اختيار بديل الحلبوسي يتحول إلى سوق نخاسة سياسية مبتذل لشراء الأصوات
سوق مجلس النواب في بغداد يرفع في مزاد شراء وبيع الأصوات سعر التصويت إلى مبلغ 300 ألف دولار بين المتنافسين على رئاسة المجلس.
بغداد- الرافدين
شهدت بغداد ليل السبت الثالث عشر من كانون الثاني إحدى أشهر أسواق النخاسة السياسية عبر التاريخ السياسي المعاصر، عندما فتحت في “كافتيريا” مجلس النواب سوق مزاد لشراء أصوات النواب بين المتنافسين على رئاسة المجلس.
وذكر صحافي من داخل مجلس النواب تابع عملية اختيار رئيس المجلس، أن مزاد بيع وشراء الأصوات بين الكتل والأحزاب المتنافسة كان علنيًا بشكل ينم عن الوضاعة السياسية القائمة في البلاد منذ عام 2003.
وقال الصحافي “بدأ المزاد بشراء أصوات بمبلغ مائة ألف دولار، غير أن خشية الكتل المتنافسة من فقدان رئاسة المجلس، جعل المبلغ يتصاعد إلى ثلاث مرات خلال وقت قصير”.
ووصف ما حدث بـ “الخيال الرخيص” عندما يتعلق بالقيم والوطنية والمعايير الأخلاقية ونحن نتحدث عن “ممثلي الشعب” فيما حصل بعض النواب على 300 ألف دولار مقابل بيع أصواتهم.
وأخفق البرلمان بعد منتصف ليل السبت- الأحد في حسم تسمية رئيس جديد للبرلمان خلفًا للمقصي محمد الحلبوسي بعد جلسة مسائية استمرت لعدة ساعات انتهت بشجار وتأجيلها إلى شعار آخر.
وجرت جولة أولى لانتخاب رئيس جديد للبرلمان، بحضور 314 نائبًا من أصل 329 من نواب البرلمان حيث تنافس على المنصب ستة مرشحين حقق اثنان منهم وهما النائب شعلان الكريم وسالم العيساوي أعلى الأصوات.
وانتهت جولة التصويت بعد عملية بيع وشراء الأصوات، بتقدم مرشح الحلبوسي، شعلان الكريم بـ152 صوتًا، وجاء خلفه سالم العيساوي مرشح تحالف السيادة بـ97 صوتًا، ثم محمود المشهداني الذي يحظى بدعم أحزاب إيران في العراق بـ 48 صوتًا، وحصل عامر عبدالجبار على 6 أصوات، وطلال الزوبعي على صوت واحد، بينما عدّت 10 أوراق باطلة.
وقال الصحافي الذي واكب عملية اختيار الرئيس، إن نواب البرلمان لم يتمكنوا من إتمام عقد جولة تصويت ثانية لحسم التنافس بين الفائزين الإثنين، بعد أن دخلت جميع الكتل في البرلمان في اجتماعات لبيع وشراء الأصوات لم تسفر عن اتفاق.
وشهدت قاعة المجلس شجارًا بسبب إضافة فقرة من قبل النائب الأول الذي يدير رئاسة المجلس بالإنابة محسن المندلاوي لتعديل النظام الداخلي والتي تنص على سحب صلاحيات رئيس البرلمان، وتم بعدها رفع الجلسة إلى إشعار آخر.
وجرت عملية حساب الأصوات بطريقة يدوية، الأمر الذي يكشف عن انعدام الثقة بين الكتل والأحزاب والخشية من عمليات التزوير.
وبعد انتهاء الجلسة الأولى أخر المندلاوي عقد الجلسة الثانية بانتظار التعلميات التي تصله من زعماء الإطار التنسيقي الذي ينتمي لهم، الأمر الذي أثار حالة من التذمر وكشف الفوضى والصفقات التي تجري بغية تمرير رئيس منصاع لأجندة الإطار التنسيقي.
وصف السياسي المثير للجدل مشعان الجبوري الذي اعترف أكثر من مرة أمام وسائل الاعلام بحصوله على رشى، النواب الذين باعوا أصواتهم بـ “ضعاف النفوس”! مخاطبًا إياهم “كيف سينظر لكم من اشترى صوتكم إن أصبح رئيسًا لمجلس النواب”؟
وبدت عملية شراء أصوات أعضاء البرلمان معبرة عن الواقع السياسي القائم في البلاد.
ووصف السياسي المثير للجدل مشعان الجبوري الذي اعترف أكثر من مرة أمام وسائل الإعلام بحصوله على رشى، النواب الذين باعوا أصواتهم بـ “ضعاف النفوس”! مخاطبًا إياهم “كيف سينظر لكم من اشترى صوتكم إن أصبح رئيساً لمجلس النواب”؟
وقال “تصدر الشيخ شعلان الكريم نتائج الجولة الأولى لانتخاب رئيس مجلس النواب أحدث هزة داخل الكتل الشيعية لأنها أظهرت تمرد بعض نوابها على توجهات قادتهم حيث باع بعضهم صوته لمن دفع، فيما ذهب البعض وراء مصالحه أو أهوائه الشخصية ما جعل القادة يعملون بكل مايستطيعون على تأجيل الجولة الثانية وهو ما جرى فعلا”.
وتكشف تصريحات الجبوري “الدراما المبتذلة” التي تشهدها العملية السياسية في العراق بذريعة الانتخاب الديمقراطي.
وسبق أن وصف مراسل مجلة “إيكونوميست” البريطانية في الشرق الأوسط نيكولاس بيلهام، لصوص الدولة في العراق بأنهم يتقاتلون في ما بينهم في العلن، لكنهم يعملون معا لإثراء أنفسهم، بغض النظر عن المواقف السياسية والطائفية.
وقال “إنه بعد الإطاحة بنظام الرئيس صدام حسين، نهبت هذه الجماعات موارد البلاد، ونشرت نظام المحسوبية. وتقاسم رؤساء الأحزاب، الذين ينتمي الكثير منهم إلى المليشيات، الوزارات المربحة فيما بينهم من خلال المساومات والمقايضات”.
وتهكمت المجلة بطريقة أن العراق يعيش مسرحية الديمقراطية، فعلى الرغم من أن المشهد العام يبدو على ما يُرام، بوجود هيئة النزاهة العامة ومجلس القضاء الأعلى ولجنة الأخلاقيات البرلمانية، فإنه يفتقر إلى المصداقية والموثوقية.
ونقلت عن أحد المسؤولين السابقين قوله إن البلد بمثابة “أرض للعصابات”. غالبًا ما تُستخدم المؤسسات التي يجب أن تحافظ على المساءلة لزعزعة استقرار الشعب.
وبدت عملية شراء أصوات أعضاء البرلمان معبرة عن الواقع السياسي القائم في البلاد