات دون خطة تضع في الحسبان التبعات المترتبة على ذلك.
وظلت مشكلة الزحام المروري في بغداد مستعصية على مدى السنوات الماضية، بعدما عجزت الحكومات المتعاقبة بعد الاحتلال عام 2003 على حلّها، لتتفاقم مع زيادة أعداد السيارات، لاسيما الإيرانية منها.
ناشطون يتهكمون على عمل الشركات المسؤولة عن مشاريع توسعة الطرق بـ #بغداد بعد أن استعانت بوسائل بدائية في أعمالها.
الحلقة كاملة | https://t.co/qk9YhocFBG
ـــــــــــــــ#صوتكم | #العراق | #قناة_الرافدين
الموقع الإلكتروني | https://t.co/qjKXou5b95 pic.twitter.com/cMMTYOIpSa— قناة الرافدين (@alrafidain_tv) November 7, 2023
وسبق وأن أعلن رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني عن وضع 19 مشروعًا لحل المشاكل المرورية ببغداد إلا أن الحال في شوارع العاصمة لم يتغير بعد الإعلان عن هذه الحملة.
وانتقد ناشطون طريقة عمل الشركات المكلفة بتنفيذ المشاريع التي أعلنت عنها الحكومة بعد استعانتها بعمال لايمتلكون خبرة كبيرة في تشييد الجسور وما تتطلبه من مواصفات وضوابط وسط مخاوف من تبعات ذلك على أرواح العراقيين.
وتهكم ناشطون على كيفية عمل العمال والشركات المتنفذة بعد أن استعانت بوسائل بدائية في تنفيذ عملها.
وأثار تهديم طرق حيوية وجسور وساحات مهمة في بغداد دفعة واحدة جملة من التساؤلات حول مدى سرعة إنجاز المشاريع في وقت تحول فيه العراق لمثال في المشاريع المتلكئة بين العالم.
وشكك مختصون بجدوى المشاريع الحكومية لتطوير البنية التحتية في بغداد بسبب إطلاقها دفعة واحدة دون أن تنفذ بمراحل لتخفيف الضغط على الشوارع للحيلولة دون حصول ازدحامات كبيرة في ظل وجود نحو 4 ملايين سيارة في العاصمة وحدها.
وقال المهندس مصطفى سعد “الطرق في بغداد صممت سنة 1972، وهي مصممة لاستيعاب 400 ألف سيارة فقط، والحلول المنطقية والهندسية لهذه الأزمة، تتمثل بتوسعة الشوارع الموجودة إلى ضعف المساحة، وزيادة عددها إلى 4 أضعاف، وهذا لا يمكن أن يتحقق بسبب التطور السكاني وتمركز الدوائر الحكومية في مناطق قريبة من بعض”.
ويوضح المهندس المختص بالطرق والجسور، أن “حزمة المشاريع التي أعلنت عنها الحكومة، من المتوقع أن تفك 15 بالمائة فقط من الاختناقات المرورية الموجودة، لأن ما ستفعله هو تعجيل حركة المرور فقط، أما الحل الأساسي يتمثل بإعادة إنشاء طرق كاملة”.
وأضاف “الحل المنطقي مكلف، وموجود في مدن متطورة، ويتمثل بإنشاء طرق الأنفاق، والتي تكون كلفتها مقاربة لكلفة إنشاء الجسور، لكنها تحتاج إلى وقت أكبر للتنفيذ”.
ولا يتفق المهندس أحمد العبادي مع ما ذهب إليه المهندس مصطفى سعد إذ يرى أن “مسألة فك الاختناقات المرورية في بغداد عبر إيجاد طرق بديلة سوف يحد من الاختناقات المرورية بنسبة لا تتخطى الـ 5 بالمائة من الزحام الحاصل في العاصمة”.
وقال العبادي وهو مهندس طرق يبلغ من العمر 52 عامًا، في تفسيره لذلك إن “بغداد تحتوي على كثافة في السيارات أكثر من قدرتها الاستيعابية، وبالتالي فإن إيجاد طريق بديلة أو مساعدة لن يحد من الاختناقات المرورية”.
وأضاف أن “التخلص من الزحام يتطلب إيجاد مدن جديدة، وتوسعة عمرانية كاملة بمساعدة الطرق البديلة، وأيضًا بناء جسور في الساحات الحيوية، وهذا فقط من شأنه تقليل نسبة الاختناقات المرورية في العاصمة”.
عراقيون يتحدثون عن مشاريع الطرق وتوسعتها في #بغداد وينتقدون آلية تنفيذها بعد تسببها باختناقات مرورية.
الحلقة كاملة | https://t.co/qk9YhocFBG
ـــــــــــــــ#صوتكم | #العراق | #قناة_الرافدين
الموقع الإلكتروني | https://t.co/qjKXou5b95
قناتنا على تليغرام | https://t.co/KJipI4ncEM pic.twitter.com/5Nd3K2CeO2— قناة الرافدين (@alrafidain_tv) November 7, 2023
وتشهد بغداد اختناقًا مروريًا يوميًا، يتسبب بشلل لحركة السير، في جانبي الكرخ والرصافة من العاصمة، حيث يحتاج المواطن إلى نحو 60 دقيقة لعبور جسر الجادرية، وهو جسر حيوي يقع وسط العاصمة ويربط بين جانبيها، بحسب مواطنين من بغداد.
وينسحب هذا الوضع على باقي الشوارع والجسور الأخرى في العاصمة، وسط شكاوى مستمرة من المواطنين، وتساؤلات عما إذا كان إيقاف استيرادات السيارات سينهي مشكلة الاختناقات المرورية.
ويستعرض الموظف الحكومي علي زاير معاناته جراء الاختناقات المرورية حينما يضطر للاستيقاظ عند الساعة الخامسة والنصف فجرًا؛ لأنه يستغرق ساعتين للوصول إلى مقر عمله الذي يبدأ في الساعة الثامنة صباحًا.
ويؤكد الموظف الحكومي البالغ من العمر 48 عامًا، أن “الاختناقات المرورية أصبحت عقدة لكل ساكني العاصمة بغداد، خصوصًا بعد أعمال الصيانة والتوسعة التي أقدمت عليها الحكومة في بعض الساحات والشوارع الحيوية، مما أدى إلى زحام شديد في الشوارع المليئة أصلاً بالسيارات الكبيرة والصغيرة”.
ويعزو أسباب الاختناقات المرورية في بغداد إلى “كثرة السيارات في الشوارع مقابل قلة الطرق وغلق أكثرها، بالإضافة إلى عدم وجود تنظيم لآلية السير والمرور”.
وسبق أن كشف تقرير نشرته مجلة “إيكونيميست” البريطانية، بأن حركة السير في بغداد هي الأسوأ ضمن عواصم الشرق الأوسط، إذ يقضي الركاب ساعات طويلة من أجل الوصول إلى وجهتهم في ظل زيادة مطردة في أعداد السيارات وتلكؤ وفساد في مشاريع البنية التحتية.
وأكدت المجلة في تقريرها على أن العراقيين العالقين في الازدحامات المرورية وبين أبخرة عوادم السيارات، يضيعون ساعات طويلة في شوارع بغداد وأن شبكة الطرق لم تتغير منذ سنوات طويلة على الرغم من الثروات التي يمتلكها العراق.
وبينت أن العراق في السابق كان يملك أحدث أنظمة النقل في المنطقة، وأول من استخدم الحافلات ذات طابقين، في وقت كان فيه الانتقال من منطقة المنصور على الجانب الغربي من نهر دجلة إلى الكرادة لا يستغرق سوى دقائق.