أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

طرق العراق تحصد أرواح آلاف العراقيين سنويًا

العراق يحتل المرتبة 37 من أصل 183 دولة في معدل الوفيات بسبب حوادث الطرق

بغداد – الرافدين
وضع موقع world life expectancy، العراق في مراتب متقدمة في معدل الوفيات التي تقع بسبب الحوادث المرورية؛ جراء تهالك الطرق وسوء التنظيم وإهمال الحكومات المتعاقبة لتطوير البنى التحتية، لتكون الحوادث المرورية ماكينة جديدة تضاف إلى مكائن سلب وقطف أرواح العراقيين.
واحتل العراق المرتبة (37) من أصل (183) دولة، حيث أن معدل أعمار حالات الأشخاص المتوفين نتيجة حوادث الطرق 34.41 سنة وذلك وفقًا للموقع الأمريكي world life expectancy المتخصص بتقديم  الإحصاءات بكل ما يهدد حياة الإنسان ومنها حوادث الطرق في العالم، والذي تلقى حتى الآن أكثر من 100.000.000 مشاهدة على موقعه الإلكتروني من كل دولة في العالم ويعتمد في مصادره الإحصائية على منظمة الصحة العالمية، والبنك الدولي، واليونسكو، ووكالة المخابرات المركزية وقواعد بيانات كل دولة على حدة.
وأقرت وزارة الداخلية الحالية بتفاقم مشكلة الحوادث المرورية المميتة والتي تسجل شهريًا وبمعدلات قياسية، مشيرة إلى تزايدها خلال الآونة الأخيرة لتسجل أكثر من 11 ألف حادث سنويًا، والتي تؤدي إلى وفاة آلاف المواطنين.
وبحسب وزارة التخطيط الحالية، فإن حوادث السير تسببت بمقتل نحو 8 آلاف شخص كمعدل سنوي أي بما يعادل 8 أشخاص يوميًا، و(250) شهريًا، مشيرة إلى أن السلطات الحكومية لم تعمل على صيانة الطرق على الرغم من أنها باتت مصدر تهديد كبير لحياة المواطنين.
وبدت مشاهد حوادث الطرق وصور الضحايا والعجلات المدمرة مألوفة على مواقع التواصل الاجتماعي بالنسبة إلى المتابعين إذ لا يكاد يمر يوم دون تداول العديد من تلك المقاطع.
ولعل أحد أسباب زيادة حوادث السير، الطرقات غير المؤهلة والتي تحتاج غالبيتها إلى تأهيل وإصلاح التخسفات، التي تتركها سيارات الحمل الكبيرة المتحولة إلى شكل أخاديد يصعب للسيارات السير عليها.
وما زال العراق يعتمد على البنى التحتية الخاصة بالجسور والطرق التي شيدت بين سنوات 1950 ولغاية 2000، من دون أن تقوم الحكومات التي أعقبت الاحتلال بإنشاء مشاريع لتوسعة تلك الطرق أو إدامتها بشكل يمنح العراقيين قدرًا كافيًا من الأمان.
كما يغيب عن غالبية الطرق العراقية التأثيث مثل الأسيجة الواقية والدلالات والإشارات، إلا باستثناءات محدودة، خصوصًا الطرق السريعة الخارجية الرابطة بين معظم المدن العراقية.
وقال مدير العلاقات والإعلام في مديرية المرور العامة العميد زياد القيسي في تصريح سابق، إن من أسباب الحوادث المرورية هو عدم وجود شروط المتانة والأمان في المركبات، إذ إن بعضها تكون صناعة تجارية والحديد المصنوعة منه خفيف لا يتناسب مع السرعة وحجم المركبة ما يؤدي إلى وقوع الحوادث.
وأضاف أن بعض المركبات دخلت إلى العراق مقطعة الأجزاء، أو كانت معرضة للحرق أو الغرق، أو محول مقودها من الجانب الأيمن إلى الأيسر مما يساهم بوقوع الحوادث.
ويرى مختصون أن من أهم أسباب الحوادث المرورية هي الطرق الرديئة والتي تفتقر إلى أبسط المواصفات العالمية وعلى الرغم من تعاقب الحكومات والوعود التي قطعتها للشعب إلا أنها لم تحقق لغاية الآن وعودها على أرض الواقع.
إن مشكلة رداءة الطرق وضعف البنى التحتية في العراق باتت تشكل تحديًا لحكومة السوداني في ظل وجود فساد مستشرٍ فيها إلى حدٍ كبير وعدم تبليط الشوارع وصيانتها وفق المواصفات العالمية المتبعة.
ويعد التلاعب في صيانة الشوارع وإصلاحها جليًا للعيان من “المقاول” المنفذ للمشروع يشاركه في ذلك المهندس المشرف على العمل والذي يوافق على استلام عمل يفتقر بشكل كبير إلى المواصفات المطلوبة بالإضافة جهات تنفيذية أخرى مشتركة معهم بالفساد.
وسبق أن أكدت لجنة الخدمات النيابية أن أحد أهم أسباب دمار الطرق هي تعامل الجهات الحكومية المعنية مع شركات غير رصينة، مشيرة إلى ضرورة وضع حد للتلكؤ في إعمار الطرق والجسور، مبينة أن أموال الرسوم والجباية والغرامات يجب أن يتم تبويبها وتسخيرها لخدمة المواطنين من خلال تأهيل الطرق والجسور.
ويؤكد عضو لجنة الخدمات في البرلمان النائب باقر الساعدي أن عمليات فساد تشوب العديد من مشاريع الطرق الخارجية، والمسؤولون على تنفيذ المشاريع غير مكترثين بعدد الأرواح التي أزهقت نتيجة الخلل الموجود في الطرق الخارجية التي تفتقد إلى أي مقومات للإرشاد والسلامة وأغلبها من دون إنارة وعلامات تحذيرية، مقرًا بأن تلك الشوارع باتت “مصيدة للناس”.
ويقدر خبراء أن أكثر من 50 بالمائة من طرق العراق متهالكة ولا تصلح لسير المركبات بسبب الفساد وسوء تنفيذ الطرقات وعدم صيانتها بشكل دوري.
وكان البنك الدولي قد بين في وقت سابق أن العراق يحتاج للاستثمار بأكثر من 21 مليار دولار في قطاع النقل خلال السنوات الخمسة المقبلة بسبب تهالك شبكة الطرق، ما يفند الادعاءات بتطوير هذا القطاع وإنشاء شبكة طرق على مدار عشرين عامًا.
وحمل مواطنون حكومة الإطار التنسيقي وسابقاتها مسؤولية استمرار ارتفاع حوادث السير في البلاد.
وأشاروا إلى أن الصيانة الدورية للطرق تكاد تكون معدومة مع انعدام إعادة تأهيل الطرق بعد الحوادث التي أحدثت ضررًا في بعض أجزاء الطرق أو عناصر السلامة فيها.
ويطلق المواطن علي الركابي مصطلح “حرب الشوارع” على الحوادث المرورية، نظرًا لعددها الكبير وحجم الضحايا اليومي، ويحلم بـ “يوم يمر على العراق دون دماء على أسفلت شوارعه المتهالكة”.
ويرى الركابي إن “سببين رئيسين وراء كثرة حوادث السير في العراق، الأول، قلة وعي سائقي المركبات بخطورة عدم الالتزام بقواعد القيادة، خاصة ما يتعلق بالسرعة المسموح القيادة بها في الطرق المختلفة وصولاً إلى تحديات السرعة بين المركبات، والثاني الشوارع الرديئة التي تفتقر إلى التأثيث الصحيح وبشكل خاص الطرق الخارجية والسريعة”.
ويعتقد الركابي أن “أهمية تأهيل الطرق وإدامتها ووضع العلامات المرورية والعلامات الأرضية والتخطيط في المنعطفات وإقامة السياج الأمني، ونشر الوعي وتثقيف المجتمع حول القيادة الصحيحة والالتزام بقواعد المرور”.
وقال المواطن علي حميد (44 عامًا) إنه كاد أن يفقد حياته حينما كان يقود سيارته من محافظة واسط باتجاه ذي قار الواقعة على بعد 360 كيلومترا جنوبي بغداد ثم فوجئ بحفرة كبيرة تسببت في انفجار أحد إطاراتها، مضيفًا “نجوت من موت مؤكد”.
ومضى قائلًا تمكنت من السيطرة على السيارة وتجنبت انقلابها بأعجوبة، وحمل الجهات المعنية مسؤولية المخاطر التي تواجه سائقي السيارات، لا سيما سائقي سيارات الأجرة الذين يمرون عليها يوميًا، ما يجعلهم أكثر عرضة للموت كل يوم، لافتًا أن رداءة هذه الطرق لا تنحصر في المخاطر على حياة الإنسان فحسب، بل تؤدي إلى خسائر اقتصادية يتحملها السائقون”.
وأشار إلى أن “هذه الشوارع غير صالحة للسير وتؤدي إلى إهلاك أجزاء السيارات بشكل أسرع، فقد استبدلت طقم الإطارات خلال شهرين، وها هي عادت لتنفجر مرة أخرى”.
أما المواطن رياض أحمد (33 عامًا) وهو من بين المتضررين من سوء حالة الطرق، إذ أصيب بإعاقة دائمة في قدمه وفقد شقيقه في حادث على الطريق فقد حمل الحكومة مسؤولية حوادث الطرق والوفيات الناجمة عنها بسبب ما سماه “الإهمال والفساد الإداري” اللذين يعطلان مشاريع الطرق الخارجية، وهي تلك الواقعة خارج حدود البلديات وتربط بين محافظات العراق.
وأضاف أن “الجهات الحكومية لا تهتم بأرواح الناس، فهي لا تعني لها شيئا، وقضية صيانة الطرق الخارجية أصبحت عملية تجارية ودعاية مدفوعة الأجر”.
وأكد أن “القرارات الحكومية متخبط بشكل لافت حيث يتم في بعض الأحيان إزالة الأسفلت عن بعض الطرق على أساس إصلاحها وصيانتها ثم تركها على هذا الحال دون إصلاح لفترات طويلة”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى