أخبار الرافدين
تقارير الرافدينطوفان الأقصى: القضية الفلسطينية في الواجهة الدوليةعربية

تواطؤ الضمير العالمي مع غطرسة قوات الاحتلال يقتل سكان غزة جوعًا

مئات الآلاف من الفلسطينيين في مناطق شمال غزة، الذين يعانون من المجاعة بفعل نفاد الأغذية الأساسية، بعد 4 شهور من حرب الإبادة والحصار الوحشي..

غزة- “أوصلونا لمرحلة المجاعة، ودفعونا لأكل طعام الحيوانات”، بهذه الكلمات اختصرت الفلسطينية عواطف البسيوني الأوضاع المعيشية في مناطق شمال قطاع غزة؛ حيث تفرض قوات الاحتلال “الإسرائيلي” قيودها المشددة هناك وتمنع دخول المساعدات الإغاثية إليها.
تجلس البسيوني أمام المنزل الذي نزحت إليه في بلدة جباليا، قادمة من بيت حانون أقصى شمال القطاع، تدقق النظر في وعاء يحتوي على حبوب القمح المخصصة كطعام للحيوانات، لتنقيتها من الشوائب والأوساخ.
يعاونها في ذلك عدد من أحفادها حيث يحمل كل منهم وعاء مشابها في مساع منهم لتوفير الطعام بعد أن فتك بهم الجوع.
فيما وضعت بضعة كيلوات من القمح وحبوب الذرة (أعلاف الحيوانات) على قطعة من القماش أمام المنزل في الهواء الطلق، لتهويتها وتجفيفها من الرطوبة.
هذا حال مئات الآلاف من الفلسطينيين في مناطق شمال غزة، الذين يعانون من “المجاعة” بفعل نفاد الأغذية الأساسية، بعد 4 شهور من الحرب والحصار المشدد.
سوء التغذية التي يواجهها سكان الشمال ضاعف من إمكانية إصابتهم بالأمراض لا سيما المعدية.
وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، فإن نحو 600 ألف مواطن شمال غزة يتعرضون للموت نتيجة المجاعة وانتشار الأمراض والقصف “الإسرائيلي”، فيما حذرت الأمم المتحدة، في بيان سابق، من أن 2.3 مليون شخص في قطاع غزة معرّضون لخطر المجاعة.
ومنتصف تشرين الثاني الماضي، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن جميع سكان القطاع يعانون من “انعدام الأمن الغذائي”، بسبب الحصار “الإسرائيلي” المفروض عليهم منذ السابع من تشرين الأول الماضي.
ودخلت المساعدات الإنسانية لمناطق شمال غزة، لأول مرة، خلال الهدنة الإنسانية التي بدأت في الرابع والعشرين من تشرين الثاني الماضي، واستمرت لمدة أسبوع.
ومع عودة القتال، منعت قوات الاحتلال دخول المساعدات حتّى بداية كانون الثاني الجاري، حينما بدأت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” بإدخال عدد شحيح من الشاحنات يقدر بنحو 5-7 يوميًا.
ووفق “أونروا”، فإن المساعدات الإنسانية التي تدخل للقطاع بشكل عام، “لا تلبّي 7 بالمئة من احتياجات السكان من كافة المستلزمات الغذائية والإغاثية”.
وهي تكمل عملها في تنقية القمح، تقول البسيوني “نعيش أوضاعا صعبة، حيث قتلنا كل من الحرب والجوع والبرد القارس”.
وتضيف “لا يوجد في مناطق الشمال الدقيق لصناعة وإعداد الخبز، والأطفال يبقون بدون طعام، لذا لجأنا لطحن أعلاف الحيوانات من القمح والشعير وحبوب الذرة”.
وأوضحت أن الحرب بدلت أحوالهم، فبعد أن كانوا يعيشون أوضاعًا جيدة ويأكلون طعاما بجودة عالية، باتوا اليوم يأكلون ما تأكله الحيوانات.
وتذكر أن الأطفال، بعد مرور أكثر من 100 يوم على الحرب، باتوا يطلبون أكل لحوم الدجاج، مضيفة “إن هذه الطلبات تصيبها بالحسرة”.
وطالبت الدول العربية والإسلامية بالضغط على إسرائيل لـ”وقف حربها على القطاع، وإنقاذ سكانه من الدمار والجوع”.
بدوره، يعجز الفلسطيني حسن شرف، من تل الزعتر شمال غزة، عن وصف المعاناة الإنسانية في محافظة الشمال في ظل فقدان الأغذية هناك.
ويقول “الوضع مأساوي جدا، لا يوجد طعام نهائيًا، كل شيء مفقود، أحيانا نقضي 48 ساعة بدون طعام”.
وأوضح أن أكثر الفئات تضررا من حالة الجوع هذه هم الأطفال الذين لا يفهمون معنى الحرب والحصار، ولا يدركون معنى “التجويع ومنع إمدادات الغذاء”.
وذكر أن الشعير الخاص بالحيوانات، أصبح طعامهم الوحيد في هذه الفترة، لسد حاجات أسرته الغذائية خاصة الأطفال.
وأشار إلى أن المساعدات الإغاثية (الشحيحة) لا تصل مناطق شمالي القطاع.


عواطف البسيوني: نعيش أوضاعا صعبة، حيث قتلنا كل من الحرب والجوع والبرد القارس
واستكمل “نتوق لرؤية الدقيق الأبيض أمامنا والخبز المصنوع منه، لكن هذا الأمر أصبح ضرب من الأحلام”.
ولفت إلى أن سكان الشمال، نقصوا عددا من الكيلوات من أوزانهم بسبب الجوع، ما غيّر من ملامحهم وشخصياتهم.
وأضاف في هذا السياق “أقابل الكثير من الناس لكنني بت لا أتعرف على شخصياتهم بسبب التغيرات الكبيرة التي ألمت بهم بعد نقصان أوزانهم”.
وأعرب عن وجود حالة من “الإحباط العامة في صفوف سكان الشمال الذين يحاولون التأقلم مع هذا الوضع الذي يرثى له، من جوع واستشهاد وقصف، وأخيرا برد بلا مأوى”.
من جانبها، تقول أم أسعد الكتري التي تصنع الخبز في منزل أصابه الدمار بسبب الغارات الإسرائيلية في مخيم جباليا للاجئين (شمال)، إن الوضع الإنساني هنا “تحت الصفر”.
وبينما تضع العجين داخل الفرن الذي أشعلته بالاستعانة بالحطب، بمرح بعض الأطفال حولها بين الدمار والركام.
وتضيف وهي تشير إلى العجينة قبل خبزها: “هذا الخبز مصنوع من طحين بذرة الحمام (طعام الطيور)”.
وتابعت “نشتري الرطل من طعام الطيور بنحو 60-70 شيكلا (الدولار يعادل 3.69 شواكل)، ومن ثم نطحنه (…) طعمه كالتبن ولكن مضطرين لأكله”.
وتذكر أن الخبز المنتج عن هذه المواد يكون “ناشفًا وقاسيًا ولا يصلح للأكل”.
وتضطر الكتري لدهن الصلصة على هذا الخبز لجعله هشًا وطريًا يستسيغه الأطفال المحرمون من الطعام.
ويشن جيش الاحتلال “الإسرائيلي” منذ السابع من تشرين الأول الماضي، حربًا مدمرة على غزة، خلفت حتى السبت “26 ألفًا و257 شهيدًا، و64 ألفًا و797 مصابًا، معظمهم أطفال ونساء”، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت في “دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة”، بحسب الأمم المتحدة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى