أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

مئات الآلاف يعيشون في نزوح دائم بعد تنصل حكومة السوداني من محنتهم

مديرية الهجرة في السليمانية: حكومة الإطار التنسيقي ووزارة الهجرة والمهجرين تتعاملان مع مسألة النازحين سياسيًا.

بغداد – الرافدين
اتهمت لجنة الهجرة والمهجرين في البرلمان، وزارة الهجرة بالفشل في إدارة ملف النازحين.
ووجهت لجنة الهجرة والمهجرين في البرلمان الحالي، انتقادات لوزارة الهجرة بشأن إدارتها لملف النازحين في العراق، وذلك بعد مضي أكثر من ستة سنوات على انتهاء المعارك والعمليات العسكرية، محملة جميع وزراء الهجرة في الحكومات المتعاقبة مسؤولية الأمر، وبينت أنها تتابع المشاكل السياسية التي أثرت على الملف.
وقال رئيس اللجنة، النائب شريف سليمان إن “وزارة الهجرة على مدى الحكومات المتعاقبة فشلت في حل أزمة عودة النازحين في العراق إلى مناطق سكناهم الأصلية”، مبينا أن “تسييس ملف النازحين أثر بشكل كبير على إيجاد الحلول له”.
وأضاف أن “اللجنة ستتابع مطلع العام المقبل موضوع إعادتهم لديارهم بعد تقديم الدعم المادي لهم، من خلال حل المشاكل التي أثرت بشكل كبير في وضع النازحين، لا سيما موضوع عودتهم والجانب الأمني والخدماتي لمناطقهم المستعادة.
ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة بعد عام 2014، من حسم ملف النازحين لأسباب عدة بينها سيطرة الميليشيات على عدد من المناطق الأصلية للنازحين ومنعهم من العودة، أو بسبب هدم منازلهم وسلبها. ولم يتلقَ هؤلاء النازحون تعويضات حكومية، إذ إنّ ملف إعمار المناطق المهدمة التي نزح أهلها ما زال عالقًا، ولم يتمّ تأهيل غالبيتها.
ولا يزال أكثر من مليون عراقي ما زالوا نازحين منهم 400 ألف نازح عراقي ممنوعون من العودة إلى مدنهم بقرار من ميليشيات مسلحة تستولي عليها، وأبرزها منطقة جرف الصخر (شمالي بابل). وتسيطر على المنطقة مليشيات “كتائب حزب الله” و”النجباء” و”عصائب أهل الحق” و”جند الإمام” منذ نهاية عام 2014. كما منعت تلك الميليشيات سكان بلدات أخرى، أبرزها العوجة ويثرب وعزيز بلد وقرى الطوز وقرى مكحول في محافظة صلاح الدين، والعويسات وذراع دجلة وجزء من منطقة الثرثار ومجمع الفوسفات في محافظة الأنبار، وقرى المقدادية وحوض العظيم، شمال شرقي محافظة ديالى، من العودة إليها.
وقال نازحون عراقيون إن حكومة السوداني تلجأ إلى الدعاية الإعلامية في حديثها عن ملف النازحين، لتجدد وعودها القديمة التي لم ينفذ منها أي شيء على أرض الواقع.
وبين النازحون أن فشل وزارة الهجرة الحالية في حل هذا الملف جعلهم يسئمون من الوعود الحكومية، مؤكدين أن “ملفهم سياسي بحت وأن قرار عودتهم بيد الميليشيات المسلحة التي تسيطر على مناطقهم بشكل كامل”.
ويقول الحاج أبو علي الجنابي، وهو أحد النازحين في العراق من بلدة جرف الصخر “سئمنا الوعود الحكومية، سنوات طويلة تعد بحل الملف ولا نتائج، وأن الملف سياسي بحت، وقرار عودتنا بيد الفصائل المسلحة التي سيطرت على ممتلكاتنا بشكل كامل، ولا تقبل حتى بالحلول الحكومية”.
وأشار إلى أن الحكومة غير جادة بحل الملف، ولا تستطيع فرض قراراتها على الجماعات المسيطرة على مناطقنا.
وتصطدم الوعود الحكومية مع نفوذ الميليشيات التي تسيطر على تلك المناطق وتمنع أي أحد من الدخول لها مهما كان منصبه ولاسيما جرف الصخر التي أصبحت معسكرًا للميليشيات أو كما وصفتها صحيفة نيويورك تايمز بأنها “قاعدة عمليات أمامية لإيران”.
وذكرت الصحيفة الأمريكية إن ناحية جرف الصخر تحولت إلى منطقة يعجز حتى قادة الجيش والمسؤولين في العراق من دخولها حيث باتت قاعدة عمليات أمامية لإيران، وتخضع لسيطرة ميليشيا حزب الله التي تستخدمها لتجميع المسيرات والصواريخ التي يتم الحصول على أجزاء منها من إيران.
ونقلت عن ضباط مخابرات عراقيين وغربيين قولهم إن الأسلحة التي يتم تجهيزها في هذه المنطقة تستخدم في الهجمات التي تشنها الميليشيات المرتبطة بإيران في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وكان النائب رعد الدهلكي قد أكد أن “ملف إعادة النازحين في العراق يتوقف على القرار والإرادة الحكومية في التنفيذ ولا يتطلب تشريعًا برلمانيًا ليتطلب المزيد من الوقت.”
ورجح عدم حل هذا الملف في القريب العاجل، كما استبعد تنفيذ بنود الاتفاق السياسي خلال الفترة المقبلة المتبقية من عمر حكومة السوداني، مؤكدًا وجود ضغوطات تمارسها قوى سياسية متنفذة حالت دون تنفيذ السوداني لتعهداته تجاه المناطق “السنية” في الوثيقة السياسية التي وقع عليها تحالف إدارة الدولة،  ولاسيما قانون العفو العام وإخراج الحشود من المدن والكشف عن مصير المغيبين وتعويض المتضررين وإنهاء ملف المساءلة والعدالة، ومن بينها ملف إعادة النازحين إلى مناطقهم.
وأطلق نازحون في مخيمات العراق صرخات استغاثة مع بداية موسم الشتاء وهم يعيشون في خيم متهالكة، في ظل انعدام وسائل الحياة في مخيمات النزوح واستمرار التجاهل الحكومي لمأساتهم.

فاطمة العاني: عودة النازحين مرهون بقرار إيراني خالص

إلا أن صرخات الاستغاثة قوبلت بتجاهل متعمد لمعاناتهم حيث أكد مراقبون أن تعامل الحكومات المتعاقبة مع النازحين، وعدم العمل على إعادتهم لمناطقهم، نابع من سياسية ممنهجة يراد منها إلغاء هويتهم وسلبهم حق الحياة على أراضيهم لتمرير مخططات تغيير ديموغرافي.. الرأس المدبر لها النظام في طهران.
وقالت مستشارة المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب الدكتورة فاطمة العاني إن “استمرار معاناة النازحين وعدم إعادتهم إلى مناطقهم سببه عدم وجود حكومة وطنية في العراق لها قرار مستقر، وسيطرة الميليشيات الطائفية التابعة لإيران على مفاصل الدولة في العراق”.
وأكدت العاني في تصريح لقناة “الرافدين” أن “عودة النازحين مرهون بقرار إيراني خالص”.
وحول تعامل الحكومة ووكالات الأمم المتحدة مع مسألة النازحين، أكدت دائرة الهجرة والمهجرين في منطقة كرميان التابعة لمحافظة السليمانية أن الكثير من الوكالات والمنظمات الإنسانية قد تراجعت عن دعم النازحين وأوقفت أغلب مساعداتها، كما أن الحكومة في بغداد ووزارة الهجرة والمهجرين تتعاملان مع مسألة النازحين “سياسياً” وهذا الأمر “لا يخدم مسألة النازحين ذاتها كما لا يساعد على عودتهم”.
وأشار بيستون زاليي مدير الهجرة والمهجرين في منطقة كرميان أنه “بحسب إحصاءات وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، هناك أكثر من 30 ألف نازح، يقيمون في الوقت الحاضر خارج المخيمات في مناطق إدارة كَرميان، يشكلون نحو 5 آلاف عائلة”.
وقال إن “ما يفاقم معاناة النازحين هو تراجع الكثير من الوكالات والمنظمات الإنسانية عن دعم النازحين وقطع أغلب المساعدات المخصصة لهم “.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى