الاتجار بالبشر.. ظاهرة تتفاقم في العراق بالجهل والفقر والبطالة والإهمال الحكومي!!
حكومة الإطار التنسيقي تستمر بتجاهلها تفاقم ظاهرة الاتجار بالبشر في البلاد مع تزايد ملحوظ في الجرائم نتيجة الانفلات الأمني وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.
بغداد – الرافدين
تسجل ظاهرة الاتجار بالبشر في العراق تزايدًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة مع ارتفاع نسب الفقر والبطالة وانتشار عصابات الجريمة المنظمة، وسط تجاهل حكومة الإطار التنسيقي التحذيرات من خطر تنامي هذه الظاهرة.
وتشهد البلاد وقائع شبه يومية لأشكال مختلفة من عمليات الاتجار كان آخرها محاولة رجل بالاشتراك مع طليقته بيع طفلتهما في محافظة النجف مقابل مبلغ مالي لا يتجاوز 15 مليون دينار عراقي، أي ما يعادل 10 آلاف دولار.
ولا توجد إحصاءات دقيقة عن أعداد حالات بيع الأطفال والاتجار بهم في العراق، لأن ما يتم الإعلان عنه قليل جدا مقارنة بالحالات التي لا تتمكن أجهزة الأمن من معرفتها.
وتستغل عصابات الجريمة المنظمة فئات معينة من الناس الذين يعانون من مشاكل اجتماعية أو صحية أو مادية لإنجاز أعمال شاذة ومحرمة، مثل الدعارة أو التسول أو تهريب الممنوعات.
وقالت الناشطة المدنية، التي تعمل على مكافحة الاتجار بالبشر نهى السماوي، إن “الحالات التي كانت تصدم المجتمع العراقي بشأن بيع الأطفال والمراهقات، باتت طبيعية بالنسبة لنا، لأنها في زيادة مستمرة، وتخضع لآليات منظمة تستفيد منها في النهاية جهات متنفذة وعصابات جريمة منظمة مبينة أن القانون العراقي ضعيف في ملاحقة حالات كثيرة تقع”.
وأضافت، أن “الاتجار بالبشر موجود في عموم مناطق العراق، لكنها تزداد في محافظات الجنوب بسبب هشاشة الوضع الأمني وانفلات السلاح وتفشي المال الفاسد”.
وأكدت أن “كثيرا من الحالات التي يتم الإعلان عنها عبر الإعلام الرسمي للمؤسسات القضائية والأمنية، تأتي من البائعين أو المتاجرين أصلا بسبب الإحساس بالذنب، ما يعني أن الجهود الأمنية والاستخباراتية ليست كما يروج لها، فإنها أضعف من المعلن عنه، وأن منظمات المجتمع المدني والناشطين في هذا الملف يعملون بصمت وقد منعوا عشرات الحالات خلال الأشهر الماضية”.
وأخذت عمليات الاتجار بالبشر في العراق أشكالاً مختلفة تبدأ باستغلال العصابات للأطفال والنساء في التسول وصولاً إلى بيعهم وسرقة أعضائهم، ولا يقتصر الاتجار بالبشر على النساء والأطفال، بل يصل للشباب والعمال الأجانب الذين يقعون في أيدي شبكات عصابات الاتجار بالبشر.
وسبق أن بينت منظمة “المصير” العراقية، توثيقها ارتفاعا صادما في أعداد جرائم الاتجار بالبشر التي يقع ضحيتها النساء والأطفال، معتبرة أن الأسباب المباشرة ترجع إلى زيادة نسب الفقر والبطالة، وتصاعد قوة عصابات الجريمة المنظمة، وزيادة عمليات بيع الأعضاء عالمياً، فضلاً عن تفشي الاستغلال الجنسي والتسول والإكراه على العمل.
وكشفت تقارير دولية بأن السلطات الحكومية في العراق لا تلبي بشكل كامل الحد الأدنى من معايير القضاء على الاتجار بالبشر، ولم تظهر الحكومة زيادة في الجهود لتوسيع قدرتها على مكافحة الاتجار بالبشر، واستمرار قصور الإجراءات وفهم بعض المسؤولين المحدود لمسألة الاتجار، في منع بعض الضحايا من الحصول على خدمات الحماية.
وأوضحت التقارير أن “المتاجرين بالبشر يستغلون الضحايا المحليين والأجانب في العراق وأدى انعدام الأمن إلى زيادة تعرض السكان للاتجار بالبشر؛ ويواجه والنازحون خطرًا متزايدًا للعمل القسري والاتجار، واستمرت العصابات الإجرامية في إجبار الأطفال على التسول وبيع ونقل المخدرات والأسلحة.
وكان المرصد العراقي لضحايا الاتجار بالبشر قد أكد، أن “الأطفال دون السادسة عشرة يشكلون ثلثي الضحايا، كما توجد شبكات للاتجار بالبشر تستدرج ضحاياها من خلال صفحات وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي، وأن شخصيات حكومية متورطة في هذه الشبكات توقع ضحاياها من خلال نفوذها في المؤسسات الأمنية”.
وأكد العضو السابق بمفوضية حقوق الإنسان أنس العزاوي، أن بيع الأطفال والاتجار بهم في تزايد مضطرد في العراق مع انتشار شبكات الجريمة المنظمة في المحافظات.
وقال العزاوي، إن هناك مؤشرات على وجود نحو مليون طفل منخرطين في سوق العمل ويجري استغلال جزء منهم في الاتجار بالبشر مشيرًا إلى أن الاتجار بالبشر ليست مختصرة على جغرافية محددة في العراق، مبينًا أن الطابع الاقتصادي ونسب الفقر هي من تؤشر على وجودها وارتفاعها.
واتهم غياب أي تشريع حكومي يحمي الفئات الهشة ومنهم الأطفال رغم توقيع العراق على اتفاقية حماية الطفل عام 1989.
ويقول مختصون إن اتساع ظاهرة الاتجار بالبشر في العراق هي نتيجة لتزايد الفقر واتساع مساحة البطالة والجهل وضعف الأمن وغياب القانون والرقابة، فضلا عن تحكم الميليشيات التي تقوم بدعم الشبكات الإجرامية والانتفاع منها ماديا، محملين الحكومة في العراق مسؤولية تفاقم الظاهرة، جراء تقصيرها وتهاونها في إدارة هذا الملف الخطير.