أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

ازدواجية السوداني عن بقاء القوات الأمريكية تكشف النفاق السياسي لحكومة الإطار

محمد شياع السوداني يؤكد للجانب الأمريكي عدم أخذ تصريحاته بشأن اخراج القوات الأمريكية على محمل الجد، فهي موجهة للاستهلاك المحلي بغية إرضاء "الجماهير".

بغداد- الرافدين
كشفت برقية سرية لرئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني موجهة إلى وزارة الخارجية الأمريكية، عن الانصياع الكامل لبقاء القوات الأمريكية في العراق.
ونقلت صحيفة “بوليتيكو” عن برقية للخارجية الأمريكية أن السوداني صرح لمسؤولين أمريكيين بشكل خاص أنه يريد التفاوض بشأن إبقاء القوات الأمريكية في البلاد على الرغم من إعلانه الأخير أنه سيبدأ عملية إخراجهم من البلاد.
وأبلغ السوداني الجانب الأمريكي عدم أخذ تصريحاته بشأن اخراج القوات الأمريكية على محمل الجد، فهي موجهة للاستهلاك المحلي بغية إرضاء “الجماهير”، الامر الذي يكشف عن الازدواجية والنفاق السياسي الذي يمارسه السوداني على العراقيين.
وقال أحد كبار مستشاري السوداني لصحيفة بوليتيكو إنه “أبلغ مسؤولين أمريكيين أن إعلان السوداني إخراج القوات الأمريكية من العراق كان محاولة لإرضاء الجماهير السياسية المحلية” وأنه “ملتزم بالتفاوض بشأن الوجود المستقبلي لقوات التحالف الدولي في الأراضي العراقية.”
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إنها لا تخطط لسحب القوات الموجودة في العراق بناء على دعوة من حكومة الإطار التنسيقي.
ورفض مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض التعليق على البرقية، فيما لم تستجب وزارة الخارجية الأمريكية على طلب بوليتيكو للتعليق.
وقال المتحدث باسم البنتاغون باتريك رايدر “نحن هناك بدعوة من الحكومة العراقية. لست على علم بأي إخطارات من الحكومة العراقية لوزارة الدفاع بشأن قرار بسحب القوات الأمريكية”.
ويتزامن ذلك مع إعلان السوداني إن العراق يريد خروجًا سريعًا ومنظمًا للقوات العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة من أراضيه عن طريق التفاوض لكنه لم يحدد موعدًا نهائيًا، ووصف وجود تلك القوات بأنه مزعزع للاستقرار في ظل التداعيات الإقليمية لحرب غزة.
وقال السوداني في مقابلة مع وكالة “رويترز” في بغداد إن هناك “ضرورة لإعادة ترتيب هذه العلاقة بالشكل الذي لا تكون هدفًا وملفًا ومبررًا لأي جهة داخلية أو خارجية للعبث باستقرار العراق والمنطقة”.
وتكشف التصريحات المتناقضة للسوداني عن ازدواجية ونفاق سياسي عندما يعلن للعراقيين عن موقف وسرعان ما يناقضه في رسائله للقوات الأمريكية.
وتحولت حكومة السوداني إلى موضع تهكم وسخرية في الشارع العراقي بعد تلقي المواطنين رسائل نصية على هواتفهم المحمولة، تضمنت استطلاع رأي عن تواجد القوات الأمريكية في البلاد.
وبعثت حكومة السوداني رسائل نصية لعدد كبير من المواطنين جاء فيها “عزيزي المواطن.. هل أنت مع استمرار مهمة التحالف الدولي في العراق؟”، داعية إياهم للإجابة عبر رابط أسفل الرسالة.
وتحول الأمر إلى “كوميديا سياسية ساخرة ومرة” وضحك على الذقون بين العراقيين مؤكدين على أن ليس بمقدور السوداني أو زعماء الإطار التنسيقي الضغط على الولايات المتحدة التي وضعتهم في الحكم.
وزاد من منسوب الكوميديا السياسية التي ارتكبتها حكومة السوداني، مع نفي وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون”، أي خطط لسحب قواتها من العراق، وهو ما يتعارض مع تصريحات لبغداد تؤكد العمل على إنهاء الوجود الأمريكي في البلاد.
وفي الخامس من كانون الثاني الجاري، أعلن “البنتاغون” مقتل أبو تقوى السعيدي، أحد زعماء ميليشيا النجباء الولائية، المنضوية في الحشد الشعبي، في غارة جوية بالعاصمة العراقية بغداد.
وقلل مراقبون من أهمية تصريحات ووعود حكومة السوداني بإخراج القوات الأمريكية وبالاستعراض الإعلامي في الرسائل النصية التي أرسلت إلى المواطنين العراقيين، فالحكومة في مأزق سياسي ما بين ميليشيات الإطار التنسيقي التي دفعت بها لتشكيل الحكومة، وبين سطوة القوات الأمريكية في العراق.
وقال المحلل نورمان ريكليفس الذي عمل مع الحكومة الأمريكية في العراق وكان سابقا مستشارا لوزير الداخلية في العراق “لا ارى اي فرصة لمغادرة القوات الأمريكية العراق في المستقبل القريب”.
وقال رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل، إن “العراق على المستوى الرسمي والحكومي، لن يستطيع فعل أي شيء ضد الولايات المتحدة الأمريكية بعد تبنيها لاستهداف قيادي في الحشد الشعبي وسط بغداد، فالحكومة لم تفعل أي شيء بعد اغتيال نائب رئيس هيئة الحشد أبو مهدي المهندس وقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني غير بيانات الاستنكار، وهذا تكرر الآن”.
وأضاف أن “الحكومة تخشى من أي رد فعل، فهي تدرك أنها بحاجة إلى الدعم الأمريكي لضمان الاستقرار الأمني والاقتصادي وحتى السياسي، لذا فإن بغداد لن تفعل أي شيء غير استمرار الرفض للقصف الأمريكي عبر البيانات، وواشنطن تتفهم هذا الرفض ولن ترد عليه بأي إجراء”.
ويدفع السوداني نحو المحافظة على موقعه في رئاسة الحكومة، أمام زعماء أحزاب وميليشيات الإطار التنسيقي، عبر رسائل تنديد بالقوات الأمريكية وإنهاء الشركة معها بعد مقتل السعيدي، لامتصاص غضب الميليشيات الولائية التي طالبت بإنهاء وجود القوات الأمريكية في العراق.
ويحظى السوداني بنفوذ محدود على الميليشيات المتحالفة مع إيران. واحتاج إلى دعم تلك الجماعات المنضوية في الحشد الشعبي والإطار التنسيقي للظفر برئاسة الحكومة.
وقال سجاد جياد الزميل في مركز “ذي سنتشوري فاوندشن” للأبحاث، “وضع مقتل السعيدي حكومة السوداني في موقف صعب للغاية”.
وأضاف في تصريح لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية “إن ضربة يوم الخميس ربما كانت تهدف إلى الإشارة إلى أنه ستكون هناك تكلفة لأي هجمات مستقبلية على القوات الأمريكية”.

حكومتي تحت حمايتكم
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى