أخبار الرافدين
بلاد النهرين عطشىتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

حكومة السوداني تفتقر للمبادرة وتكتفي باستجداء دول العالم لحل أزمة الجفاف

تقارير دولية تؤكد ضعف الجهود الحكومية في التعامل مع أزمة الجفاف والتغير المناخي، وانشغال السياسيين والأحزاب الحاكمة بالصراع على المغانم والحصص من خزينة العراق وانتاجه النفطي.

بغداد – الرافدين
تقف حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني عاجزة ومن دون أي حلول واستراتيجية معلنة، على الرغم من التحذيرات المستمرة من خطر الجفاف والتغير المناخي على العراق.
ويصنف العراق من بين الدول الخمس الأكثر تضررًا من التغير المناخي، إلا أن حكومة السوداني تستمر بتهميش هذا الملف بافتقارها إلى معالجات تقلل من ضرر الجفاف على المجتمع العراقي.
ومع اعتراف وزير الموارد المائية الحالي عون ذياب بخطورة ملف الجفاف، وتأثيره المباشر على شحة المياه في البلاد، وأنه لا يقل خطرًا عن تنظيم داعش، إلا أنه لم يفصح عن خطط الحكومة لمواجهة هذا الخطر البيئي.
يأتي ذلك مع تأكيد تقارير دولية على ضعف الجهود الحكومية في التعامل مع أزمة الجفاف والتغير المناخي، وانشغال السياسيين والأحزاب الحاكمة في العراق بالصراع على المغانم والحصص من خزينة العراق وإنتاجه النفطي.
وأظهرت تقارير بيئية واقتصادية اعتماد الساسة في العراق على الحلول الدولية وغياب الاهتمام بالسياسات البيئية المحلية، التي من شأنها إحداث تحول في سلوك العراقيين تجاه البيئة وقضاياها.

دياري صالح مجيد: الكثير من المشاركين في مؤتمر المناخ الذي عقد في الإمارات فهموا سعي الرئيس الحالي عبد اللطيف رشيد للعب دور الضحية بهدف الحصول على الدعم المالي بحجة معالجة أضرار المناخ
وأكد الأكاديمي العراقي، دياري صالح مجيد على أن العراق بحاجة إلى اعتماد دبلوماسية فعالة في المجال البيئي، بدلًا من الاعتماد على المؤتمرات الدولية لمعالجة مشاكله البيئية، وهو ما كان ينبغي للرئيس الحالي عبد اللطيف رشيد أن يركز عليه في مؤتمر المناخ الأخير، Cop28، الذي عقد في الإمارات العربية المتحدة.
وأوضح الباحث في الجغرافيا السياسية على أن رشيد سعى إلى إنتاج خطاب يقدم دول الخليج كفاعل أساسي في مواجهة الأزمات البيئية في المنطقة، وبهذا أراد أن يؤكد أن ظروف العراق لا تسمح له، ماليًا وسياسيًا، باتخاذ أي خطوة لتقويض التغير المناخي.
وقال الباحث العراقي، إن “رشيد لم يتمكن من تغيير قناعة القوى الدولية بتحركه البيئي، في حين أن حكومته تتهم بعدم القدرة على حماية الناشطين في مجال البيئة، والعمل على تقييد الدور الذي تمارسه المنظمات غير الحكومية المعنية بالتغير المناخي”.
وأضاف، إن كثيرًا من المشاركين في مؤتمر المناخ فهموا سعي الرئيس الحالي للعب دور الضحية بهدف واحد فقط، “الحصول على الدعم المالي بحجة معالجة أضرار المناخ”.
وبيّن أن، الوعي الدولي بالمشاكل البيئية آخذ في الازدياد، كما يتزايد التحرك نحو الاقتصادات الأقل تلوثًا، وبالتالي سيفرض تراجعًا تدريجياً في مكانة الدول المنتجة للنفط، بما في ذلك العراق، في سوق الطاقة العالمية، ومع عقود من الإهمال البيئي، سيعاني العراق من انتكاسات اقتصادية وبيئية واجتماعية واسعة النطاق.
وتتعارض رغبات الحكومة الحالية مع الدعوة التي أصدرها المؤتمر لتقليل الاعتماد على النفط والغاز الطبيعي لحماية البيئة، كما يتقاطع الاقتصاد العراقي الهش مع فكرة التحول نحو الاقتصاد الأخضر الذي قطعت فيه دول الخليج أشواطًا كبيرة.
وشهد عام 2023 تضاعف نسبة النزوح في العراق بسبب الجفاف وتغيرات المناخ مقارنة بالعام الماضي.
وتظهر بيانات منظمة الهجرة الدولية أنه حتى نهاية عام 2022 كان عدد النازحين في العراق بسبب المناخ والجفاف، ولاسيما في محافظات الوسط والجنوب، يبلغ أكثر من 68 ألف نازح، بينما، بلغ العدد أكثر من 130 ألف نازح، حتى منتصف شهر أيلول الماضي فقط، ما يرجح معه ارتفاع الأعداد إلى أكثر من 140 ألف نازح إذا رصدت الأعداد خلال العام بكامله.
وتسببت أزمة الجفاف التي تضرب مدن جنوب ووسط العراق منذ نحو عامين في هجرة آلاف العائلات من مناطق الأهوار والأرياف باتجاه المدن، لتشكل أزمة سكن وبطالة تُضاف إلى الكارثة البيئية التي تشهدها الكثير من المناطق.
إهمال البيئة يتسبب بهجرة العراقيين منها
ومع هذه المعاناة، امتنع عدد من الإدارات المحلية عن منح هذه العائلات تراخيص أمنية خاصة للانتقال إلى مراكز عدد من المدن، وهو ما أدى إلى تركيز النزوح في مناطق ووحدات إدارية محددة لتشكل أزمة سكن خانقة فيها.
وكشفت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة عن هجرة قرابة 21 ألف عائلة، بسبب ظروف الجفاف في 12 محافظة من محافظات وسط وجنوب العراق، مؤكدة أنّ 74 بالمائة من النازحين بسبب المناخ ذهبوا باتجاه مراكز مدن المحافظات ذي قار وميسان والقادسية والمثنى.
وتتزايد التحذيرات من مخاطر الهجرة السكانية على المجتمع العراقي وتأثيرها على الاقتصاد والزراعة إضافة إلى التغييرات المجتمعية، لأن هذه العائلات كانت تعمل بالزراعة والرعي وتربية المواشي.
وسبق أن حمّل المجلس النرويجي للاجئين مسؤولية تراجع الزراعة في العراق إلى “إدارة الموارد المائية” في حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني خصوصًا “ممارسات الري في العراق وعدم الكفاءة في استخدام الموارد المائية المتناقصة”.
وذكر تقرير المنظمة بأن “نحو 70 بالمائة من المزارعين الذين شملهم مسح أجري خلال الأشهر الماضية” يقولون “إنهم يستخدمون الري بالغمر”، وهي طريقة تعتبر على نطاق واسع “الأكثر استهلاكًا للمياه” وغير مناسبة للمناطق “المعرضة للجفاف الموسمي”.
وأطلقت منظمات دولية تحذيرات عن قرب نفاد المياه الجوفية المخزنة في العراق مع تزايد معدلات حفر الآبار بدون تخطيط مسبق، ما يمثل خطرًا على التوازن البيئي، لافتين إلى صعوبة تحديد موعد نفاده، إلا أن الأدلة المتاحة حاليًا تشير إلى انخفاضها لمستويات خطيرة جدًا، وغالب الحقول المائية أصبحت الآن تستنفذ بشكل أسرع مما يمكن تعويضه.
وأكدوا على أن الاعتماد على المياه الجوفية لا يعد البديل الأنسب لمياه الأنهار على المدى المتوسط والبعيد، وأن العراق لا يراقب مستويات المياه الجوفية ولا يملك الأدوات التي تمكنه من معرفة كميتها وما يتم الاستحواذ عليه منها عبر الآبار التي يستخدمها المواطنون.
وفي ظل انحسار كمية الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، يعاني العراق جفافًا للسنة الرابعة على التوالي. وتندّد السلطات العراقية بسدود تبنيها تركيا وإيران على نهري دجلة والفرات، تتسبب بانخفاض منسوب النهرين وروافدهما حينما يصلان إلى العراق.
قتل متواصل لإرث العراق وخيراته
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى