شرط “الكفيل” مخطط تغيير ديمغرافي لقطع الصلة بين أبناء سامراء ومدينتهم
تتعمد الميليشيات المسيطرة على سامراء مع تواطؤ حكومي الاستمرار بإجراءات ضغط مذلة على أبناء المدينة بهدف اجبارهم على بيع عقاراتهم ومغادرة مدينتهم في سابقة لم تحدث حتى في أسوأ البلدان التعسفية.
صلاح الدين – الرافدين
يعاني سكان مدينة سامراء من العزلة والتهميش بسبب السيطرات على مداخل المدينة، والإجراءات المذلة والتعسفية التي تتخذها الميليشيات المسيطرة على المدينة، في فحص كل الداخلين إلى مدينة سامراء حتى من أبناء المدينة نفسها، من بينها الفحص بأجهزة غير مأمونة تعرض الناس إلى إشعاعات مسرطنة.
وتقوم الميليشيات بعد استيلائها على سامراء بغية السيطرة عليها وتغيير بنيتها الديموغرافية، بمنع دخول أبناء المدينة إليها إلا بكفيل وفق إجراءات تعسفية مذلة، في مخطط طائفي للتغيير الديموغرافي وقطع صلة أبناء سامراء بمدينتهم، فضلًا عن تطويق المدينة بسور كونكريتي منذ العام 2008 الأمر الذي يزيد معاناتهم ويخنق نمو المدينة ويعيق حركة أهلها المحاصرين.
وتتعمد حكومات الاحتلال المتعاقبة وميليشياتها الاستمرار بهذه الإجراءات للضغط على أبناء المدينة بهدف اجبارهم على بيع عقاراتهم ومغادرة مدينتهم في سابقة لم تحدث حتى في أسوأ البلدان التعسفية.
وقال محمد سالم 26″ عامًا” وهو طالب جامعي من أبناء مدينة سامراء ويدرس في إحدى الجامعات الحكومية بالعاصمة بغداد، إنه يعاني مرارًا، عند مدخل المدينة من إجراءات السيطرات الحكومية وسيطرات ميليشيا السرايا التابعة لميليشيا الحشد، وذلك عند زياراته لأهله كل أسبوعين.
وأضاف سالم في تصريح لموقع قناة “الرافدين” أن الداخل إلى المدينة يمر بثلاث نقاط تفتيش أحدها للقوات الحكومية واثنتان منها لميليشيا السرايا ويتعرض لنفس الإجراءات التعسفية في السيطرات الثلاث من سوء المعاملة والسؤال بطريقة استفزازية حول السكن، وعما إذا كنت أمتلك ورقة (باج) تثبت أنني من سكنة المدينة، وفي حال نسيتها، فلن أدخل المدينة إلا بكفيل أو أن يأتي أحد إخوتي ليثبت سكني داخل المدينة.
وأوضح أن المعاناة تبدأ من الطابور الطويل على مدخل المدينة، ثم السؤال عن الوجهة والنظر في المستمسكات الرسمية، وهذه في أحسن الأحوال، أما إذا كانت السيارة تحمل أغراضًا وحقائب فيضطر الراكبون للنزول من أجل التدقيق فضلًا عن إنزال الحمولة وتفتيشها.
ويوضح محمد أن أهالي المدينة ضاقوا ذرعًا بإجراءات السيطرات التعسفية والمتعمدة ضد أبناء سامراء، وسط صمت مطبق من قبل سياسيي المدينة ونوابها في البرلمان الحالي.
ويروي طبيب من أبناء المدينة ومتزوج من سيدة غير عراقية، كيف أنه واجه إجراءات تعسفية لإثبات أنه من أبناء المدينة، لكونه لا يحمل (باج) يثبت أنه من سكنة سامراء، أو منعه من دخولها إلا بكفيل، على الرغم من وجود بطاقة السكن الوثيقة الرسمية المعمول بها في جميع أنحاء البلاد.
وأوضح الطبيب الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن هذه الإجراءات لا تقتصر على أوراقي فقط، بل تعدى الأمر إلى زوجتي ومطالبتي بإثبات أنها من سكنة المدينة على الرغم من وجود أوراق رسمية تثبت زواجنا، وما من قانون يمنع دخولها إلى المدينة، مضيفًا أنه وبسبب هذه الإجراءات اضطر للاستقرار خارج المدينة للخلاص من هذه المعاناة المتفاقمة.
وكانت حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني قد أعلنت في تشرين الثاني من العام 2023 إلغاء شرط الكفيل لدخول مدينة سامراء أمام الوافدين من خارجها بعد تعميم قاعدة بيانات محكمة، إلا أن العمل به لا يزال معتمدًا إلى اليوم.
وأكدت مصادر محلية بأن الوافد من خارج المدينة سواء من أبنائها أو من غيرها لا يدخل المدينة إلا بعد الاتصال بالكفيل وتسجيل اسمه الثلاثي ورقم هاتفه، بعد ذلك يسمح للوافد بالدخول.
وعلى الرغم من استتباب الأمن في المدينة وأطرافها، ما تزال محاولات التضييق على أبناء سامراء مستمرة، وباتت الميليشيات تفرض على أبناء المدينة حالة من الإذلال المتعمد في نقاط التفتيش عند مداخل المدينة، حيث تتعرض سامراء لحملة استهداف محمومة من الميليشيات وأحزاب السلطة بقصد تغيير الطبيعة السكانية للمدينة من خلال بث الرعب بين الأهالي.
وقدمت نحو 30 عائلة شكاوى إلى القضاء في سامراء لمنع وإزالة أجهزة الفحص بالأشعة السينية المثبتة عند مدخل المدينة الشرقي والتي تسببت بأمراض سرطانية لسائقي مركبات الحمل الكبيرة من أبناء المدينة، جراء تعرضهم لإشعاعات بجرع كبيرة.
وقال والد أحد المصابين، إنه تقدم بشكوى للقضاء في سامراء للمطالبة بتعويضه أو إزالة هذا الجهاز الذي أصاب ابنه بالسرطان بعد تعرضه مرارًا لإشعاعات الجهاز ليتوفى بعد تفاقم الورم السرطاني.
وبحسب مصادر محلية فقد توجه وفد من شيوخ العشائر في المدينة إلى نواب في البرلمان الحالي لإيجاد حل لمشكلة جهاز الفحص بالأشعة السينية وخطورته على المواطنين والمطالبة برفعه من نقاط التفتيش تجنبًا لحدوث المزيد من الإصابات
وتواصل الميليشيات مسلسل التضييق على أهالي المدينة وتغيير ديمغرافيتها وطبيعتها السكانية، تشاركها في ذلك “العتبة العسكرية” بتواطؤ مع حكومة السوداني.
واستولت “العتبة العسكرية” على بيوت وعقارات في المدينة القديمة المحيطة بمرقدي العسكريين في سامراء، وتسعى للاستيلاء على أراضٍ أخرى داخل المدينة، بعد ضغط السوداني على وزير الإعمار والإسكان والبلديات والأشغال العامة بنكين ريكاني وإيعازه لمدير بلدية سامراء منح “العتبة العسكرية” أرضًا بمساحة 48 دونم وسط المدينة.
وسبق أن استنكر شيوخ ووجهاء وعلماء مدينة سامراء، استيلاء “العتبة العسكرية” على أراضي المدينة، واستمرار عمليات التغيير الديمغرافي التي تقوم بها بتواطؤٍ مع حكومة الإطار التنسيقي.
وقال الشيوخ والوجهاء في بيانٍ: إن “العتبة العسكرية، تسببت بالتضييق والخناق على مدينة سامراء القديمة، وحرمان أهلها من التحرك والتصرف بأملاكهم ومصادر معيشتهم، فضلًا عن محاولاتها المستمرة للاستيلاء على الجامع الكبير والمدرسة العلمية فيها”.
وأكد البيان، على رفض أهالي سامراء التغيير الديمغرافي القسري الذي تقوم به “العتبة العسكرية” من خلال جلب 1000 عائلة من خارج المدينة وإسكانهم في المنطقة القديمة المغلقة أمام أهالي سامراء، للعمل في مشروع إعادة إعمار ضريح العسكريين فيها.
وأشار إلى، استيلاء “العتبة العسكرية” على أملاك بلدية سامراء داخل المدينة القديمة، وإغلاقها، وحرمان أهلها من فرص العمل دون مبرر.
وطالب البيان، الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية بالتدخل لوضع حدٍ للممارسات الاستفزازية لـ “العتبة العسكرية” ومحاولات التضييق المستمرة لأهالي المدينة، وإلغاء قانون العتبات رقم 19 لسنة 2005 وإرجاع الحقوق لأهل المدينة التي كابد أهلها التهميش والإقصاء طوال عشرين عامًا.