أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

تذبذب أسعار الصرف يرفع من قيمة التضخم السلعي ويجر البلاد نحو الفوضى الاقتصادية

اقتصاديون: استمرار خروج الدولار إلى إيران يعني أن أزمة الدولار في العراق مستمرة والسعر قد يرتفع بأي لحظة حسب الطلب عليه.

بغداد – الرافدين
حذر اقتصاديون من تذبذب أسعار صرف الدولار في السوق المحلية خلال هذه الفترة إذ شهد انخفاضًا في الأسعار وترنح بين 148 و152 ألف دينار عراقي لكل 100 دولار بعد أن كان بين 157 و160 ألف دينار عراقي لكل 100 دولار في الفترة السابقة.
وأشاروا إلى أن انخفاض الدولار أمام الدينار خلال الفترة الحالية يأتي ضمن المحاولة الممنهجة لسحب الدولار من المواطنين، وأن الانخفاض وقتي ولن يستمر أو يقترب من سعر الصرف الرسمي المقدر بـ 132 ألف دينار عراقي مقابل كل 100 دولار.
وأضافوا أن هذه الفترة ومع نهاية كل عام تشهد ركودًا في عمليات التبادل التجاري وإيقاف مؤقت لعدد من الصفقات بسبب عطلة نهاية العام لافتين أن سعر الصرف سيرتفع تدريجيًا مع بداية العام المقبل.
وأكدوا أن استقرار سعر الصرف وإن كان مرتفعًا، يعد أفضل من حدوث التذبذب، لأنه يضعف اقتصاد البلاد بصورة كبيرة في ظل غياب السياسات الاقتصادية الناجعة.
وقالت اللجنة المالية البرلمانية إن انخفاض أسعار صرف الدولار في السوق الموازي، لا يعني انتهاء أزمة التضخم، خاصة وأن الأسعار بدأت ترتفع مجددًا في السوق المحلي.
وأضافت اللجنة المالية، أن الإجراءات الحكومية ما زالت غير كافية لحل أزمة الدولار في ظل عدم إيجاد حلول سريعة لسد الكثير من التمويلات الخارجية، خاصة مع إيران وسوريا والصين وغيرها، ولهذا نعتقد أن أزمة الدولار مستمرة وحلها يتطلب وقتًا طويلًا.
بدوره قال عضو اللجنة المالية النيابية مضر الكروي، إن ثمة تحديات تواجه أزمة الدينار تتمثل في ميزان الاستيرادات والتهريب والمضاربات والفساد.
وأضاف الكروي أن انخفاض السوق الموازي قد يعقبه ارتفاع في أي لحظة، خاصة وأن 90 بالمائة من احتياجات العراق تعتمد على الاستيراد الخارجي بالعملة الصعبة، مما يضغط على الأسواق ويؤدي إلى تباطؤ عملية الانخفاض وصولًا إلى سعر البنك المركزي.
وأشار إلى أن السوق الموازي سيظل تحت مرمى الضغوط بدون جرعة أمل للصناعة العراقية، من خلال سد حاجة الأسواق بطريقة تخفف الاستيراد.
وأكد عضو اللجنة المالية جمال كوجر أن الانخفاض في سعر صرف الدولار يعد غير مضمون.
وأوضح كوجر أن “سبب انخفاض سعر الصرف في هذه الأيام يعود لأسباب تتعلق بتراجع الطلب عليه للصفقات التجارية وعمليات التبادل المالي، حيث تشهد البلدان الاحتفالات برأس السنة الميلادية”.
وأضاف أن “السوق المالي العراقي تسيطر عليه مجموعات من المضاربين، وهم الذين يحددون الأسعار وفق ما تقتضيه طبيعة عملهم في السوق، مؤكدًا عدم سيطرة الحكومة على هؤلاء المضاربين”.
وأشار كوجر إلى أن المشكلة الأساسية التي يعاني منها العراق في البنية الاقتصادية والمالية ومنها أزمة الدولار، سببها اختلال الهيكل الاقتصادي الناتج عن الاعتماد الكلي على صادرات النفط، فيما يبقى البلد بحاجة مستمرة إلى الدولار لتغطية النفقات الخارجية لأن البلد ما زال رهينة للاستيراد في ظل عدم وجود إنتاج وطني فاعل.
ويصنف العراق في قائمة الدول المستوردة لأغلب منتجاتها، في اعتماد كبير على الدولار الذي يُعد عملة ثانية في البلاد، ما يعني أن أي تغييرات في سعر الصرف، تنعكس بشكل مباشر على السوق والحركة التجارية.
وبسبب الاعتماد الكبير على استيراد البضائع تحول البلد على مدار عقدين إلى معبر لعمليات تهريب كبيرة “للدولار” تحت غطاء الاستيراد الذي بات بحسب مراقبين “ثقبًا أسودًا” لاستنزاف الأموال الصعبة وتحويلها إلى دول مثل لبنان وإيران عن طريق “مزاد بيع العملة”، في خطوة منظمة تهدف إلى كسر الحصار الاقتصادي والعقوبات الأمريكية على إيران ودعم حزب الله في لبنان.
وقال الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي أن “انخفاض سعر صرف الدولار قد يكون مؤقتًا، وهناك إمكانية لعودة ارتفاع السعر خلال المرحلة المقبلة، وهذا بسبب استمرار الحوالات السوداء”.
وأضاف المرسومي، أن “التجارة مع إيران ما زالت مستمرة وبشكل يومي، وهذا يعني استمرار خروج الدولار إلى إيران عبر طرق مختلفة، وهذا يؤكد سحب الدولار من السوق، ويعني أن أزمة الدولار مستمرة والسعر قد يرتفع بأي لحظة حسب الطلب عليه”.
وبرر مستشار رئيس غرفة تجارة بغداد علي النصيفي التذبذب في سعر إلى الطلب والعرض المتغير بالسوق المحلية على الدولار، خصوصًا مع استمرار الحوالات السوداء إلى خارج العراق.
وأكد النصيفي أن “التذبذب في سعر الصرف له تأثير سلبي على الاقتصاد، فهو يرفع من قيمة التضخم السلعي، خاصة وأن أغلب متطلبات السوق، وبنسبة تزيد على 90 بالمائة من السلع الأساسية لسلة المستهلك هي مستوردة بالعملة الصعبة”.
وخلف تقلب أسعار الصرف أثرًا مباشرًا على حياة العراقيين، خاصة من ذوي الدخل المتوسط والمحدود، إذ يؤدي تذبذب قيمة الدولار إلى زيادة أسعار المواد الاستهلاكية، فبحسب الباحث في الشأن الاقتصادي ملاذ الأمين يستورد العراق أغلب احتياجاته من الخارج، بما في ذلك مكونات السلع المنتجة محليًا.
وأضاف ملاذ الأمين أن العراق “بلد مستهلك ومستورد؛ والإنتاج المحلي الموجود فيه لا يضاهي المستورد ولا يسد الحاجة المحلية، وهذا تنبيه للحكومة لتشجع القطاع العام والخاص لإنتاج السلع الاستهلاكية، لا سيما أن الصناعة المحلية لم تعد تحظى بأي تشجيع مع وجود عوامل تدميرية”.
ويحمل ناشطون ومواطنون حكومة محمد شياع السوداني مسؤولية ما وصلت إليه ظروفهم المعيشية من عجزهم عن تلبية متطلبات عائلاتهم بسبب الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، لعدم إيفاء الحكومة ببرنامجها الذي ألزمت نفسها به بعد أن تعهدت بإعادة التوازن للوضع الاقتصادي.
مؤكدين أن “الحكومة لا تستطيع تثبيت سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار بسبب سيطرة السوق السوداء على عملية صرف الدينار”.
وانتقدوا الحلول الترقيعية وما عدوه كذبًا مفضوحًا للهروب من تحمل المسؤولية وللتغطية على الفشل المستمر منذ عشرين عامًا من المسؤولين الحكوميين.
مشيرين إلى أن “العراق يفتقد لسياسات التنمية الاقتصادية منذ 2003 حيث لا يوجد أي مشروع حكومي للنهوض الاقتصادي ولا توجد خطط خمسية أو عشرية أو غيرها”.
ويرى الخبير الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش أن “عدم الاستقرار بأسعار صرف الدولار وتذبذبها المستمر شبه اليومي، له تداعيات كبيرة على الوضع الاقتصادي وقوت المواطن”.
ويشير حنتوش، إلى أن “الدولار يجب أن يكون مستقرًا حتى لو كان هذا الاستقرار على ارتفاع، لكن التذبذب بالأسعار يمنح بعض التجار هامشًا كبيرًا في التلاعب بالأسعار في السوق المحلية، وهنا سيكون المتضرر الوحيد من كل ذلك هو المواطن”.
وبين حنتوش أن “قوة أي اقتصاد تكون من خلال الاستقرار، وما يحصل في العراق من تذبذب بسعر صرف الدولار، يؤكد بأن وضع العراق الاقتصادي غير مستقر، وهذا مؤشر على أن الإجراءات الحكومية بهذه الأزمة لم تأت بأي نتائج حقيقية حتى اللحظة”.
وقال الخبير الاقتصادي رشيد السعدي أن “العملة الوطنية تمر بوضع صعب وضعف، بسبب التذبذب في سعر الصرف الدولار، وهذا بالتأكيد له نتائج سلبية على السوق المحلية، خاصة وأنه يؤثر بشكل كبير على عدم ضبط الأسعار في السوق بسبب المتغير اليومي في سعر الصرف، وهذا يدفع التجار إلى التلاعب بالأسعار”.
ويشدد السعدي، على أن “السلطة النقدية مطالبة بإجراءات سريعة من أجل ضبط سعر الصرف ووضع حد لهذا التذبذب، لما له من نتائج سلبية حتى على التقييمات الدولية بقوة اقتصاد العراق وقوة عملته الوطنية، فالاقتصاد القوي يكون ثابتًا وغير متغير بشكل يومي”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى