أخبار الرافدين
تقارير الرافدينمجالس المحافظات: بوابة مشرعة على الفساد

السرطان يفتك بالعراقيين مع الارتفاع الباهظ لأسعار العلاج

أمراض السرطان أحد مسببات الوفيات العشر الأولى في العراق وفق دراسات طبية دولية، فيما تزعم أرقام وزارة الصحة في حكومة الإطار التنسيقي بأن الإصابة بالأمراض السرطانية في العراق دون 80 حالة لكل 100 ألف عراقي في العام الواحد.

بغداد- الرافدين
حذرت مصادر طبية عراقية من أن أمراض السرطان تفتك بالعراقيين أكثر من أي بلد في العالم، وفق إحصائيات طبية ودراسات متخصصة.
وطالبت المصادر الطبية بالتفات السلطات لهذا الوباء الذي صار يحصد ضحاياه بمعدلات مخيفة، تكشف العجز الطبي في تقديم العلاجات المطلوبة للمرضى.
ولايزال مرض السرطان أحد مسببات الوفيات العشر الأولى في العراق وفق دراسات طبية دولية، فيما تزعم أرقام وزارة الصحة في حكومة الإطار التنسيقي بأن الإصابة بالأمراض السرطانية في العراق دون 80 حالة لكل 100 ألف عراقي في العام الواحد.
وتباع الأدوية الجديدة للأمراض السرطانية في العراق بأسعار باهظة، وتكلف المصابين المضطرين إلى شرائها من خارج المستشفيات أثمانًا كبيرة وسط التعويل على وزارة الصحة لإدراجها ضمن تعاقداتها مع الشركات وتأمينها للناس.
وتزايدت، نسبة الإصابة بالسرطان في مدن البلاد التي تعرضت لعمليات عسكرية عامي 1991-2003 وما تلاها من عمليات عسكرية استمرت منذ عام 2003 وحتى نهاية عام 2016، في وقت تعاني فيه مستشفيات علاج السرطان من شح العلاجات اللازمة.
وأكد الدكتور إبراهيم سليمان، إخفاق الحكومات المتعاقبة بحل كارثة مرض السرطان.
وأوضح في لقاء سابق مع قناة “الرافدين” بأن هناك معهدًا واحدًا للطب والإشعاع الذري الخاص بعلاج أمراض السرطان في العاصمة بغداد، ويلجأ إليه المرضى من كافة المحافظات.
وأشار إلى أن مرضى السرطان يأخذون نصف الجرعة المقررة لهم نتيجة شح العلاجات ونقص الأدوية، التي تقوم على استيرادها مافيات الأدوية.
وتزامنت التحذيرات الطبية مع مراجعة أكثر من 27 ألف مواطن مركز الأورام السرطانية في محافظة بابل وحدها عام 2023 التي يقدر عدد سكانها بـ 2.3 مليون نسمة قياسًا لعدد سكان العراق البالغ أكثر من 40 مليون نسمة، الأمر الذي يكشف الرقم المخيف الذي يعاني منه العراقيون من هذا المرض.
وقال مدير صحة محافظة بابل حيدر البيرماني إن العديد من المصابين بالأورام السرطانية في العراق لجأوا بعد عام 2003 الى العلاج في الخارج، ومنها إيران ولبنان وتركيا والأردن والهند وغيرها، بسبب جودة العلاج والأدوية هناك.
وسجلت معدلات الإصابة بمرض السرطان في العراق، ارتفاعاً بعد عام 2003، وذلك بسبب تفاقم مشاكل التلوث البيئي والمخلفات الحربية والأسلحة المحرمة دوليًا التي استخدمتها القوات الأمريكية في احتلال العراق.
وتسبب التلوث والإهمال الحكومي، بانتشار لافت لمرض السرطان في محافظات الانبار وصلاح الدين وديالى والموصل والبصرة وميسان وذي قار وبابل والقادسية والمثنى.
وأكدت مفوضية حقوق الإنسان، ضرورة توفير بيئة صحية آمنة لمرضى السرطان في المحافظات المنكوبة غرب العراق، بعد أن شخصت حاجة مركز الأورام في محافظة الأنبار إلى الدعم اللازم.
وقالت المفوضية إن عدد من المحافظات بحاجة إلى أجهزة حديثة ومتابعات علاجية مستمرة، مشيرة إلى أن الآثار السيئة التي خلفتها العمليات العسكرية على الواقع الصحي في هذه المحافظات ساعدت على انتشار مثل هذا المرض.
ودعت المفوضية إلى توفير التخصيصات المالية لاستكمال مستلزمات بناية مركز الأورام في الأنبار فضلا عن العلاجات والجرع الكيمياوية ذات التكاليف المالية التي ليس بإمكان المواطنين تحمل أعبائها.
وشكا سكان قضاء بيجي شمالي محافظة صلاح الدين من انتشار الأمراض السرطانية بسبب المخلفات الصناعية والنفطية في القضاء مطالبين الحكومة بالتدخل لاحتواء الأزمة.
وأرجع قائممقام بيجي محمد الجبوري أسباب انتشار الإصابات السرطانية إلى تلوث مياه الشرب بسبب فضلات مصفى بيجي وفضلات الصناعات الكيمياوية ما أدى إلى انتشار الأمراض السرطانية والجلدية والغدة الدرقية، حيث كشفت مصادر وإحصاءات رسمية عن تسجيل أكثر من 2500 إصابة بالأمراض السرطانية في مناطق القضاء.
ووصلت حالات الإصابة بمرض السرطان إلى نحو 3800 إصابة في محافظة ديالى بينهم أكثر من 360 طفلا في حصيلة غير مسبوقة بحسب إحصائيات رسمية لمديرية صحة ديالى.
وأكد أطباء في المحافظة أن العدد الحقيقي لحالات الإصابة بالمرض تفوق الإحصائية الرسمية كون العديد من المصابين يقصدون محافظات أخرى أو يتجهون إلى خارج العراق بقصد العلاج. مؤكدين أن العلاج الإشعاعي غير متوفر داخل مشافي المحافظة. فيما أكد عدد من المرضى داخل المحافظة أن العديد من الأدوية غير متوفرة في مشافي المحافظة ما يدفعهم إلى شرائها على نفقتهم الخاصة بأسعار خيالية.
وقالت النائبة زينب وحيد الخزرجي إن مناطق كاملة في محافظة ذي قار تعاني من أمراض السرطان بسبب انتشار المخلفات الحربية وعدم الجدية في إزالتها.
وكشف مركز ذي قار التخصصي للأورام عن استقبال نحو 120 مريضًا بأورام السرطان يوميًا.


عضو الجمعية الملكية البريطانية للأطباء وعالم الأورام، جواد العلكي: مدينة البصرة هيروشيما أخرى، وأنّ الإصابة بالسرطان أصبحت خطرًا يهدد أكثر من 40 بالمائة من سكّانها

وحذرت الخزرجي من أن إهمال عمليات إزالة المخلفات الحربية المسرطنة، التي تسببت بتلوث مياه الشرب في عدد من مناطق ذي قار، التي تصنف على أنها مناطق خطرة بسبب انتشار المخلفات الحربية، وتفاقم الأمراض الوبائية السرطانية.
وأكدت لجنة الصحة النيابية في البرلمان الحالي، أن محافظة البصرة مرشحة لارتفاع نسبة الاورام السرطانية بها بسبب التلوث الموجود فيها.
وكان عضو الجمعية الملكية البريطانية للأطباء وعالم الأورام، جواد العلكي، قد وصف مدينة البصرة في وقت سابق بأنها “هيروشيما أخرى”، موضحًا أنّ الإصابة بالسرطان أصبحت خطرًا يهدد أكثر من 40 بالمائة من سكّانها.
وقال عضو لجنة الصحة النيابية باسم الغرابي إن الاحصاءات الأخيرة فيما يخص الاورام السرطانية في البصرة زادت بشكل كبير خلال الفترة الماضية، مطالبًا بتوجيه فرق ميدانية للمسح الميداني بعد أن باتت الإصابة بالمرض متزايدة على نحو لافت.
وأرجع الغرابي سبب تزايد الإصابة بالسرطان إلى ارتفاع نسب التلوث في الهواء والمياه وكذلك التربة بسبب استخراج النفط والغاز المصاحب وبالتالي ثاني أوكسيد الكربون وغاز الميثان.
وسبق أن كشفت لجنة الصحة البرلمانية عن وجود شبهات فساد في ملف استيراد الأدوية الخاصة بمرضى السرطان في العراق.
وقالت اللجنة إنها استدعت عددًا من المديرين العامين في وزارة الصحة الحالية، لمعرفة التعاقدات المنجزة، وكمية الأدوية التي توفرت خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي.
وأوضح رئيس اللجنة، ماجد شنكالي، أن اللجنة سجلت نقصًا كبيرًا في الأدوية والمستلزمات الطبية، مضيفًا أن “هناك شكاوى كثيرة من ذوي الأمراض السرطانية، نتيجة قلة وعدم توفر هذه الأدوية في المستشفيات الحكومية”.
وأكد على أن القطاع الصحي غير قادر على تحقيق أي تقدم في حال إبقاء التخصيصات المالية المرصودة ضمن الموازنة، وأن المبالغ المرصودة للقطاع لا تقارن بأي دولة مجاورة بالعراق.
وسبق وأن كشف تقرير لصحيفة واشنطن بوست، عن تردي نظام الرعاية الصحية في العراق وصلت آثاره إلى مستشفى سرطان الأطفال في البصرة الذي تم إنفاق مائة مليون دولار على تجهيزه.
وأصبح المستشفى ضحية لنظام رعاية صحية مليء بالفساد والإهمال.
ونقلت عن مسؤولين عراقيين قولهم إنه “بعد عقود من الحروب والعقوبات الدولية التي ضربت القطاع الطبي، يقوم اليوم جيش من المحتالين بسرقة تطلعات العراقيين إلى حياة صحية.
وقال مسؤولون حاليون وسابقون، تحدثوا لصحيفة “واشنطن بوست” شريطة عدم الكشف عن هويتهم خوفا من الانتقام، إن الفساد مستشر وإن “الأموال المخصصة لكل شيء، بدءًا من شراء الأدوية إلى بناء المستشفيات، يتم إهدارها من قبل مسؤولين ورجال أعمال، وأفراد من جماعات سياسية أخرى”.
ونقلت الصحيفة عن عاملين حاليين وسابقين في مستشفى سرطان الأطفال قولهم إن الفساد المالي يحول دون شراء أدوية السرطان وصيانة الأجهزة الطبية الحيوية.
وقال موظفو المستشفى السابقون إن بعضًا من السياسيين “راقبوا عملية الشراء وسعوا لتأمين عقود لحلفائهم. وعندما حاول موظفو المستشفى خفض تكاليف العقد، تم الإبلاغ عن ذلك لممثلي الشخصيات السياسية القوية”.
وقال مسؤول سابق بالمستشفى “شعرت أنني كنت بين نارين. كنت أرغب في خدمة هؤلاء الأطفال، ولكن من ناحية أخرى، كنت أحارب الأشخاص الفاسدين الذين يريدون سرقة أموالهم وحياتهم”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى