فضيحة الصهيونية في غزة
أثبتت الوقائع المشهودة أن الصهيونية حركة عنصرية مقيتة مارست وتمارس التمييز العنصري بأبشع صوره وأشكاله منذ أن ابتليت الإنسانية بهذا الشيطان المارد الذي استطاع أن يتحكم بتوجيه السياسات الدولية للعالم والتحكم بمصائر الشعوب ومستقبلها تارة عن طريق الضغوط الاقتصادية وأخرى عن طريق القوة العسكرية الغاشمة، هذه حقيقة الصهيونية التي أكدتها وقائع الماضي والحاضر والتي جاءت متوافقة مع جوهرها وأهدافها وسلوكها العنصري، وهو ما يتوافق مع ما وصفتها بها الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم 3379 الصادر في العاشر من تشرين الثاني 1975 “باعتبارها حركة عنصرية تمارس التمييز العنصري وتهدد الأمن والسلم العالمي” هذا القرار الذي اتخذ بغالبية الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة يوم كان للأمم المتحدة شيء من التأثير والمصداقية ويوم كان للعرب بقية من هيبة وحضور على الساحة الدولية.
هذا القرار الذي تم نقضه للأسف عام 1991 بعد تفكك المعسكر الشرقي وتفرد أمريكا بقيادة العالم وتمزق الصف العربي بعد احتلال العراق للكويت وخروجه من معادلة الصراع العربي الصهيوني.
قرابة النصف قرن مضى منذ أن صنفت الصهيونية بأنها حركة عنصرية وها هي اليوم تعود لتثبت بأفعالها الشنيعة في فلسطين وخاصة جرائمها المروعة في غزة، حقيقة مترسخة لدى أحرار العالم بأن الصهيونية خطر محدق على شعوب الأرض بعدما كشرت عن أنيابها وأخرجت كل مكنونات فكرها الخبيث المستمد من تعاليم وأساطير التلمود رغم تسترها برداء الديمقراطية وتشدقها بمبادئ القانون الدولي والحقوق المدنية وغيرها من الشعارات الرنانة المخادعة، التي أصبحت الوسيلة الناعمة للأمريكان وحلفائهم للابتزاز، وطوقًا حول أعناق الأمم والشعوب لسلب إرادتها والسيطرة على مقدراتها.
هذا السلوك المنافق لحلفاء “إسرائيل” والكيل بمكيالين والتعامل بازدواجية مفضوحة مع حقوق ومصالح العرب والمسلمين ودعمهم غير المحدود للكيان الصهيوني وتغاضيهم عن أفعاله الهمجية منذ احتلاله لفلسطين وإلى يومنا هذا يؤكد قوة النفوذ الصهيوني على دوائر صنع القرار في هذه الأنظمة الغربية.
لقد فضحت غزة الصابرة بشهدائها وجراحات أطفالها ونسائها وشيوخها هذا الكيان المجرم وأسقطت ورقة التوت التي كان الصهاينة وحلفاؤهم يلتحفونها ويتسترون خلفها، فصور جثث آلاف الأطفال والنساء والشيوخ التي تم انتشالها من تحت الأنقاض أو تلك التي لم تحظ بمراسم دفن يليق بكرامة الإنسان.
تلك الصور والمناظر المرعبة والجرائم المرتكبة بحق المدنيين في غزة قد اخترقت فضاء النفاق الإعلامي الغربي إلى وجدان الأحرار من شعوبهم الذين امتلأت بهم شوارع وساحات واشنطن ونيويورك ولندن وباريس وغيرها من العواصم والمدن الأخرى بعد أن زالت عن أعينهم وعقولهم تلك الغشاوة التي صنعتها آلة الإعلام الصهيونية على مدى عقود من التضليل والخداع والتزييف لحقائق التاريخ والوقائع المعاصرة على الأرض، ورغم المآسي والمعاناة التي ألمت بأهل غزة جراء هذا العدوان الوحشي إلا أنها فتحت أبوابًا من الأمل للشعب الفلسطيني وأعادت قضيتهم فتية لواجهة الأحداث بعد أن حاول الأعداء طي صفحاتها وإنهاء فصولها بالتقادم المسقط للحقوق من خلال الوعود الكاذبة بما يسمى حل الدولتين واتفاقات مجحفة وهزيلة أفقدها التسويف والمماطلة قيمتها وأهميتها لأجل كسب الوقت وقضم الأرض وبناء المستوطنات وتهجير سكانها وفرض الأمر الواقع لكن المنح الربانية تولد دائمًا من رحم المحن والمعاناة فهذا العدوان الصهيوني قد فضح هذا النهج وقوض حجج المطبعين والمطبلين وكبح محاولاتهم لتمرير صفقة القرن المشبوهة.
وإذا كانت دماء الغزاويين قد فضحت جرائم الصهيونية وعرتها من كل قيم الإنسانية وقواعد الأخلاق والأعراف الدولية التي تحرم استهداف المدنيين العزل فإنها كشفت وفضحت مرة أخرى هشاشة وضعف المجتمع الدولي وعجزه عن توفير الحماية للمدنيين العزل في الأراضي الفلسطينية المحتلة في مدن الضفة وقطاع غزة ووقوفه متفرجًا على جرائم الكيان الصهيوني البشعة في غزة التي هزت مشاعر ووجدان شعوب العالم شرقًا وغربًا، مما يؤكد حقيقة واضحة أن المنظمة الدولية وأجهزتها المختلفة لا تعدو عن كونها دائرة إدارية ملحقة بوزارة الخارجية الأمريكية منزوعة الإرادة والتأثير.
كما أكدت هذه الأحداث خيبة أمل الشعوب العربية من موقف النظام العربي الرسمي الذي لم يتجاوز تكرار عبارات التنديد والشجب وفي أقوى هذه المواقف هو الشجب الشديد فيما طائرات العدو ودباباته تفتك بأهل غزة قتلا وتدميرًا وحصارًا خانقًا.