الأمم المتحدة تعترف بارتكاب قوات الاحتلال مذبحة كاملة في مستشفى الأقصى
جيما كونيل الموظفة بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا): رأيت صبيًا عمره تسع سنوات يعاني بشكل مأساوي من إصابة مدمرة في الرأس يموت أمامي.
غزة – وصفت جيما كونيل الموظفة بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، ما رأته في مستشفى الأقصى في غزة بأنه “مذبحة كاملة”.
وقالت كونيل لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن هناك العديد من المصابين “بجروح شديدة الخطورة، لكن لا يمكن علاجهم لوجود الكثيرين أمامهم في طابور الجراحة، والمستشفى مكتظ بالمصابين بما يفوق طاقته الاستيعابية”.
ونقلت الإذاعة البريطانية عن كونيل قولها الثلاثاء ”رأيت صبيًا عمره تسع سنوات يعاني بشكل مأساوي من إصابة مدمرة في الرأس يموت أمامي”.
وتحدثت عن وفاة الطفل أحمد في مستشفى الأقصى في دير البلح، حيث تم نقل العديد من جرحى الغارات الجوية “الإسرائيلية” الليلة الماضية. وقضت كونيل حوالي ساعة ونصف الساعة في هذا المستشفى.
وأضافت جيما كونيل التي تقود فريقًا إنسانيًا تابعًا للأمم المتحدة، أن الكثير من الفلسطينيين في قطاع غزة اتبعوا أوامر الإخلاء التي أصدرها الجيش “الإسرائيلي” وبحثوا عن الأمان في مناطق محددة ليجدوا أنه لم يتبق أمامهم سوى مساحة صغيرة في القطاع المكتظ بالسكان.
وتحدثت كونيل، التي تعمل في غزة منذ عدة أسابيع، عما قالت إنها “رقعة شطرنج بشرية” يفر بداخلها آلاف الأشخاص الذين نزحوا عدة مرات بالفعل، وأضافت أنه ليس هناك ما يضمن أن وجهتهم القادمة ستكون آمنة.
وقالت “كان الناس يتجهون جنوبًا ومعهم حشايا وكل ممتلكاتهم في شاحنات صغيرة وشاحنات وسيارات في محاولة للعثور على مكان آمن”.
وأضافت “لقد تحدثت إلى العديد من الأشخاص. هناك مساحة صغيرة متبقية هنا في رفح لدرجة أن الناس لا يعرفون إلى أين سيذهبون، ويبدو الأمر وكأن الناس يتم نقلهم حول رقعة شطرنج بشرية لأن هناك أمر إخلاء في مكان ما”.
وتابعت “الناس يفرون من تلك المنطقة إلى منطقة أخرى. لكنهم ليسوا آمنين هناك”.
وقالت “لم يكن في منطقة صدرت بشأنها أوامر إخلاء، بل كان في منطقة كان من المفترض أن تكون آمنة. لا يوجد مكان آمن في غزة”، مضيفة أن غارات جوية جديدة وقعت عندما كانت في المستشفى وأنها شاهدت بنفسها إحضار مصابين جدد.
وقالت منظمة الصحة العالمية إنه لم يعد هناك مستشفيات عاملة في شمال قطاع غزة واصفة مشاهد مرضى متروكين يستجدون الطعام والماء بأنها “لا تحتمل”.
وأفادت المنظمة التابعة للأمم المتحدة إنها قادت بعثات إلى مستشفيَين أصيبا بأضرار بالغة هما الشفاء والأهلي في شمال قطاع غزة الأربعاء.
وصرّح ممثل منظمة الصحة في قطاع غزة ريتشارد بيبركورن “طواقمنا تعجز عن وصف الوضع الكارثي الذي يواجهه المرضى والطواقم الطبية” الذين ما زالوا هناك.
وجاءت تصريحاته فيما تتكثّف الجهود الدبلوماسية الرامية للتوصل إلى هدنة للحرب التي أودت بحياة 20 ألف شخص في غزة 70 بالمائة منهم من النساء والأطفال.
ونقلت منظمة الصحّة العالمية شهادات “مروّعة” عن قصف مخيّم المغازي للاجئين الفلسطينيين في وسط غزة، مشيرة إلى أنّ هذه الروايات جمعتها طواقمها من “مستشفى الأقصى” الذي نُقل إليه ضحايا هذا القصف “الإسرائيلي” الذي أوقع عشرات القتلى والجرحى.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة تيدروس أدهانوم غبرييسوس في منشور على منصّة “إكس” إنّ “فريق منظمة الصحة العالمية سمع من الطواقم الطبية والضحايا قصصًا مروّعة عن المعاناة التي خلّفتها الانفجارات”.

جيما كونيل: أهل غزة يعيشون في رقعة شطرنج بشرية يفر بداخلها آلاف الأشخاص الذين نزحوا عدة مرات بالفعل
وأضاف أنّ “طفلاً فقدَ عائلته بأكملها في قصف المخيّم، وهناك ممرّض في المستشفى مني بنفس الخسارة، إذ قُتلت عائلته بأكملها”.
وبحسب وزارة الصحة التابعة لحركة حماس فقد استشهد ما لا يقلّ عن 70 شخصًا في ضربة “إسرائيلية” استهدفت مساء الأحد مخيّم المغازي للاجئين.
وفي مستشفى الأقصى الواقع في دير البلح بوسط القطاع والذي نقل إليه ضحايا هذا القصف، وضعت عشرات الجثث داخل أكياس بيضاء جنب بعضها البعض على الأرض بانتظار دفنها.
ونقل المدير العام لمنظّمة الصحّة عن مسؤولين في المستشفى قولهم إنّهم استقبلوا نحو مئة جريح أصيبوا في هذا القصف.
وشدّد تيدروس على أنّ “عدد المرضى الذين يعالجهم المستشفى يفوق بكثير طاقته من حيث الأسرّة والطواقم الطبية”.
وحذّر من أنّ “الكثيرين لن تُكتب لهم النجاة بينما هم ينتظرون” دورهم لتلقّي الرعاية الصحية اللازمة.
ونبّه المدير العام إلى أنّ هذا القصف “يُظهر بوضوح لماذا يجب وقف إطلاق النار على الفور”.
وأرفق تيدروس منشوره بمقطع فيديو صوّره أحد مسؤولي فريق منظمة الصحة من داخل مستشفى الأقصى.
وفي هذا الفيديو يقول شون كيسي إنّه غادر لتوّه غرفة الإنعاش حيث كان هناك طفل يبلغ من العمر 9 سنوات ويُدعى أحمد.
ويضيف هذا المسؤول في منظمة الصحّة بينما هو يحبس دموعه أنّ الطفل الذي أصيب في القصف بجروح خطرة “عولج بالتخدير فحسب لتخفيف معاناته بينما هو يحتضر”.
ويوضح أنّ أحمد “كان يعبر الشارع أمام الملجأ الذي كانت عائلته موجودة فيه حين أصيب المبنى المجاور بالقصف. لقد أصيب (الطفل) بشظايا وبحطام وتعرّضت أنسجة دماغه” للضرر.
ويتابع كيسي بنبرة ملؤها الحزن “لا أحد يستطيع أن يفعل أيّ شيء من أجله. وعلى غرار الكثير من الحالات الموجودة هنا، ما من قدرة على رعاية الحالات العصبية المعقّدة وحالات الصدمات المعقّدة”.
ويؤكّد المسؤول في المنظمة بينما هو يتحدث إلى الكاميرا أثناء سيره داخل أروقة المستشفى أنّ “غرف العمليات تعمل 24 ساعة في اليوم، وقسم الطوارئ يعمل بأكثر بكثير من طاقته”.ويختم كيسي الفيديو المؤثّر بالقول إنّ “هذا الوضع غير مقبول… هذا الأمر يجب أن يتوقف”.