أخبار الرافدين
تقارير الرافدينطوفان الأقصى: القضية الفلسطينية في الواجهة الدوليةعربية

عنصرية الاحتلال تحول “مسجد الخالدي” قلب غزة النابض بالروحانيات إلى ركام

إسماعيل الثوابتة: دمر جيش الاحتلال خلال حرب الإبادة الجماعية على غزة 183 مسجدًا بشكل كلي، و264 مسجدًا بشكل جزئي، إضافة إلى استهداف ثلاث كنائس.

غزة- لم تنج دور العبادة التي يحتضنها قطاع غزة من آلة الحرب الإسرائيلية التي طالت العشرات منها منذ السابع من تشرين الأول 2023، فأحالتها إلى أكوام من الركام والرماد.
بعض دور العبادة كمسجد الخالدي، الذي يقع شمال غرب مدينة غزة، شكّل أحد أبرز وأحدث معالم المدينة الدينية، كما كان مزارا للمصلين في كافة الأوقات خاصة مع حلول شهر رمضان.
تصميمه العمراني المستوحى من العمارة العثمانية وإطلالته على البحر الأبيض المتوسط، شكلا عاملا جذب للمصلين خاصة في أوقات الصيف وارتفاع درجات الحرارة، وذلك قبل اندلاع الحرب.
ورغم أن جيش الاحتلال “الإسرائيلي” استهدف هذا المسجد في ثاني أسابيع الحرب بشكل جزئي، إلا أنه أعاد استهدافه في وقت لاحق ليدمره بشكل كامل.
وكشف انسحاب قوات الاحتلال من بعض المناطق في الضواحي الشمالية الغربية لمحافظتي غزة وشمال القطاع، في الأول من شباط الجاري، لأول مرة منذ بدء عمليته البرية، عن حجم الدمار الذي طال المناطق السكنية والمعالم الدينية والبنى التحتية.
لم يتبق من هذا المسجد، الذي كان يعتبر معلمًا دينيًا مهما في غزة، إلا أكوام من الركام.
وبعد أن أطفأت آلة الحرب “الإسرائيلية” أضواء هذا المسجد وأسكتت أصوات المصلين، ودمرت كافة المعالم المحيطة به، لم يبق منه كشاهد إلا مئذنة واحدة “يتيمة” تشير إلى مكانه.
ويقول أحمد رضوان، أحد رواده السابقين، إن هذا المسجد لم يعد إلا “ذكرى” في أذهان المصلين؛ كما حدث مع بقية مساجد المدينة.
ويقع “مسجد الخالدي”، الذي تم بناؤه عام 2010، على شارع الرشيد الساحلي في منطقة الواحة شمال غرب مدينة غزة.
هذا المسجد، الذي قال مهندسون، إن تصميمه مستوحى من العهد العثماني، يضم “ساحة واسعة تستوعب ما يقرب من 500 مصلٍ، بالإضافة إلى ساحة خارجية تستوعب 500 آخرين”.
وقبل تدميره، كان يبرز من المسجد مئذنتين متألقتين بارتفاعهما، وقبة ضخمة تضفي جمالا على المكان.
أما نوافذه فقد تم توزيعها بشكل مناسب للسماح بدخول هواء البحر المنعش للمصلين، فيما تم تغطية أرضيته بالسجاد الأحمر، قبل إحالته لركام.
مئات المصلين كانوا يتوجهون من أماكن بعيدة وصولا إلى هذا الجامع، كونه يعكس “أجواء روحانية”، كانوا يصفونها بـ”المميزة”.
فيما كانت أعداد المرتادين ترتفع خاصة مع حلول شهر رمضان، حيث كانت ساحته الداخلية تمتلئ بالأطفال والرجال سواء في ساعات النهار أو المساء.
ففي النهار، كانت فئات الأطفال والمهتمين بتلاوة القرآن يتوجهون للمسجد لقراءة القرآن والمشاركة في الدروس التعليمية والدينية.

مسجد الخالدي قبل تدميره: استهداف المساجد يعبر عن حالة الإفلاس والعجز التي وصل لها جيش الاحتلال، وكذلك الحقد وكراهية الأديان الأخرى وإلغاء مفاهيم التسامح والتقارب التي لا يؤمن بها هذا الاحتلال المجرم

فيما كانت ساعات المساء تتميز بأجواء خاصة حيث يتجمع المعتكفون، خاصة في العشرة الأواخر من هذا الشهر، لقراءة القرآن وأداء صلاة قيام الليل.
ويقول الشاب الفلسطيني يوسف الحلبي، “كان مسجد الخالدي المكان الذي كنت أتوجه إليه لأداء الصلوات دائما، خاصة في شهر رمضان، حيث كان يجمعني بأصدقائي من مدينة رفح جنوب القطاع لنعتكف فيه”.
وأضاف “كانت الأجواء داخل المسجد روحانية، وكان صوت الأذان عندما يُنادى إلى الصلاة جميلًا”.
ولفت إلى أن “الاحتلال دمر كل شيء جميل في غزة حتى المساجد لم تسلم من بطشه”.
وتابع “الاحتلال يسعى لنشر الفساد في الأرض، بينما تُعتبر المساجد مراكز للتعليم والعبادة، وهو لا يرغب في أن ينشأ من بين أبناء غزة علماء”.
مسجد الخالدي ليس دار العبادة الوحيد الذي طاله التدمير الإسرائيلي، بل لحقت الأضرار بعشرات المساجد في قطاع غزة، من بينهم المسجد العمري الكبير الواقع شرق مدينة غزة، والذي يعتبر أكبر وأقدم جوامع القطاع.
وبحسب إحصائية للمكتب الإعلامي الحكومي في القطاع، نشرها السبت، فإن “إسرائيل” دمرت منذ السابع من تشرين الأول الماضي 447 مسجدا، و3 كنائس.
وقال مدير عام المكتب الحكومي بغزة، إسماعيل الثوابتة: دمر جيش الاحتلال خلال حرب الإبادة الجماعية على غزة 183 مسجدًا بشكل كلي، و264 مسجدًا بشكل جزئي، إضافة إلى استهداف 3 كنائس”.
وأضاف “لقد كان تدمير هذه المساجد من خلال إلقاء صواريخ وقنابل عليها يزن بعضها ألفي رطل من المتفجرات، مما أدى إلى تدميرها بشكل مباشر وعنيف، بما يدل على حقد وإجرام الاحتلال الإسرائيلي”.
وتابع “هذه ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها الاحتلال الإسرائيلي المساجد بالقصف والتدمير، لكنها الأعنف”.
ولفت إلى أن “جريمة الاحتلال باستهداف وهدم المساجد وكذلك الكنائس أخفى صوت الأذان من عشرات الأحياء المنتشرة في الأوقاف، وأوقف طرق أجراس الكنائس أيضاً”.
واعتبر أن “عملية استهداف المساجد يعبر عن حالة الإفلاس والعجز التي وصل لها جيش الاحتلال، وكذلك الحقد وكراهية الأديان الأخرى وإلغاء مفاهيم التسامح والتقارب التي لا يؤمن بها هذا الاحتلال المجرم”.
ومنذ 125 يومًا يشن جيش الاحتلال “الإسرائيلي” حربًا مدمرة على قطاع غزة والتي خلفت حتى أحدث حصيلة منشورة الأربعاء 27 ألفا و708 شهداء و67 ألفا و147 مصابا، معظمهم أطفال ونساء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى