حكومة السوداني تسمح باختراق خط الترانزيت الإيراني التجاري للأراضي العراقية
إيران تستفيد من الجغرافيا العراقية للوصول لموانئ شرق البحر المتوسط وتوسيع أسواقها، في حين أن العراق لن يكون أكثر من معبر لإيران مقابل رسوم عبور لتغطية الكلف لا أكثر.
بغداد- الرافدين
منحت حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني إيران طريقًا تجاريًا على حساب المصلحة الاقتصادية الوطنية العراقية، عندما وافقت بشكل رسمي على اختراق خط الترانزيت الإيراني التجاري للأراضي العراقية باتجاه سوريا ودول أخرى.
ويمنح هذا الخط إيران مزايا اقتصادية كبيرة من دون أن يدر أي فائدة اقتصادية على العراق بسبب ضعف الصادرات العراقية.
وتتزامن موافقة حكومة الإطار التنسيقي على اختراق خط الترانزيت الإيراني التجاري للأراضي العراقية، مع إعلان مدير عام جمارك محافظة كرمنشاه الإيرانية، علي أصغر عباس زاده، نمو مرور البضائع الإيرانية نحو العراق بنسبة 55 بالمائة، مؤكدًا تصدير بضائع بقيمة 642 مليون دولار بوزن 1.409 ألف طن من جمارك سومار الحدودية مع العراق خلال الأشهر القريبة الماضية، من دون أن يصدر العراق إلى إيران أي بضاعة مقابلة.
وحذر مراقبون اقتصاديون وسياسيون من مغبة الخضوع للمخطط الاقتصادي الإيراني عبر اتفاق الترانزيت الذي يلحق الضرر بالعراق بينما تكون إيران المستفيدة الوحيدة منه.
وقالوا إن السلطات الإيرانية استدرجت الجانب العراقي طوال الفترة الماضية للتمهيد لاتفاق الترانزيت بدءًا من قبول الربط السككي مع البصرة لنقل المسافرين، ودخول الشركات الإيرانية للمساهمة في إنشاء مسارات النقل، والقبول بالدفع بالعملات المحلية الإيرانية.
وكان المرشد الإيراني علي خامنئي قد دفع خلال زيارة السوداني إلى طهران نهاية العام 2022 إلى المزيد من “مذكرات التفاهم والتعاون بين إيران والعراق” في إشارة لربط السيادة والاقتصاد العراقي بإيران.
وقال “في الفترات السابقة جرت مفاوضات وتفاهمات جيدة لكنها لم تصل إلى مرحلة العمل. لذلك علينا أن نتحرك نحو العمل فيما يتعلق بجميع الاتفاقات، وخاصة في مجال التعاون الاقتصادي وتبادل البضائع والسكك الحديدية”.
ويجمع اقتصاديون على أن إيران ستستفيد من الجغرافيا العراقية وستوسع قدرتها للوصول لموانئ شرق البحر المتوسط وتوسيع أسواقها وتطوير صناعاتها في حين أن العراق لن يكون أكثر من معبر لإيران مقابل رسوم عبور لتغطية الكلف لا أكثر.
وسيثير اتفاق اختراق خط الترانزيت الإيراني التجاري للأراضي العراقية، المجتمع الدولي، وسيتم تفسيره على أنه وسيلة لدعم دوله معاقبة من خلال فتح مجال لحركة الأموال والسلاح والعناصر المطلوبة من الميليشيات المرتبطة بالحرس الإيراني.
وحذر الخبير الاقتصادي العراقي زياد الهاشمي من ضرر اتفاق الترانزيت مع إيران بسبب عدم تكافؤ الفرص، مؤكدًا على أن العراق يتكبد مخاطر وخسائر اقتصادية وفنية واجتماعية، مقابل مكاسب ضخمة ستحققها إيران من هذا الاتفاق.
وقال إن ربط الترانزيت سيسمح لإيران تقديم خدمة نقل أسرع من موانئها الجنوبية نحو الأسواق العراقية، مما يؤدي لتحول نسبة كبيرة من التجار للاستيراد من خلال إيران الأمر الذي سيجعل من الموانئ العراقية ضحية لهذا الربط.
وأضاف الهاشمي أن إيران ستخترق السوق العراقية بصادراتها الصناعية، عكس العراق المعتمد على الاستيراد والاستهلاك، وهذا الربط سيؤدي لزيادة اختراق السوق العراقية بسلع إيرانية رخيصة، دون ان يكون للعراق صناعات موازية قابله للتصدير لإيران ولغيرها من دول.
وحذر من زيادة وصول المنتج الايراني الرخيص الذي سيقطع الطريق على الصناعات الوطنية العراقية.
فيما اعتبر الباحث السياسي بلال وهاب النفوذ الإيراني داخل حكومة الإطار التنسيقي، يُبقي العراق متعلقًا بواردات الكهرباء والغاز باهظة الثمن من إيران. وهناك عائق آخر يتمثل في الأمن الغذائي للعراق، الذي يعتمد أيضًا على الواردات من إيران.
وكان تقرير لمعهد واشنطن قد ذكر أن حكومة السوداني تعود إلى مسار حكومة عادل عبد المهدي، في الولاء التام لإيران.
وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، إن السوداني وحكومته تعمل على جعل العراق أقرب إلى إيران وسط رفض شعبي لنفوذها وللفساد المستشري في البلاد.
ولا يكتفي مشروع إطلالة إيران على المتوسط عبر العراق، بضرره الاقتصادي في تهميش ميناء الفاو الكبير، وإنما سيحول العراق برمته إلى أشبه بمحافظة إيرانية، وممر ينهي مفهوم السيادة العراقية.
ونقلت صحيفة “الأوبزرفر” البريطانية عن مسؤولين أوروبيين تأكيدهم على أن الإيرانيين يفخرون بإنجازاتهم ويعملون لتأمين ما تبقى من الطريق المؤدي إلى البحر الأبيض المتوسط.
ومن شأن الربط السككي أن يمنح إيران القدرة على نقل وحداتها العسكرية وإمداداتها بين طهران وسواحل البحر الأبيض المتوسط في حال تمكنت طهران من ذلك، ما يعني مزيدًا من الهيمنة الإيرانية على العراق وبلاد الشام.
يأتي ذلك بعد أن أعترف مسؤولون إيرانيون بأن الربط السككي ما بين البصرة والشلامجة سيؤدي إلى إكمال الحلقة المفقودة في مشروع إطلاله إيران على البحر المتوسط عبر سوريا ولبنان.
وأكد تقرير لصحيفة “فايننشال تريبيون” الإيرانية التي تصدر بالإنجليزية على الأهمية السياسية لمشروع الربط أكثر من القيمة الاقتصادية التي ستجنيها إيران.
وأوضح التقرير أن العراق سيتحمل الكلفة الأكبر في بناء المشروع الذي سيتطلب 18 شهرًا من العمل قبل افتتاحه.
وخصص العراق 230 مليون دولار كخطوة أولى، لتنفيذ مشروع خط السكك الحديد البصرة- شلامجة الذي تم الاتفاق مع إيران على الشروع به.
وشدد المسؤولون الإيرانيون على أن استكمال خط السكة الحديدية سيخلق ممر عبور بين الشرق والغرب إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط، ويمر عبر العراق إلى سوريا وصولًا إلى ميناء اللاذقية.