أخبار الرافدين
بلاد النهرين عطشىتقارير الرافدين

موجة الأمطار الأولى تعري استعدادات حكومة الإطار لموسم الشتاء

السلطات الحكومية تهرب من مسؤولياتها بإعلان تعطيل الدوام للحد من تداول صور معاناة الطلبة والموظفين خلال تنقلهم جراء غرق الشوارع بمياه الأمطار دون أي اعتبار لتبعات التعطيل المستمر للدوام على عجلة الإنتاج في البلاد.

النجف – الرافدين

أثار إعلان ست محافظات عراقية، تعطيل الدوام الرسمي للمدارس والجامعات، جراء الأمطار تساؤلات عن مصير الاستعدادات المعلنة في الأشهر الماضية قبل حلول الشتاء في ظل هروب السلطات الحكومية من مسؤوليتها عبر إعلان العطل الرسمية بدلًا من وضع حلول جذرية للحد من غرق الشوارع.
وقررت محافظات النجف وذي قار وصلاح الدين وميسان والمثنى والقادسية تعطيل الدوام الرسمي للمدارس والجامعات الخميس بسبب غزارة الامطار وسوء الاحوال الجوية.
وتسببت مياه الأمطار بغرق الشوارع، وقطع العديد منها، ووصلت إلى مستشفيات ومراكز صحية كما حصل مع المستشفى الألماني في النجف الذي افتتح مؤخرًا فضلا عن مبانٍ حكومية ومنازل سكنية ومحال تجارية، كما أثرت على حركة السير والمرورفي أكثر من محافظة.
وأكد ناشطون أن موجة الأمطار الغزيرة “عرّت” شبكات الصرف الصحي أمام أول اختبار حقيقي تشهده البلاد في هذا الشتاء في وقت أطلقت فيه حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني اسم حكومة الخدمة على نفسها.

وتواجه حكومات الاحتلال المتعاقبة، منذ عام 2003 اتهامات، بإهمال ملف الخدمات، وعدم تطوير شبكات الصرف الصحي في بغداد والمحافظات، ما يتسبب بغرق الشوارع مع أقل موجة أمطار والاكتفاء بتعطيل الدوام دون أي اعتبار للخسائر المادية جراء هذا التعطيل المستمر للعمل.
ويمنح القانون العراقي مجالس المحافظات الحقّ في إعلان يوم عطلة لسكان المحافظة دون غيرها، بحسب ما تقتضيه الحاجة، الأمر الذي صار يتكرّر في محافظات عدّة ولأسباب مختلفة وفي مقدمتها الأمطار وغرق الشوارع.
وليست هذه العطل مسجلة على نحو منهجي، أو مقررة بقانون بعد أن لجأت الحكومات المتعاقبة إلى منح هذه العطل بشكل غير مدروس وعلى أسس عشوائية، ومنها على أساس تجاوز معدلات حرارة الجو، أو عواصف الغبار، أو غزارة الأمطار، ما جعلها محل انتقاد من قبل مختصين.

عدنان أحمد الميالي: حظ العراقيين تعيس باستمرار فبدل الاحتفال فرحًا بسقوط المطر الذي طالما شكا العراقيون من قحطه وجفاف انهاره في السنوات المنصرمة، تحول هذا الفرح الى حزن، في زمن لا دولة فيه.

وفي هذا السياق يقول الأستاذ في جامعة بغداد عدنان أحمد الميالي إن “الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 وإلى الان لم تستطع ان تتعامل بمسؤولية ومهنية وخبرة مع تساقط الامطار، ليتحول موسم الشتاء الذي تعد ايام امطاره في العراق محسوبة على عدد اصابع اليد، من نعمة الى محنة، يدخل المواطن العراقي فيها مرحلة الخطر والطوارئ”.
ويضيف الميالي أستاذ العلوم السياسية “لو كانت اجواء العراق ماطرة باستمرار في فصل الشتاء لكانت المعاناة مضاعفة وستصل الى مرحلة تهديد حياة العراقيين بالموت غرقًا”.
ويرى بأن “حظ العراقيين تعيس باستمرار فبدل الاحتفال فرحًا بسقوط المطر الذي طالما شكا العراقيون من قحطه وجفاف أنهاره في السنوات المنصرمة، تحول هذا الفرح إلى حزن، في زمن لا دولة فيه ولا ساسة يعرفون كيف يحكمون بلد أكرمه الله بشتى النعم والموارد”.
ويتابع “كانت الحكومات السابقة تستبق موسم الامطار خوفًا من الفيضان ومن يقرأ كتاب (فيضانات بغداد) بأجزائه الثلاثة لأحمد سوسة سيعرف ذلك وسيطلع على كيفية تكاتف الحكومات وخصومها لاستباق فيضان دجلة والفرات، وكيف يتعاضدون لحراسة السدود تحسبًا لطارئ يأتي من فيضانها”.
ويخلص بالقول “لكن قوانا السياسية وحكوماتها مابعد 2003 لا تمتلك من الحلول والقدرات لمواجهة مخاطر الفيضانات ولا استثمار مياه الامطار سوى التعزية والمواساة وإصدار البيانات والتوجيهات لمواجهة المخاطر دون متابعتها، وإعلان العطل الرسمية وتشكيل لجان تحقيق لا تُحقق بشيء، والتغاضي عن الحلول والبدائل”.
وكانت الحكومات، قد فشلت على مدار سنوات بالسيطرة على ملف غرق الشوارع خلال الأمطار والاستفادة منها، فضلًا عن فشلها في إدارة أزمات الفيضانات التي سببت أضرارًا بشرية ومادية بشكل سنوي، لاسيما أن أغلب خطوط تصريف المياه باتت بحكم المعطلة أو لم يتم تطويرها بما يتناسب مع الزيادات السكانية في البلاد.

وتشهد محافظات وسط وجنوبي العراق، منذ الأربعاء، موجة أمطار غزيرة انهارت بسببها شبكات الصرف الصحي في عدد من المناطق، وجعلت المواطنين يلازمون منازلهم، فيما لجأ بعضهم إلى الاعتماد على أنفسهم في التنقل وبطرق، تصنف بأنها بدائية”.
وأظهرت مقاطع مصورة نشرها مواطنون وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، شوارع محافظات الفرات الأوسط والجنوب وهي تغرق بالمياه فضلا تشكل البرك الطينية جراء انهيار البنية التحتية.
وبينت صور أخرى معاناة الطلبة خلال توجههم إلى مدارسهم بعد أن حولت مياه الأمطار الشوارع إلى مستنقعات آسنة تنتشر فيها الأوحال في فصل دوري من معاناة العراقيين في مختلف مناحي الحياة لاسيما صعوبة التنقل جراء الأمطار وانعدام البنية التحتية قبل أن تسارع السلطات الحكومية بإعلان تعطيل الدوام في محاولة للحد من انتشار المزيد من الصور لمعاناة الطلاب.
ويرى الناشط أحمد حقي أنّ “اللجوء إلى تعطيل الدوام مع كلّ موجة أمطار هو دليل فشل في وقت يجمع فيه عراقيون على أن تهالك البنى التحتية وعدم قدرة شبكات تصريف مياه الأمطار على استيعاب كميات المياه المتساقطة وغرق الشوارع المتكرر، هي أسباب رئيسة للجوء السلطات إلى تعطيل الدوام الرسمي، بهدف امتصاص الغضب الشعبي”.
ويضيف أنّه “إلى جانب إضاعة الطلاب فرص التعلّم والخسائر الاقتصادية (المترتّبة على تلك القرارات)، فإنّ التعطيل المتكرر يمثّل حالة هروب من الواقع، ورسالة إلى الناس مفادها: لازموا منازلكم”، ويتساءل عن “المبالغ التي أُنفقت لإنشاء شبكات الصرف والطرقات في المحافظات العراقية في عهد الحكومات السابقة لاسيما حكومة نوري المالكي، والتي تخطّى إجماليها ستّة مليارات دولار أميركي من دون أيّ نتائج واضحة على مستوى العراق ككلّ”.

وتؤدي كثرة العطل إلى عرقلة عمل الدوائر الحكومية وتعطل المعاملات الرسمية في دوائر الدولة والمحاكم وتشكل تهديدا مباشرا لمستويات التعليم والإنتاج.
وكانت وزارة الثقافة العراقية أعدت صيغة جديدة لقانون العطل الرسمية، لكنّ أحزابًا سياسية وجدت أنّ فقرات في المقترح “تثير الحساسية عندما تتعلّق بمناسبات مثيرة للجدل”.
وقالت الوزارة في بيان إن “العراق بات الدولة الأولى عالمياً في عدد العطل الرسمية، الأمر الذي يؤثّر على الإنجاز والحالة الاقتصادية وتقدّم البلاد”، واقترحت أن يكون هناك 12 يوم عطلة رسمية فقط.
وعاد السجال ليتجدد عندما أعلنت السلطات الحكومية تعطيل الدوام جراء الأمطار الأخيرة في عدد من المحافظات دون النظر لأسباب المشاكل التي تستدعي تعطيل الدوام.
وفي حين أن عدد أيام العطل الرسمية قبل غزو العراق في العام 2003 كان 16 يومًا، فإن عدد أيام العطل التي تم تسجيلها في العام 2021 بلغ 105 أيام.
ويبحث نواب في البرلمان الحالي منذ أشهر إصدار قانون ينظم أيام العطل الرسمية في العراق، بعد أن تجاوز مجموع أيام العطل في العام الماضي 110 أيام، عدا أيام الجمعة والسبت، ما جعل مجموع العطل يبلغ 214 يوما، وهو أعلى معدل في العالم، في بلد يعد هو الأدنى في العالم من ناحية الإنتاجية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى