أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

تربويون يحذرون من تجهيل متعمد للمجتمع العراقي في اليوم الدولي للتعليم

تدهور واقع التربية والتعليم في العراق يعود إلى برامج يغلب عليها الطابع السياسي والطائفي في تغيير المناهج الدراسية وتحويل الجامعات والمعاهد إلى قواعد حزبية وطائفية واستبعاد الكفاءات العلمية، فضلًا عن الفساد الجاثم على قطاع التعليم.

بغداد- الرافدين
حذر تربويون عراقيون في “اليوم الدولي للتعليم” الذي أقرته الأمم المتحدة للاحتفال به سنويًا في الرابع والعشرين من كانون الثاني، من أن عملية “التجهيل المتعمدة” للمجتمع العراقي من قبل جهات وقوى سياسية وطائفية تعمل على إبادة التعليم من أجل تفكيك المجتمع العراقي وبالتالي السيطرة عليه سياسيًا.
وحمل أكاديميون عراقيون تدهور واقع التربية والتعليم في العراق إلى خطط وبرامج يغلب عليها الطابع السياسي والطائفي في تغيير كل المناهج الدراسية، وتحويل الجامعات والمعاهد إلى قواعد حزبية وطائفية واستبعاد الكفاءات العلمية، فضلًا عن الفساد الجاثم على قطاع التعليم.
وتزامن تحذير التربويين بينما يحي العالم صباح يوم الرابع والعشرين من كانون الثاني الحالي اليوم الدولي السادس للتعليم.
واتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة، شعارًا رسميًا لليوم الدولي للتعليم، والمكوّن من كلمة تعليم Education، مع عام 2030 للإشارة إلى أهداف خطة التنمية المستدامة المُراد تحقيقها في هذا العام، إلى جانب القلم وهو رمز التعليم.
ويتمحور الاحتفال الدولي حول شعار “التعلم من أجل سلام دائم”. حيث يشهد العالم احتدامًا للنزاعات العنيفة المقترنة باستفحال مُقلق للتمييز والعنصرية والطائفية وخطاب الكراهية.
وطالب بيان لمنظمة اليونسكو المعنية بالتربية والتعليم، بأن كون اليوم الدولي للتعليم بمثابة تعهد صريح وعاجل بإحلال السلام.
فيما شددت الأمم المتحدة على أنه “بدون إتاحة فرص تعليمة شاملة ومتساوية في التعليم الجيد للجميع، فمن المؤكد أنه ستتعثر البلدان في سعيها نحو تحقيق المساواة بين الجنسين، والخروج من دائرة الفقر التي تؤثر سلبا في حياة ملايين الأطفال والشباب”.
واكتفى نعيم العبودي وزير التعليم العالي والبحث العلمي في حكومة الإطار التنسيقي، في كلمة إنشائية فارغة من أي مضمون حقيقي، بمناسبة يوم التعليم الدولي، بالإعلان على “حرص المؤسسات الأكاديمية العراقية على تحقيق أهدافها ورسالتها في خدمة المجتمع وتوفير الفرص التعليمية المستدامة وتحقيق التنمية والاستجابة لمتطلباتها العالمية.
في وقت يواصل العبودي القيادي في ميليشيا العصائب، الإجهاز على ما تبقى من القيم والمعايير التعليمية في الجامعات العراقية وفق مشروع طائفي لنشر التعصب المذهبي وإبادة التعليم في العراق.
وينفذ العبودي سياسة طائفية تهدف إلى تحويل الجامعات في العراق إلى مجرد مواقع لترويج الأفكار الدخيلة للقصص التاريخية الملتبسة خارج معايير العمليات التعليمية المعاصرة.
ويقر العبودي القيادي ميليشيا العصائب برئاسة قيس الخزعلي، باتباع ولاية الفقيه للمرشد الإيراني علي خامنئي.
وسبق وأن قال في تصريح تلفزيوني “نؤمن بولاية الفقيه وبالنسبة لنا إن ما نؤمن به والعمود الفقري لنا ثقافيًا وعقائديًا هو ولاية الفقيه، أي أننا نؤمن بولاية الفقيه”.
ويجمع خبراء تربويون وأساتذة جامعيون على أن وزارة بمهام التعليم العالي التي تعد كوادر صناعة مستقبل البلاد، خارج قدرة العبودي نتاج ميليشيا العصائب.
واعترف مسؤول في وزارة التعليم العالي بأن الواقع التربوي في البلاد يزداد سوءا، وأن نسبة كبيرة من حملة الشهادات العليا في العراق يتخرجون بطرق وصفها بالملتوية.
ولفت إلى أن العراق يسجل سنويًا نحو خمسين ألف شهادة عليا، ما بين ماجستير ودكتوراه، وهذا الرقم يزداد بسبب التسهيلات والوساطات التي تمنحها جهات داخل الوزارة للاعتراف بهذه الشهادات
وقال الأكاديمي الدكتور نعمة الراوي إن قطاع التعليم في العراق أصبح وسيلة لتجهيل المجتمع العراقي من خلال تعيين أفراد غير مؤهلين للقيام بهذه المهمة.


الدكتور نعمة الراوي: قطاع التعليم في العراق أصبح وسيلة لتجهيل المجتمع العراقي من خلال تعيين أفراد غير مؤهلين للقيام بهذه المهمة

وأضاف الراوي في تصريح لقناة “الرافدين” أن حالات الرشى والفساد الإداري باتت من المشاهد المتكررة داخل المدارس في ظل غياب الدور الحكومي في تأمين بيئة تربوية مناسبة للطلبة.
وترتبط مهنة التعليم بمسؤولية التربية وإعداد الأجيال الناشئة في إطار مشروع المواطنة، ولكن الحال في العراق مختلف في ظل حكومات ما بعد 2003.
ووصل واقع التربية والتعليم في العراق إلى مرحلة انهيار شبه تام بسبب إخضاعه لنظام المحاصصة، وتعرضه لنكبات وتراجع كبير على جميع المستويات بعد أن كان متقدمًا على مستوى المنطقة.
وتضع المؤشرات الدولية قطاع التعليم في العراق في مراكز متأخرة، والذي فشل في الوصول إلى أدنى المراتب في التصنيف العالمي لجودة التعليم.
وكانت لجنة التربية والتعليم بمجلس النواب الحالي، قد أقرت في وقت سابق، بأن 90 بالمائة من الشهادات الممنوحة لطلبة الدراسات العليا من خارج البلاد بعد عام 2003؛ مزورة، وحصلوا عليها من خلال الأموال وعن بعد ومن جامعات غير معترف بها.
ووصف الدكتور ثامر العلواني مقرر القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق، قرارات وزارة التعليم بأنها انعكاس للصراع السياسي داخل الحكومة الحالية.
وأشار العلواني في تصريح لقناة “الرافدين” أن الرسائل العلمية الجامعية عادة ما تذهب إلى ديوان الوقف الشيعي لتقييمها، في سياق تعليمي شاذ على معايير التدريس.
وحذر من تراجع مستوى البحث العلمي المتردي بالأساس بوجود سلطة أعلى من سلطة وزارة التعليم العالي متمثلة بديوان الوقف الشيعي.
وأكدت نقابة المعلمين العراقيين أن السياسات الحكومية والأزمات السياسية والصراعات المستمرة أثرت بشكل سلبي على واقع القطاع التعليمي في العراق.
وأبدت نقابة المعلمين استياءها من قيام بعض السياسيين بالترويج عن نفسهم داخل المدارس داعية إلى إبعاد الحرم المدرسي عن صراعات العملية السياسية.
وأعلنت النقابة رصدها تدخلات تهدف إلى الترويج السياسي وقد تم تقديم مزايا وامتيازات لفئات تربوية محددة بهذا الغرض حيث قاموا بإعفاء بعض مدراء المدارس وتوفير النقل للمعلمين كجزء من الحملات الانتخابية.
وأكدت أن تدخلات بعض المتنفذين في الأمور والقرارات التربوية سيطيح بالعملية التربوية.

ثامر العلواني

الدكتور ثامر العلواني: الرسائل العلمية الجامعية عادة ما تذهب إلى ديوان الوقف الشيعي لتقييمها، في سياق تعليمي شاذ على معايير التدريس

ويستنكر العراقيون ممارسة بعض الكوادر التعليمية المدعومة من قبل الأحزاب والميليشيات في زرع الطائفية في نفوس الطلبة داخل المؤسسات التعليمية دون رادع حكومي للحد من هذه الظواهر الدخيلة على التعليم في العراق.
وينتهج بعض المعلمين داخل المدارس طقوسًا حزبية وطائفية والتي تهدف إلى تجهيل الأجيال خدمة لأجندات سياسية.
وسبق أن أجهزت وزارة التعليم العالي تحت سطوة العتبة الحسينية وديوان الوقف الشيعي، على آخر ما تبقى من استقلالية التعليم الجامعي، بالسماح بالتبليغ الطائفي في أروقة الجامعات العراقية.
ولم يكشف قرار الوزارة الجدوى أو الذرائع العلمية من السماح لأفكار طائفية وخرافات تاريخية باقتحام الحصن الجامعي لكسر ما تبقى من الاستقلالية العلمية والبحثية.
وأقدمت وزارة التعليم العالي على إصدار أمر إداري ذي طبيعة طائفية موجه إلى الجامعات العراقية كافة، يقضي بفسح المجال أمام مبلغي “العتبة الحسينية” في كربلاء؛ لإقامة “برنامج التبليغ الديني” في الجامعات امتثالًا لرغبة “ديوان الوقف الشيعي” الموجه لوزارة التعليم العالي.
وتمثل العتبة الحسينية جزءًا من “الدولة العميقة لمرجعية النجف” وتدير مشاريع طائفية واقتصادية ضخمة لا تخضع لأي إشراف وشروط الدولة ولا تلتزم بأي قانون حكومي، بل تعتمد على فتاوي وتعليمات المرجعية حصرا.
وسبق أن دعت هيئة علماء المسلمين في العراق؛ إدارات الجامعات العراقية جميعًا وأساتذتها إلى التصدي لهذا القرار الخطير، وتفويت الفرصة على الجهات التي تقف وراءه، وقطع الطريق على العابثين بالتعليم في العراق، وفي ثقافة المجتمع وقيمه وتقاليده، والعمل على إلغاء المحاصصة الطائفية، وتثقيف الناس لاسترداد حقوقهم وتحسين معيشتهم، وتعزيز قيم محاربة الفساد، ومعالجة تجهيل المجتمع، وتخليصه من الاستخفاف بعقول أبنائه.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى