أخبار الرافدين
تقارير الرافدينطوفان الأقصى: القضية الفلسطينية في الواجهة الدوليةعربية

الإعلام الغربي يعاني من أزمة أخلاقية ويصاب بعمى الألوان في غزة

في خضم حرب الإبادة على غزة، تمارس كبرى المؤسسات الإعلامية الغربية ضغوطًا كبيرة على موظفيها لإخفاء جرائم "إسرائيل" عن الجمهور وفرض رقابة على الرواية الفلسطينية.

إسطنبول- تواصل مؤسسات إعلامية غربية ممارسة الضغط والتهديد وقرارات الفصل تجاه صحافييها المتضامنين مع الفلسطينيين ضد الهجمات “الإسرائيلية” على غزة.
ويجد صحفيون يعملون في وسائل اعلام غربية بارزة أنفسهم مرغمين على الاختيار بين صوت ضميرهم ووظيفتهم التي يعتاشون منها.
وبينما تستمر “إسرائيل” في حربها المدمرة وحصارها الخانق لقطاع غزة، ما تسبب بأزمة إنسانية لم يسبق لها مثيل في التاريخ الحديث، تدور حرب أيضًا على صعيد الرأي العام.
ويكتسب “صراع السرديات” في وسائل الإعلام أهمية أكبر في الفترات التي يشتد فيها الصراع بين الأطراف.
وفي خضم الحرب على غزة، تمارس كبرى المؤسسات الإعلامية الغربية ضغوطا كبيرة على موظفيها لإخفاء جرائم “إسرائيل” عن الجمهور وفرض رقابة على الرواية الفلسطينية.
الصحفيون الذين يرفعون أصواتهم ضد تصرفات “إسرائيل” يتم ارغامهم على الاختيار بين ضميرهم المهني والأخلاقي أو وظيفتهم ومواصلة عملهم بالشكل الذي يرضي المؤسسة.
واستقال بسام بونني من عمله في هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” احتجاجًا على موقف وسائل الإعلام الغربية بعد الهجمات الإسرائيلية على غزة.
وتم فصل زهراء الأخرس من مؤسسة “غلوبال نيوز” الكندية عن العمل لرفضها إزالة منشوراتها الداعمة للفلسطينيين من حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
ونظمت دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، في إسطنبول، ندوة بعنوان “نضال الإعلام من أجل الحقيقة في حرب غزة: العنف والتضليل والرقابة” تحدث فيها نخبة من المراسلين والصحفيين عن ظروف عملهم والضغوطات التي مورت بحقهم.
وانتقد بونني موقف وسائل الإعلام الغربية من الهجمات الإسرائيلية على غزة، ووصف موقفها بـ”الصادم” و”المخيب للآمال”.


زهراء الأخرس: إذا أصررنا على معارضة التغطية المتحيزة للإعلام الغربي، فإننا نتعرض للرقابة ويتم إبعادنا عن الموضوع والأجندة
وأضاف “رأينا كيف يتم الاستخفاف بكثير من الأخبار، والعديد من الحقائق التي يمكن التحقق منها، بما في ذلك تلك التي أبلغت عنها منظمات حقوق الإنسان أو البيانات الرسمية الصادرة عن الأمم المتحدة، بما فيها تصريحات الأمين العام أنطونيو غوتيريش”.
وقال إنه “على الرغم من أن الشعب الفلسطيني يعاني منذ 75 عامًا، إلا أن وسائل الإعلام الغربية أخرجت القضية من سياقها من خلال إظهار الصراع كما لو أنه بدأ في السابع من تشرين الأول 2023”.
وتحدث عن تركه لوظيفته في “بي بي سي” لافتًا أنه فعله نابع من ضميره.
وأضاف “كتابة تقارير حول احتمال وجود أنفاق تحت المستشفيات وجميع المرافق التي يمكن استهدافها، دون الإشارة إلى استحالة الدخول إلى غزة، والاستخفاف بتصريحات المنظمات الحقوقية، كل ذلك شكل خيبة أمل بالنسبة لي، وقررت الاستقالة”.
وأشار بونني إلى أنه “في وسائل الإعلام الغربية، لا يتم التعامل مع المدنيين في غزة بنفس الطريقة التي يعامل بها المدنيون في إسرائيل، إذ يتم شيطنة سكان غزة”.
وأكد أن هناك ضغوطًا كبيرة على الصحفيين الداعمين لفلسطين في الدول الغربية.
وأردف “من الواضح أن هناك ضغوطًا كبيرة من العديد من الجماعات المؤيدة لإسرائيل. وفيما يتعلق بالمحتوى الإعلامي اضطر العديد من الصحفيين إلى الاستقالة”.
وتابع “بالمقابل تم تسريح بعض الأشخاص من وظائفهم”.
ولفت إلى أن أحدث مثال على ذلك هي أنطوانيت لطوف من شبكة ABC الأسترالية، حيث تم فصلها لمجرد مشاركتها تقريرًا من “هيومن رايتس ووتش” على وسائل التواصل الاجتماعي.
وذكر بونني أن هناك أزمة أخلاقية واضحة في الغرب، لكن في المقابل جيل الشباب يشاهد الكثير من الحقائق عبر البث المباشر و”بالتالي ستتغير العقلية”، على قوله.
وانتقدت زهراء الأخرس موقف المؤسسات الإعلامية في الغرب، وقالت “كصحفيين مؤيدين لفلسطين، كثيرا ما نواجه تهديدات ومحاولات لإسكاتنا”.
وأردفت “عندما نحاول تحدي الوضع القائم، فإننا نُتهم بعدم التوزان والتحيز”.
وتابعت “إذا أصررنا على معارضة التغطية المتحيزة للإعلام الغربي، فإننا نتعرض للرقابة ويتم إبعادنا عن الموضوع والأجندة”.
ومضت بالقول: “يُطلب منا عدم إعداد اخبار عن فلسطين، وإذا واصلنا التحدي، يتم طردنا من عملنا”.
وحول التطورات التي أدت إلى تسريحها عن عملها في غلوبال نيوز، قالت الأخرس إنها خلال السنوات الثلاث التي عملت فيها في المؤسسة، كانت تستخدم حساباتها الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي لمشاركة منشورات تدافع عن فلسطين.
وأكدت أن الشركة التي كانت تعمل فيها لطالما انزعجت من منشوراتها المناهضة للصهيونية.
وقالت “طلبوا مني مرتين في الماضي إزالة منشوراتي التي تنتقد إسرائيل وتدعم الشعب الفلسطيني على وسائل التواصل الاجتماعي. ولكن بعد السابع من تشرين الأول، عندما بدأ مقتل المئات والآن الآلاف وعشرات الآلاف من الفلسطينيين، شعرت أن الوضع أصبح رهيبًا للغاية بحيث لا يمكنني البقاء صامتة، وبدأت في النشر بشكل متكرر على وسائل التواصل الاجتماعي”.

بسام بونني: رأينا كيف يتم الاستخفاف بكثير من الأخبار، والعديد من الحقائق التي يمكن التحقق منها، بما في ذلك تلك التي أبلغت عنها منظمات حقوق الإنسان أو البيانات الرسمية الصادرة عن الأمم المتحدة
وزادت “طلبت مني الشركة إزالة منشوراتي على وسائل التواصل الاجتماعي. وعندما رفضت، اتهموني بعدم التوازن والتحيز كصحفية، ثم طردوني”.
وأشارت الأخرس إلى أن العديد من الصحفيين تضامنوا معها بعد الإعلان عن إقالتها بسبب منشوراتها الداعمة للشعب الفلسطيني.
وقالت إن هؤلاء الصحفيين تعرضوا أيضًا للترهيب من خلال الرقابة والضغوط.
ولفتت الأخرس أنه على الرغم من أن العشرات من زملائها من كندا والولايات المتحدة وغرف الأخبار في الغرب بشكل عام تواصلوا معها للإعراب عن دعمهم لها، إلا أنهم لم يتمكنوا من القيام بما فعلته لأنهم يخشون من مواجهة التبعات التي واجهتها.
وشددت الأخرس على أن بعض الناس “يتنازلون عن ضمائرهم لأنهم يخشون فقدان دخلهم ووظائفهم”.
وختمت الأخرس حديثها بالقول إنه “عندما يتعلق الأمر بانتقاد إسرائيل لا يسمح للصحفيين في وسائل إعلام غربية بممارسة حريتهم في الحديث وحرية التعبير وحرية الصحافة، وإلا سيواجهون عواقب وخيمة وغير عادلة وسيفقدون وظائفهم”.
وطوال فترة الحرب على غزة، تعرضت وسائل الإعلام الغربية، لانتقادات واسعة النطاق لتكرارها الدعاية الإسرائيلية وتجاهل المجازر بحق الفلسطينيين، بحسب مراقبين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى