انتهاكات مستمرة في السجون لا توقفها استعراضات وزير العدل!!
مراقبون يسخرون من حديث وزير العدل خالد شواني بشأن نصب كاميرات مراقبة في السجون مؤكدين أن الانتهاكات لن تتوقف كون إدارات السجون مشاركة ومتواطئة.
بغداد – الرافدين
أثار تصريح وزير العدل في حكومة الإطار التنسيقي خالد شواني، بشأن توجيهه نصب كاميرات في السجون، السخرية والتساؤلات حول جدية الحكومة بوضع حد للانتهاكات غير الإنسانية التي تمارس بشكل ممنهج منذ عام 2003 ضد المعتقلين.
وتعتبر تصريحات المسؤوليين الحكوميين وفي مقدمتهم وزير العدل مجرد استهلاك إعلامي ومحاولة لإسكات المنظمات والنشطاء الحقوقيين، ولا تغير من واقع السجون المأساوي شيئا، إذ يتعرض السجناء إلى عمليات تعذيب وحشية وممنهجة بتواطؤ حكومي.
وقال وزير العدل خالد شواني، إن وزارته ستبدأ بنصب كاميرات في السجون وأماكن الاحتجاز بحجة أن وجودها من شأنه مراقبة أي عمليات تعذيب أو انتهاكات ضد المعتقلين، وبالتالي الحد من تلك الانتهاكات.
وتعاني السجون في العراق من إهمال كبير، وغياب للدور الرقابي ومنع المنظمات والمؤسسات الحقوقية من الاطلاع على واقع المعتقلين، في وقت يؤكد مراقبون أن جهات متنفذة وميليشيات تسيطر على إدارة السجون وتعتبرها باب تمويل مالي.
وتساءل مراقبون عن دور وزير العدل ومسؤوليته تجاه إيقاف الانتهاكات في السجون الحكومية، مع وجود آلاف الانتهاكات الموثقة التي تعرض لها السجناء وشهادات من معتقلين وتقارير دولية ومحلية.
ويؤكد مراقبون أن وجود كامرات المراقبة أمر بديهي ومعمول به في معظم سجون العالم، ولن يكون كفيلا بوقف الانتهاكات، فالمشكلة إدارية وبنيوية في أساسها حيث أن أغلب إدارات السجون مشتركة أو متواطئة بعمليات التعذيب ضد المعتقلين إضافة إلى التجويع والإهمال الطبي وابتزاز ذوي الضحايا.
ويرى مراقبون أن قرار نصب كاميرات مراقبة لم يكن بسبب فضائح الاعتداءات الجسدية التي تفوح رائحتها منذ نحو عقدين من الزمن وليس لحماية حقوق المعتقلين الإنسانية، بل جاء القرار لإسكات المراقبين والناشطين الحقوقيين.
وسبق أن طالب قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين، جميع المنظمات والمراكز والهيئات الحقوقية المعنية بأوضاع السجون والسجناء، بممارسة الضغط على حكومة بغداد الحالية للسماح لكل من له مصلحة بزيارة السجون الحكومية للوقوف على حقيقة ما يجري فيها، مشددًا على أنها تفتقر لأبسط مقومات الحياة.
ورغم توثيق المراكز والمنظمات الحقوقية الظروف غير الإنسانية وحالات التعذيب في السجون والتي توصف بـ “المسالخ الحكومية” تستمر حكومة السوداني بالتستر على الانتهاكات.
يقول أحد المحامين المختصين بقضايا الإرهاب مفضلا عدم الكشف عن اسمه، إن “السجون العراقية تمثل مصادر ثراء وتمويل للأجهزة الحكومية، حتى إن منصب إدارة السجن يباع بمبالغ كبيرة بين الأحزاب لما يمثله من مصدر تكسب مهم في ظل غياب القانون والرقابة”.
وأضاف أن “هناك فسادًا كبيرًا نُشر في الإعلام عن ملف إطعام المعتقلين وهذا يمثل قمة جبل الجليد فقط، فهناك فساد في ملفات الخدمات وترميم السجون وغيرها من الإجراءات الأخرى، فضلًا عن المعتقلين وذويهم الذين يمثلون أهم مصدر للأموال، مبينًا أن إدارة السجون التابعة لوزارة العدل قد تكون أكثر أجهزة الدولة فسادًا”.
وأكد المحامي أن “المعتقلين في سجون الداخلية يضطرون لدفع مبالغ باهظة لقاء تعجيل دفع ملفاتهم للقضاء أو لإيقاف تعذيبهم وقد يصل الأمر إلى دفع رشى تسلم علنًا للقضاة لحسم قضايا المعتقلين، وأن ملف المعتقلين بالذات لا يخضع لأي معايير إنسانية أو أخلاقية أو حتى قانونية بسبب دوافع طائفية في الغالب، فلجان التدقيق والرقابة والنزاهة إما أن تشارك في الجريمة أو تتغافل عنها”.
ومنذ عام 2003 زج بمئات الآلاف من العراقيين داخل السجون، بناءًا على اعترافات انتزعت منهم تحت التعذيب ومحاكمات غير أصولية، أو بسبب وشاية المخبر السري وهو النظام الذي عملت به الحكومات المتعاقبة، وكثيرون منهم نالوا أحكامًا قضائية تراوحت من السجن حتى الإعدام.
وعلى الرغم من إقرار وزارة العدل ، بأن نسبة الاكتظاظ بالسجون تصل إلى 300 في المائة، تؤكد تقارير غير حومية أن نسبة الاكتظاظ وصلت إلى 400 في المائة.
ولا توجد إحصائية رسمية لعدد السجناء في البلد، لكن أرقاما متضاربة تؤكد أنه نحو 100 ألف سجين يتوزعون على سجون وزارات العدل والداخلية والدفاع، إضافة إلى سجون تمتلكها الميليشيات، وسط استمرار الحديث عن سجون سرية غير معلنة تنتشر في البلاد وتضم آلاف المعتقلين.
يقول عضو اللجنة العليا للميثاق الوطني العراقي عبد القادر النايل، إن “المعتقلين والمعتقلات يعانون من مأساة حقيقية في السجون الحكومية، وهي الاكتظاظ المزعج بسبب الأعداد الكبيرة للنزلاء في سجون وزارتي العدل والداخلية، حتى تم تحويل منشآت مدنية إلى سجون كمحاجر المطار، ويعود ذلك إلى استمرار عمليات الاعتقال”.
ويضيف، أنه “نتيجة لهذه الأعداد الخارجة عن الضوابط في القاعة الواحدة، ينام النزيل في بعض السجون جالسًا أو واقفًا لضيق القاعة، وتتكرر المعاناة مع النساء والأطفال الذين يستمعون لحديث النساء المعتقلات وأساليب المحققين في التعامل معهن، ما يتسبب بضرر كبير عليهم”.
ويؤكد النايل أن “الحل الأمثل لتقليل هذا الاكتظاظ والتكديس للكتل البشرية، هو بإقرار قانون العفو العام لإخراج الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال، ثم وضع آلية إخراج من أكمل نصف المدة القانونية إلى تنفيذ القانون في سجون الداخلية من خلال عرض المعتقل على القضاء خلال مدة أقصاها 48 ساعة لحسم موقفه”.
وتنصلت حكومة الإطار التنسيقي من تعهداتها بإقرار قانون العفو العام الذي يطالب به عراقيون اعتقل أبنائهم بدوافع طائفية وانتقامية، وكان أحد بنود الاتفاق السياسي الذي شُكلت على أساسه حكومة السوداني. ومنذ العام 2003 شهد العراق انتهاكات كثيرة ضد المدنيين لا سيما العرب السنة بعد تولي حكومات موالية لإيران إدارة البلاد.