ديمقراطية التهديد والوعيد تطبع انتخابات مجالس المحافظات
مراقبون: الأجهزة الأمنية والميليشيات تضغط على النازحين والمنتسبين لإجبارهم على الانتخابات وتهددهم بالعقوبات والمجالس التحقيقية.
بغداد – الرافدين
كشفت مصادر صحفية عن تهديدات تنفذها الميليشيات بقوة السلاح بحق سكان المحافظات التي شهدت عمليات عسكرية لاختيار الجهات الموالية لها في انتخابات مجالس المحافظات.
وأضافت المصادر أن الميليشيات داهمت العديد من المناطق لسحب البطاقات البيومترية والوثائق الرسمية لمن يحق لهم التصويت بعد أن أجبروهم على تحديث بياناتهم، مشيرة إلى أن الانتخابات التي ستجري يوم غد الثامن عشر من شهر كانون الأول والتي أنجزت يوم أمس الصفحة الأولى منها بما يسمى بالتصويت الخاص والذي يشمل أفراد القوات العسكرية والأمنية، لن تختلف عن سابقاتها فيما يخص عمليات التزوير والإجبار لاسيما في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات المسلحة.
وأكد ناشطون أن أحزابًا وميليشيات مسلحة مارست الضغط على النازحين عبر وسائل عديدة، في سبيل توجيه أصواتهم نحو كيانات سياسية محددة، على الرغم من تأكيد مراكز إنسانية مقاطعة النازحين لهذه الانتخابات كسابقاتها، مشيرة إلى أنّ الإحباط والاستياء من الأحزاب الحالية والحكومات المتعاقبة هو شعور جماعي لدى النازحين، الذين يسكنون الخيام منذ أكثر من تسعة أعوام.
وتتنوع أشكال التهديدات حيث أظهر كتاب صادر من وزارة الداخلية إلى مديرية أحوال الرصافة في بغداد طالب فيه المديرية بتزويدها بأسماء العسكريين المشاركين بالانتخابات والمتخلفين عنها إلكترونيًا وورقيًا.
وتداول رواد منصات التواصل الاجتماعي تسجيلًا صوتيًا لمدير شرطة البصرة اللواء قاسم العتابي يتوعد فيه المنتسبين الأمنيين بالعقوبات والاعتقال إذا لم ينتخبوا مؤكدًا أن سيارات الشرطة ستنقل المنتسبين على شكل وجبات للمشاركة في الانتخابات.
وكشف تسجيل صوتي مسرب لقائد شرطة صلاح الدين اللواء قنديل خليل عن وجود توجيهات عليًا من وزارة الداخلية بتوجه جميع المنتسبين للذهاب إلى التصويت والمشاركة في الانتخابات، فيما يصبح الممتنع عن الذهاب للتصويت مهددًا بتشكيل مجلس تحقيقي وفق “جريمة الغياب”.
وجاء في نص التسجيل الصوتي لقائد شرطة صلاح الدين اللواء قنديل خليل، والذي بثته وسائل إعلام محلية إنه “بتوجيه من وزير الداخلية يتم إشراك جميع المنتسبين بالعملية الانتخابية، ومن يؤشر بأنه غير مشارك يعتبر ارتكب جريمة الغياب”.
ووجه قائد شرطة صلاح الدين بتسجيل وإرسال قوائم بالمشاركين، مبينًا أنه “يتحمل المدير وأمر الفوج والقسم المسؤولية في حال عدم مشاركة أي منتسب، ويتم تشكيل مجلس تحقيقي بحق المنتسب الممتنع عن التصويت”.
وأكد قائد شرطة صلاح الدين لوسائل إعلام محلية صحة التسجيل المنسوب إليه”، معللًا أن “ذلك يأتي في سياق تشجيع المنتسبين على ممارسة دورهم الديمقراطي”.
وتهكم عراقيون على التهديدات الحكومية للمشاركة في مسرحية الانتخابات أن “إجبار المنتسبين على المشاركة والتهديد بقطع أرزاقهم وإرسال برقيات للقواطع بأسماء المقاطعين ليتم معاقبتهم دليل على نزاهة الانتخابات المرفوضة شعبيًا”.
وأضافوا أن كل المؤشرات كانت تشير، ومنذ البداية، إلى انه سيتم إجبار المنتسبين على المشاركة وتهديدهم بإجراءات عقابية خلاف ذلك في محاولة لاستغلال التصويت الخاص، كون السيطرة عليه أسهل، وذلك لرفع النسبة خصوصًا أن نسب التصويت العام ستكون ضئيلة وذلك للرفض الشعبي لهذه الانتخابات التي تمثل نافذة من نوافذ تغلغل الفساد في المحافظات العراقية.
ويرى الكاتب والباحث السياسي مجاهد الطائي أن “إجبار المنتسبين على التصويت فضيحة تقوض الديمقراطية المفترضة وتجعل الناس تكفر بالانتخابات التي يشوبها التشوهات والاستغلال”.
وأضاف الطائي “في العالم الديمقراطي يمنع تصويت رجل الأمن مهما كان، لأنه مهمته أمنية بعيدة عن الولاءات لغير الوطن؛ أما في بلاد الميليشيات فيجبر على التصويت!!”.
واستهجن الطائي بيان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والتي أكدت على أن نسب المشاركة في التصويت الخاص غير مسبوقة بأي عملية انتخابية قائلًا: يجبرون المنتسبين على التصويت ثم يتفاخرون بنسب المشاركة!.
ويتفق الكاتب والمحلل سياسي عبد القادر النايل على أن “لو كان هناك جهازًا عسكريًا أمنيًا للدولة من المفترض لا يتم السماح لهم بالمشاركة في الانتخابات لأنهم يجب أن لا يكونوا لطرف سياسي ولكن إقحام الأجهزة الأمنية يؤكد تبعيتها إلى الأحزاب والميليشيات وقد رأينا الإرهاب الذي مارسه الحشد على مختلف القطاعات الأمنية والتهديدات الواضحة في مراكز الانتخابات للتصويت على قوائمه”.
ولفت النايل في مداخلة له على قناة الرافدين الفضائية أن “على الرغم من إجبار المنتسبين على الانتخاب إلا أننا شهدنا عزوفًا داخل المؤسسة العسكرية وهذا يدلل على فقدان الثقة لهذه الكتلة العسكرية بهذه العملية الانتخابية”.
وأشار النايل إلى أن “التهديدات أيضًا طالت النازحين بشكل علني وقبل الانتخابات فما شهدناه من اقتحام ميليشيات اللواء التاسع التابعة لميليشيا بدر لمخيمات النزوح في منطقة الجلام في محافظة صلاح الدين وتهديد النازحين إذا لم يصوتوا لقوائمهم الانتخابية فإنهم لن يعودوا لديارهم مطلقًا وسيطردون أقرباءهم الذين تمكنوا من العودة يدلل على نسف العملية الانتخابية من أصلها وأن إرادة السلاح تسود لغة الانتخاب”
وأكدت شبكة شمس لمراقبة الانتخابات، أن “نسبة الاقتراع في التصويت الخاص لانتخابات مجالس المحافظات هي الأقل منذ انتخابات العام 2005 في العراق”.
هذا وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي ما وصفوه بالفضيحة بعد إعلان مفوضية الانتخابات تسجيل مشاركة وصفتها بغير المسبوقة بالانتخابات ، حيث أظهر مقطع مصور من داخل أحد المراكز الانتخابية أن نسبة المشاركة في الاقتراع فيه لم تتجاوز الـ11 بالمائة بعد حساب عدد الأوراق الصحيحة، وهي 108 فيما بلغت عدد الأوراق الباطلة 97.
وقال مكتب مفوضية الانتخابات في محافظة واسط، إن عدد المحطات التي لم ترسل البيانات الإلكترونية لنتائج الانتخابات في يوم الاقتراع الخاص بلغت 43 محطة من أصل 50 محطة أي ما يعادل 86 بالمائة.
وأكد مكتب مفوضية الانتخابات عدم إكمال عملية العد والفرز الإلكتروني بسبب تعطل أجهزة العد.
وتحدث ناشط من محافظة النجف عن الفشل الحكومي في انتخابات مجالس المحافظات حيث أشار إلى أن 75 بالمائة من الأجهزة الانتخابية معطلة، لافتًا إلى أن الأجهزة الانتخابية للتصويت الخاص في محافظة النجف 64 جهازًا كلها معطلة ما عدا 17 منها وأن مفوضية الانتخابات قد تلجأ للفرز اليدوي وهم ما يفتح أبوابًا كبيرة لتزوير نسب المشاركة.