كاميرون يوبخ السوداني: حكومتك ليست مؤهلة للقيام بأي دور في حرب غزة
اتصال هاتفي ينتهك الأعراف الدبلوماسية بين وزير الخارجية البريطاني ورئيس حكومة الإطار التنسيقي يشدد على عدم قدرة أي طرف بتحمل تكلفة انفلات الوضع في العراق.
بغداد- الرافدين
وبخ وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني في اتصال هاتفي يتجاوز الأعراف الدبلوماسية والبروتكول عندما يتصل وزير خارجية برئيس حكومة.
وشدد كاميرون في الاتصال الهاتفي مع السوداني، على أن العراق غير مهيأ أن يلعب أي دور محتمل في الصراع القائم حاليًا في غزة، وعلى رئيس الحكومة أن يمارس سلطة أقوى لمنع الميليشيات المارقة من تجاوز ما مسموح لها وحماية الرعايا الأجانب في العراق.
وطالب كاميرون رئيس حكومة الإطار التنسيقي أن يفرض سلطته على ميليشيات تابعة للحكومة، لأن مجرد الانفلات في العراق فأن الحكومة لا تتحمل تكلفة ذلك خصوصًا مع النقمة الشعبية المتصاعدة في العراق.
وفي الوقت الذي لم تشر وزارة الخارجية البريطانية في نشراتها الإخبارية إلى الاتصال الهاتفي بين كاميرون والسوداني، تذرعت حكومة السوداني بأن الاتصال جاء لتوجيه دعوة للأخير لزيارة بريطانيا، في جهل مريع للأعراف الدبلوماسية.
وذكر بيان حكومي أن السوداني تعهد بالتزام حكومته بحماية المستشارين العسكريين المتواجدين على الأراضي العراقية، مجددًا رفض العراق أيَّ انتهاك لسيادته تحت جميع الظروف.
غير أن تقريرًا لصحيفة “فايننشيال تايمز” البريطانية أكد على أن السوداني لا يستطيع السيطرة والتأثير على الميليشيات المسلحة عندما تستحوذ على الشارع.
ووصف مصدر سياسي عراقي مقرب من أجواء المنطقة الخضراء، بأن الاتصال الهاتفي يتجاوز التوبيخ ويمثل نكسة دبلوماسية وبروتكوليه للسيادة العراقية.
وقال المصدر في تصريح لقناة “الرافدين” كاميرون ليس مقابلا للسوداني، وإنما لوزير الخارجية فؤاد حسين، ووفقا للأعراف الدبلوماسية يتصل به وليس برئيس الوزراء وإنما من يتصل هو رئيس الحكومة البريطانية ريشي سوناك، الأمر الذي يكشف مستوى المهانة والتوبيخ والقلق البريطاني أيضًا من انفلات الأوضاع في العراق.
وقال المصدر إن ذريعة حكومة السوداني بشأن توجيه دعوة له لزيارة المملكة المتحدة تنم عن جهل مريع بالتقاليد الدبلوماسية، فالدعوات لا توجه عبر الاتصالات الهاتفية، بل عبر الرسائل الرسمية، خصوصًا إذا كانت “زيارة دولة” وليس زيارة سياسية.
وشدد المصدر بقوله إن ما ينم عن مستوى الإهانة في هذا الاتصال فأن كل مواقع وزارة الخارجية البريطانية والحساب الرسمي لديفيد كاميرون لم تنشر أي خبر للاتصال الهاتفي، وأن حكومة الإطار التنسيقي حاولت الحفاظ على ماء وجهها في نشر خبر بائس عن دعوة لزيارة المملكة المتحدة.
وقال إن الجدول الرسمي للزيارات الحكومية إلى المملكة المتحدة وفق ما منشور في مواقع وزارة الخارجية البريطانية لا يشير إلى أي موعد قريب لزيارة السوداني إلى لندن، الأمر الذي يكشف مستوى التلفيق الذي وصلت لها حكومة السوداني.
وحاولت حكومة السوداني تلافي “الإهانة الدبلوماسية” البريطانية عبر بعث رسائل موازية تهدد من انفلات الأوضاع وانطلاق صراع أقليمي عبر تصريحات لمستشار السوداني فرهاد علاء الدين.
واختارت حكومة السوداني وكالة “رويترز” البريطانية لا يصال تلك الرسائل عندما قال فرهاد علاء الدين مستشار رئيس الوزراء محمد شياع السوداني للشؤون الخارجية إن العراق يعتقد أن المنطقة قد تشهد صراعا إقليميًا ما لم تتحول الهدنة الحالية في غزة إلى وقف دائم لإطلاق النار. وبعد ساعات من اتصال كاميرون بالسوداني.
وقال فرهاد علاء الدين إن المنطقة برمتها مقبلة على صراع مدمر قد يشمل الجميع، ولا يُعرف مدى توسعه أو كيفية السيطرة عليه وإيقافه.
وأضاف في تصريح لوكالة “رويترز” أن لهذا السبب يرى العراق أن أي وقف لإطلاق النار في الصراع مفيد ومهم في هذه المرحلة للشعب الفلسطيني أولا ولجميع دول المنطقة بما في ذلك العراق.
يأتي ذلك فيما قلل مصدر سياسي عراقي مطلع من التهديدات التي تطلقها ميليشيات إيران في العراق، مؤكدًا على أنها تأتي ضمن المساحة المسموح بها في سياسة التخادم الأمريكي الإيراني في العراق وباطلاع بريطاني.
وشدد على أن واشنطن وطهران متفقتان على إبقاء الوضع على ما هو عليه في العراق، وعدم السماح بانفلات الوضع بذريعة الحرب المستمرة في غزة.
وقال المصدر إن الجانب الأمريكي أوصل رسائل واضحة لحكومة السوداني بأن مجرد تخط أكثر مما مسموح به وفق سياسة التخادم مع إيران، يهدد بقاء حكومة السوداني بما فيها أحزاب وميليشيات الإطار التنسيقي.
يأتي ذلك فيما كشفت مصادر إعلامية، بأن القوات الأمريكية قطعت “قنوات تبادل المعلومات” مع القوات الحكومية في قاعدة عين الأسد غربي العراق.
وأوضحت المصادر أن الأمريكيين يعتقدون أن إحداثياتهم داخل القاعدة كانت يتم تسريبها من قبل المطلعين إلى الميليشيات الولائية المدعومة من إيران.
ويرى مراقبون أن الرسالة الأمريكية والبريطانية المتزامنة في غاية الوضوح، بأن الهدوء السياسي الخادع الذي تعيشه حكومة الإطار التنسيقي ليس موضع اطمئنان، وأن واشنطن مع بقاء الوضع في العراق على ماهو عليه في الوقت الحاضر، إلا أن ذلك لا يعني أن زعماء العملية السياسية موضع ثقة دائمة.
وتؤكد التقارير السرية التي ترفعها السفيرة ألينا رومانوسكي إلى وزارة الخارجية الأمريكية على أن موجة الاستياء الشعبي العراقي لم تتراجع، وأن الصراع والتنافس بين القوى السياسية والأحزاب على مغانم الدولة تستعر مع اقتراب موعد انتخابات مجالس المحافظات.
وقالت وزارة الخارجية البريطانية في بيان على موقع الحكومة الرسمي إنها سحبت موظفي سفارتها مؤقتًا من بغداد بسبب مخاطر تدهور الوضع الأمني.
ونصحت وزارة الخارجية جميع البريطانيين بعدم السفر إلى جميع محافظات العراق باستثناء مدن إقليم كردستان شمال العراق، عند الضرورة القصوى.
ويأتي التحذير البريطاني من عدم السفر إلى العراق بالتزامن مع تقارير أمنية أكدت على أن الولايات المتحدة حذرت رعاياها بعدم السفر إلى العراق واخلاء رعاياها من غير العاملين في حالات الطوارئ.