انتخابات مجالس المحافظات.. مقاطعة شعبية واسعة وتوقعات بعودة التظاهرات
ناشطون يصفون مجالس المحافظات بأنها أوكارًا للفساد وتخدم مصالح سياسية وحزبية خاصة
بغداد – الرافدين
حذرت مصادر سياسية وإعلامية تريد استمرار العملية السياسية الحاكمة للعراق، من عودة موجة التظاهرات من جديد بعد إعادة مجالس المحافظات.
وقالت المصادر إن “هناك رفضًا واضحًا شعبيًا للأحزاب الحاكمة ولعودة مجالس المحافظات”.
وأكدت أن “أكثر المراكز الانتخابية كانت فارغة من الناخبين، بسبب السخط والرفض الشعبي لتكرار الوجوه والأحزاب السياسية الحاكمة”.
وسجلت انتخابات مجالس المحافظات التي جرت أمس الاثنين عزوفًا كبيرًا في المشاركة، حيث بلغت نسبة المشاركين في التصويت لغاية منتصف نهار يوم الانتخابات بحسب بيان للمفوضية 17 بالمائة فقط.
وكشفت مصادر في مفوضية الانتخابات بأن محافظات بغداد وديالى وبابل وكربلاء وذي قار والقادسية والمثنى والأنبار ونينوى سجلت نسبة مشاركة ضعيفة في الاقتراع العام لانتخابات مجالس المحافظات.
وأشار عضو مفوضية الانتخابات الأسبق، سعد الراوي، أن “نسبة المشاركة لن تتجاوز نسب الدورات السابقة التي بلغت نحو 25 بالمائة”.
وقالت مصادر برلمانية، إن “نسبة المشاركة الشعبية في انتخابات مجالس المحافظات في العراق متدنية جدًا، في ظل المقاطعة السياسية والشعبية الكبيرة لها”.
وعدت المصادر، أن “هذا التدني في نسبة المشاركة يؤكد أن النظام السياسي والحكم لا يمثلون الشعب العراقي بأي شيء”، مشيرة إلى أن “الأحزاب والميليشيات أصرت على إجراء الانتخابات رغم المقاطعة الكبيرة من أجل إعادة تلك المجالس التي تمكنها من إكمال السيطرة على كامل موارد الدولة وإقصاء من سبق وأن اتفقوا معهم على الشراكة من كل المؤسسات والمصالح المختلفة في المحافظات لضمان الاستحواذ الشامل على كل المكاسب”.
وأكدت المصادر أن “مقاطعة العراقيين للانتخابات سيؤشر عند المجتمع الدولي بأن هذه الطبقة السياسية مرفوضة من قبل العراقيين ولا تمثلهم بأي شيء”.

وشبه الأكاديمي والباحث السياسي الدكتور حامد الصراف الانتخابات بـ “المأتم” للأحزاب الحاكمة، وقال إن ” حديثها عن عرس انتخابي مجرد كذب لأن الشعب قال كلمته برفض العملية السياسية من خلال مقاطعته للانتخابات”.
وأكد الصراف خلال حديثه لـ (الرافدين) بأن “الحكومات المتعاقبة حاولت مرارًا وتكرارًا إخفاء حقيقة النسب المتدنية للانتخابات السابقة لاسيما في عامي 2018 و2021 لكن الأمر هذا لم يعد مخفيًا وأتضح بشكل جلي بالانتخابات الأخيرة”.
من جانبه عد الباحث في الشؤون السياسية فرات خورشيد المقاطعة للانتخابات بأنها تعبر عن الرفض الشعبي لأكذوبة الانتخابات التي لم تعد تنطل على المواطن العراقي.
وقال فرات خورشيد في حديثه لـ (الرافدين) إن “عزوف الناس عن الانتخابات جاء نتيجة عدم قناعتهم بالوجوه المكررة التي لم تحقق أي من وعودها السابقة”.
وكانت مفوضية الانتخابات قد أعلنت عن مفارقة عدها غالبية العراقيين بمثابة “كوميديا سوداء” حين قالت أن نسبة المشاركة بانتخابات مجالس المحافظات بلغت نحو 41 بالمائة من مجموع عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت، الأمر الذي يناقض تماما واقع الحال الذي رصدته عيون وعدسات كاميرات كل العراقيين وفي جميع المحافظات وهم يرصدون يوم أمس المراكز الانتخابية التي كانت خالية من المنتخبين طوال الساعات المخصصة لهذه المسرحية البائسة.
وقال ناشطون سياسيون إنّ “هذه النسبة مأخوذة من نسبة الناخبين الذين قاموا بتحديث بطاقاتهم وسجلاتهم الانتخابية، وهم لا يتجاوزون 15 مليون عراقي من أصل 27 مليونًا يحق لهم التصويت، بالتالي فإن واقع الحال يؤكد مشاركة فقط5 أو 6 ملايين شخص من أصل 27 مليون يحق لهم التصويت وهي الأرقام التي يجب اعتمادها في قياس النسبة المئوية لعدد المشاركين.
وأفادوا بأن “نسبة المشاركة في الانتخابات وفقا للقياسات والأرقام الصحيحة، لم تكن تتجاوز في أحسن الأحوال نحو 15 بالمائة”.
وقد سجلت المنظمات والمؤسسات والمراصد التي راقبت الانتخابات مئات حالات الخروقات في الأجهزة وآلية التعامل مع الناخبين، بالإضافة إلى محاولات التحايل على موظفي مراكز الاقتراع.
ومع ما سجلته مراكز الانتخاب من مقاطعة شعبية كبيرة للانتخابات إلا أنها لم تخلوا من التلاعب والخروقات.
حيث كشف تحالف الشبكات والمنظمات الوطنية لمراقبة انتخابات مجالس المحافظات عن تسجيل نحو ألف خرق بالتصويت العام في انتخابات مجالس المحافظات.
وقال التحالف إن مجموع عدد الحوادث التي رصدها مراقبو التحالف في المحطات التي جرت تغطيتها أثناء عملية الاقتراع في التصويت العام، بلغ 929 حادثا.
وبحسب التحالف فإن الخروقات تمثلت في وجود دعاية انتخابية للكيانات السياسية داخل اللجان، وتوزيع بطاقات أرقام المرشحين، ووجود أشخاص غير مصرّح لهم داخل محطة الاقتراع، بينما جرى طرد مندوبي المرشحين من داخل غرف الاقتراع، فيما تم رصد تعطل 42 جهاز تسجيل ورصد النتائج.
المجالس التي وصفها ناشطو تشرين بأنها أوكار للفساد، جرى حلها بضغط من التظاهرات عام 2019، لكن حكومة الإطار التنسيقي أعادة العمل بها لكونها بوابة أخرى للاستحواذ على مقدرات وثروات العراق والحفاظ على عملية سياسية تؤمن لهم مكاسب مادية جمة.. فهل سيستوي الحال بعد ذلك لمن سرقوا العراق والعراقيين وتلاعبوا بمصائر الشعب ووطنهم خدمة لرعاتهم في ايران وتامينا لمشروع الاحتلال الأمريكي؟