العراق في المراتب الأولى عالميًا في تنفيذ أحكام الإعدام طوال السنين العشرين الماضية
هيئة علماء المسلمين في العراق: أسلوب الانتقام وفق عقلية طائفية تتملكها الرغبة في القتل؛ هي المحرك الرئيس لتنفيذ أحكام الإعدام الصادرة خلال محاكمات غير عادلة في ظل نظام قضائي يفتقر إلى الاستقلالية والحياد. ولا توجد أي رغبة دولية أو إقليمية حقيقية لكبح جماح الحكومة الحالية التي تسعى لتحقيق مكاسب سياسية بائسة على حساب حياة الأبرياء.
عمان – الرافدين
قالت هيئة علماء المسلمين إن العراق ما يزال يحتل مراتب متقدمة عالميًا من حيث الأعداد المعلنة للسجناء مع وجود ما لا يقل عن (140) ألف معتقل في السجون الحكومية المعلنة، بينما تشير تقارير عدة إلى أن الأعداد الحقيقية للسجناء المغيبين بشكل قسري، أكبر من ذلك بكثير.
وأضافت الهئية أن العراق قد بقي طوال السنين العشرين الماضية في المراتب الأولى عالميًا في تنفيذ أحكام الإعدام؛ حيث ما زالت الحكومات المتعاقبة في العراق تطلق موجات متتابعة من الإعدامات الجماعية الانتقامية بحق مواطنين حُكِم عليهم بالإعدام خلال محاكمات سريعة تفتقر لأدنى مقومات العدالة، وتصل أعدادهم إلى (8) آلاف محكوم بالإعدام من مجموع (20) ألفًا من المتهمين بقضايا ما يسمى (الإرهاب) داخل السجون المعلنة التابعة لوزارة العدل وحدها، وهم الذين يعانون من ظروف اعتقال غير إنسانية في تلك السجون ولا سيما سجن الناصرية المركزي المعروف بـ (سجن الحوت).
وبينت الهيئة أنه منذ عام (2003م)، تصر الحكومات المتعاقبة في العراق على استعمال الإجراءات العنيفة أو التعسفية أو القسرية مثل: السجن بتهم كيدية أو ببلاغ من مخبر سري وما يصاحب ذلك من إخفاء قسري وتعذيب وحشي وإعدام بإجراءات موجزة من قبل الحكومة ضد مواطنين بعينهم بدوافع طائفية، الأمر الذي يعدّ شكلًا من أشكال إرهاب الدولة الذي يهدف إلى بث الخوف والرعب، في سياق سعي حكومي محموم لخلط الأوراق والإبقاء على الفوضى في البلاد؛ بغية تشويه الحقائق وسلب حقوق الأبرياء وفي مقدمتها (حق الحياة)، في انتهاكات صارخة تؤكد خروج حكومة الاحتلال التاسعة في العراق عن الأعراف والقوانين الدولية كما دأبت على ذلك سابقاتها على مدى يزيد عن عقدين.
وأشارت إلى إن خضوع منظومة القضاء في العراق الذي يسمونه جديدًا -وفق الدستور الحالي- لسلطة الأحزاب المتنفذة وتطبيقها لإملاءات تلك الأحزاب في محاولاتها احتواء الصراعات السياسية المتواصلة التي تشهدها البلاد؛ جعلها تستند في إصدار أحكامها الجائرة إلى اعترافات بجرائم لم يرتكبها المتهمون؛ لكنهم أُجبروا تحت وطأة التعذيب على الإدلاء بها، مع علم القضاة بهذه الحقيقة ورؤيتهم لما يثبت ذلك بعين اليقين، الأمر الذي ينعكس تمييزًا للأفراد أمام القضاء، ونسفًا لمقتضيات السلم المجتمعي في البلاد.
وبينت أن من مؤشرات ذلك الخطيرة ارتفاع نسبة عمليات الإعدام المسجلة والوفيات في سجون العراق بأكثر من النصف مقارنة بالعام (2022م)، وارتباط ذلك بتسارع الموافقات التنفيذية على أحكام الإعدام؛ حيث نفذت السلطات الحكومية في العراق خلال الشهر الماضي وفي يوم واحد حكم الإعدام بـ (13) معتقلًا في سجن الناصرية جنوبي البلاد، في سياق الانتهاكات المزمنة التي دأبت عليها، وما تخلل ذلك من تنفيذ معلن لأحكام إعدام أخرى لم يتم الإعلان عنها خلال الأشهر الماضية، مما يظهر استخفافًا حكوميًا سافرًا بحياة الإنسان في إجراءات غير قانونية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون الغرض منها تحقيق العدالة.
ومع تأكيد الهيئة على أن أسلوب الانتقام وفق عقلية طائفية تتملكها الرغبة في القتل؛ هي المحرك الرئيس لتنفيذ أحكام الإعدام الصادرة خلال محاكمات غير عادلة في ظل نظام قضائي يفتقر إلى الاستقلالية والحياد؛ أعلنت صراحة أنه لا توجد أي رغبة دولية أو إقليمية حقيقية لكبح جماح الحكومة الحالية التي تسعى لتحقيق مكاسب سياسية بائسة على حساب حياة الأبرياء، في وقت ما يزال فيه الجناة الحقيقيون يتمتعون بإفلات مطلق ومستمر من العقاب في البلاد.