هل يستعيد العالم ضميره ويحاكم “إسرائيل” على جرائم الحرب في غزة
مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك يطالب بتحقيق دولي في الانتهاكات المتعددة والعميقة للقانون الإنساني الدولي التي ارتكبت في حرب غزة.
قطاع غزة (الأراضي الفلسطينية)- دعا مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الخميس إلى تحقيق دولي في انتهاكات الحرب التي تشنها قوات الاحتلال “الإسرائيلي” على قطاع غزة، محذّرا من وضع “متفجّر” في الضفة الغربية المحتلة.
وتحدث تورك في إحاطة إلى الدول الأعضاء في المنظمة عن “مزاعم خطرة للغاية بشأن انتهاكات متعددة وعميقة للقانون الإنساني الدولي، أيا يكن مرتكبها، تتطلب تحقيقا معمّقا ومحاسبة شاملة”، مؤكدا وجود “حاجة الى تحقيق دولي”.
وأعرب عن “قلق عميق بشأن تصاعد حدة العنف والتمييز الحاد بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، بما يشمل القدس الشرقية”.
وعاود الجيش “الإسرائيلي” الخميس دخول مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، غداة عملية اقتحام وتفتيش لأكبر مستشفى في القطاع أثارت قلقًا وانتقادات دولية بشأن مصير المرضى وآلاف المدنيين المحاصرين.
وفرضت الآليات العسكرية “الإسرائيلية” حصارًا شاملًا على المستشفى من جميع الجهات وتستهدف كل من يتحرك داخل المستشفى أو خارجها.
وأثار اقتحام مستشفى الشفاء في غزة من قبل قوات الاحتلال “الإسرائيلي” إدانات دولية ودعوات عاجلة إلى حماية المدنيين.
وأكّدت وزارة الصحة التابعة لحماس أنّ الجيش الإسرائيلي “لم يعثر على أيّ عتاد أو سلاح” في مستشفى الشفاء، موضحة أنّها “لا تسمح بالأساس” بوجود أسلحة في المستشفيات التابعة لها.
وقام جنود الاحتلال أيضًا بتفتيش شبّان ونساء وأطفال الأربعاء. وفي أروقة المستشفى، أطلق الجنود النار في الهواء أثناء تنقّلهم من قاعة إلى أخرى.
وطالب أحمد اللوح، مدير إدارة العمليات والطوارئ في الخدمات الطبية بالمستشفى الأهلي المعمداني بمدينة غزة، المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان والصليب الأحمر و”كل من له قلب وضمير في هذا المجتمع أن يتدخل لوقف هذا العدوان على شعبنا الفلسطيني”.
وأضاف “هناك نقص كبير جدا في المستلزمات والأدوية التي يتم إعطاؤها للمرضى هناك استغاثات كبيرة للمجتمع الدولي كي يتدخل لوقف هذا النزيف”.
ودان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون “بأشدّ قدر من الحزم” قصف بنى تحتية مدنية.
من جانبها، دعت قطر إلى “تحقيق دولي” في الغارات “الإسرائيلية” على المستشفيات، ووصفت العملية في الشفاء بـ”جريمة حرب”.
وصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إسرائيل بأنّها “دولة إرهابية”.
وأثارت الحرب أزمة انسانية متصاعدة في القطاع، بعدما شددت قوات الاحتلال حصارها المفروض عليه، وقطعت امدادات المياه والكهرباء والوقود والغذاء.
ومنذ اندلاع المعارك، دخلت شحنات محدودة من المواد الغذائية عبر معبر رفح الحدودي مع مصر. كما سجّل الأربعاء دخول أول شاحنة تنقل وقودًا.
ورغم تسليم شحنة أولى تزيد قليلاً عن 23 ألف لتر الأربعاء، حذّرت الأمم المتحدة من أن عمليات المساعدات في غزة “على شفا الانهيار”.
وخرج مجلس الأمن الدولي الأربعاء عن صمته للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، داعيًا إلى “هدنات وممرات إنسانية واسعة النطاق وعاجلة لعدد كاف من الأيام” لتقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة.
القرار الذي صاغته مالطا، والذي تم تبنيه بأغلبية 12 صوتًا وامتناع ثلاثة أعضاء عن التصويت (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا)، “يدعو إلى هدنات وممرات إنسانية واسعة النطاق وعاجلة لعدد كاف من الأيام” لتقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة.
وسبق لـ “إسرائيل” وداعمتها الولايات المتحدة التي تملك حق النقض (فيتو) في مجلس الأمن، أن رفضتا الدعوات المتزايدة إلى وقف إطلاق النار في غزة، بذريعة أن ذلك سيصب في صالح المقاومة الفلسطينية.
وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانساني (أوتشا)، نزح جراء الحرب 1.65 مليون من سكان القطاع، من بين إجمالي 2.4 مليون نسمة.
وتتزايد الضغوط الداخلية على الحكومة “الإسرائيلية” خصوصا في ملف الرهائن. وبدأ أقاربهم الثلاثاء مسيرة تستمر خمسة أيام في تل أبيب للمطالبة بالتوصل إلى اتفاق بشأن إطلاق سراحهم.
ودعا زعيم المعارضة يائير لبيد نتانياهو الى الاستقالة “فورا”.
وقال في تصريحات تلفزيونية ليل الأربعاء إن على “نتانياهو أن يرحل فورا… نحتاج الى التغيير. لا يمكن نتانياهو أن يبقى رئيسا للوزراء”.
وتابع “لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بخوض حملة (عسكرية) طويلة بقيادة رئيس وزراء فقد ثقة شعبه”.
من جهته، قال المسؤول في حركة حماس طاهر النونو إنّ “نتانياهو يراوغ ويعطّل أيّ تقدّم ويستخدم قضية المحتجزين ذريعة لاستمرار العدوان وغير جاد بالوصول إلى اتفاق”.
إلى ذلك، أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية “بالتل” توقف مولدات المقاسم الرئيسية في قطاع غزة بسبب نفاد الوقود، ما سيؤدي الى توقف خدماتها تماما “خلال الساعات القليلة القادمة”.
وحذر برنامج الأغذية العالمي في فلسطين من أن الأنظمة الغذائية في قطاع غزة تنهار، وأن المساعدات الراهنة لا تلبي سوى 10 بالمئة من الاحتياجات الغذائية، مشددا على أن جميع سكان القطاع بحاجة إلى مساعدة إنسانية.
وأضافت متحدثة البرنامج الأممي عليا زكي، في تصريحات لخدمة “أخبار الأمم المتحدة” مساء الأربعاء، أن الناس في القطاع سيكونون أكثر عرضة لانتشار الأمراض على نطاق أوسع؛ لأن جهازهم المناعي سيضعف؛ لأنهم لا يتناولون ما يكفي من الغذاء.
وشددت على أن “الأنظمة الغذائية تنهار، والمواد الغذائية في المتاجر على وشك النفاد، ويتم بيع القليل المتبقي بأسعار مرتفعة، بشكل متزايد، بينما أغلقت المخابز أبوابها”.
وتابعت “بدأنا في توزيع المواد ذات الكثافة الغذائية العالية والمدعمة بالفيتامينات والمعادن حتى نتأكد من حصول الناس على أكبر قدر ممكن من السعرات الحرارية التي يحتاجون إليها. وقريبًا، سنقوم أيضا بتوزيع تغذية مخصصة للنساء الحوامل وللأطفال للتأكد من أنهم يحصلون على دعم تكميلي لتغذيتهم”.
وأوضحت أن البرنامج الأممي يعتمد على الأغذية المعلبة والتمر والخبز لمساعدة بقية السكان الذين يتعرضون بشكل متزايد لخطر سوء التغذية.
كما شددت المتحدثة باسم البرنامج على ضرورة توفير الوقود، مشيرة إلى أن نقص الوقود يقيد قدرة البرنامج على مساعدة المحتاجين؛ “لأنه بدون الوقود لا تستطيع الشاحنات التحرك، ولا تستطيع المطاحن ولا المخابز العمل، وستتوقف الحياة”.
وقالت إن المواد الغذائية التي تدخل عبر معبر رفح البري مع مصر في الوقت الحالي لا تشكل سوى 10 بالمائة من الاحتياجات الغذائية لجميع سكان قطاع غزة، وهم 2.2 مليون شخص، وجميعهم يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية.