لماذا تصمت “اليونسكو” على تدمير المسجد العمري الكبير في غزة
الحرب الوحشية التي تشنها قوات الاحتلال على قطاع غزة دمّرت 104 مساجد، وثلاث كنائس تاريخية.
غزة- مرت جريمة قوات الاحتلال “الإسرائيلي” بتدمير المسجد العمري الكبير في البلدة القديمة لمدينة غزة، دون أن تتحرك “اليونسكو” والمنظمات الدولية المعنية بتراث الشعوب، لمحاسبة قوات الاحتلال.
ودعت وزارة الآثار التابعة في غزة منظمة اليونسكو للحفاظ على الكنوز الأثرية المتبقية في قطاع غزة، بعدما أدى القصف “الإسرائيلي” إلى تدمير أو إلحاق الضرر بمعالم مثل أقدم كنيسة وآخر الحمامات الأثرية ومساجد تاريخية.
ويعد المسجد أحد أبرز المعالم الإسلامية والتاريخية في غزة، وأن استهدافه يندرج ضمن العدوان الهمجي “الإسرائيلي”، والذي لم يستثنِ المعالم الرئيسة في المدينة.
وتعرَّض المسجد العمري بقلب مدينة غزة إلى دمار واسع عقب استهدافه من قبل طائرات الاحتلال “الإسرائيلي” في شهر كانون الأول الماضي.
ويُعدّ “العمري”، الذي أُسس قبل أكثر من 1400 عام، من أكبر وأعرق مساجد غزة، وثالث أكبر مسجد في فلسطين بعد الأقصى في القدس، وأحمد باشا الجزار في عكا، ويوازيه بالمساحة جامع المحمودية في يافا، وفق مصادر فلسطينية.
وأقيم المسجد فوق معبد وثني قديم لمارناس ثم حوّل إلى كنيسة بيزنطية ثم إلى مسجد في بدايات الفتوحات الإسلامية. وبحسب الوزارة، احتفظ مخطط المسجد الحالي بأجزاء من الكنيسة التي يعود تاريخها للقرن الثاني عشر الميلادي وكانت مقامة على الطراز القوطي.
وأعيد بناء المسجد العمري وتوسعته في فترات لاحقة منها المملوكية والعثمانية، وبنيت المئذنة التي تعد من أبرز معالمه في الفترة المملوكية.
ودعت بلدية غزة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) “لضرورة التدخل وإدانة أفعال الاحتلال بحق الرموز والمعالم والتراث.
والمسجد العمري، الذي سمي نسبة لثاني خليفة في تاريخ الإسلام عمر بن الخطاب (رض)، هو أقدم وأكبر مسجد في القطاع الفلسطيني الصغير الذي يتعرض للقصف “الإسرائيلي” منذ السابع من تشرين الأول الماضي.
ودانت وزارة الآثار في بيانها تدمير حمام السمرا التاريخي الذي أسس قبل 1300 سنة، ودار القرآن الكريم التي تضم منزل ومحراب الإمام الشافعي.
وأشارت إلى تدمير ثلاث كنائس أبرزها كنيسة القديس بورفيريوس، وهي أقدم كنيسة في القطاع كانت لا تزال أبوابها مفتوحة أمام المؤمنين، وتقع بجانب مسجد في البلدة القديمة بغزة، ويعود تاريخها إلى القرن الرابع الميلادي.
وكانت بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس استنكرت قصف الكنيسة في بيان أصدرته في التاسع عشر من تشرين الأول.
ووصفت حركة حماس قصف الجيش “الإسرائيلي” للمسجد العمري الكبير في غزة بأنه “جريمة همجية شنيعة وحقد دفين على الحضارة الإنسانية”.
وقالت “حماس” إن قصف الجيش “الإسرائيلي” المسجد العمري الكبير في مدينة غزة، وتدميره هو “جريمة همجية شنيعة، تطال أثرًا تاريخيًا هامًا، ومعلمًا من معالم مدينة غزة الدينية”.
وأوضحت أن ذلك دليل على “مقدار ما يحمله هذا الكيان المصطنع الذي يفتقد لأي جذور تاريخية، من حقدٍ دفين على الحضارة الإنسانية، وسعيه إلى تدمير الحياة المدنية في مدينة غزة، في إطار حرب الإبادة التي يشنها على شعبنا الفلسطيني وعلى وجوده على أرضه”.
وأشارت إلى أن الاستهداف الإسرائيلي “خلال الحرب الوحشية على قطاع غزة طال معظم المعالم التاريخية، بما يشمل المساجد العريقة، والكنائس التاريخية، التي وقفت شاهدة على عراقة هذا الشعب العظيم”.
وأضافت “دمّر الاحتلال المجرم حتى الآن 104 مساجد، وثلاث كنائس تاريخية”.
وبينت أن “همجيته (الجيش الإسرائيلي) باستهداف المعالم الأثرية والحضارية ستبقى شاهدا على فاشيته التي ستزول معه، كما زال غيره من الغزاة على مدار التاريخ”.
وعبر سكان من غزة عن حزنهم وغضبهم بعد تدمير المسجد العمري الذي يرجع تاريخه إلى القرون الوسطى في القطاع، مما تسبب في أضرار واسعة النطاق لمعلم تاريخي ذي مكانة كبيرة في نفوسهم.
وأظهرت صور نشرتها وسائل إعلام في غزة أضرارا جسيمة بالمسجد مع سقوط جدران وأسقف وصدع كبير في الجزء السفلي من المئذنة الحجرية.
وقال أحمد نمر (45 عاما)، وهو حائك كان يعيش في الشارع المجاور للمسجد العمري لكنه فر إلى جنوب غزة بحثًا عن ملاذ من القصف إن رؤية صور الدمار الذي لحق بالأثر التاريخي عقدت لسانه عن النطق.
وأضاف “قضيت كل طفولتي وأنا أصلي فيه وألعب في الأماكن التي حوله… بتحاول (إسرائيل) إنها تمحي ذكرياتنا”.
وتحدث محمد رجب، وهو سائق سيارة أجرة من مدينة غزة فر أيضًا إلى الجنوب من منزله الذي كان يبعد بضع مئات من الأمتار من المسجد، عن الأثر التاريخي باعتباره المعلم المحلي الأكثر أهمية في المدينة. وقال “هذا همجي”.