مسؤول في حزب الله اللبناني يعيد ترتيب “إيقاع” الميليشيات في العراق
قيادي في حزب الله اللبناني يعبر عن خشيته من أن يتحول التصعيد ضد القوات الأمريكية، إلى تهديد ما أسماه بـ "حكم المذهب" في العراق، مطالبًا الميليشيات الولائية بالحفاظ على حكومة محمد شياع السوداني.
بغداد- الرافدين
تلقت الميليشيات الولائية المنضوية في الحشد الشعبي رسالة إيرانية واضحة بعدم رفع منسوب التصعيد مع القوات الأمريكية.
وتداولت مصادر إعلامية عراقية تقارير عن تواجد مسؤول في حزب الله اللبناني في بغداد منذ أيام لترتيب “إيقاع” خطاب وسلوك الميليشيات بعد الغارات الأمريكية التي قتلت قياديًا في ميليشيا حزب الله في العاصمة بغداد.
وكانت القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) قد أعلنت مساء الأربعاء الماضي، تنفيذ قواتها ضربة في العراق أدت إلى مقتل أبو باقر الساعدي القيادي في ميليشيا حزب الله المنضوية في الحشد الشعبي، قالت إنه مسؤول عن التخطيط والمشاركة بشكل مباشر في الهجمات على القوات الأمريكية بالمنطقة.
وجاءت الضربة الأمريكية بعد أربعة أيام من شن واشنطن هجمات داخل العراق، ردا على مقتل 3 من جنودها وإصابة 40 آخرين أواخر كانون الثاني الماضي، في هجوم بطائرة مسيرة على قاعدة شمال شرق الأردن قرب الحدود مع سوريا.
ويواصل المسؤول في حزب الله اللبناني اجتماعات مع قادة الميليشيات منذ أيام ما بين بغداد والسليمانية التي انتقل إليها بعض زعماء الحشد، بعد تحذيرات من أن القوات الأمريكية ترصد عناصر الميليشيات المطلوبة، الأمر الذي دفعهم إلى اختيار أسلوب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في التخفي.
وعبر المسؤول اللبناني عن خشيته من أن يتحول التصعيد ضد القوات الأمريكية، إلى تهديد ما أسماه “حكم المذهب” في العراق، مطالبًا بالحفاظ على حكومة محمد شياع السوداني من أجل وحدة الطائفة واستمرار حكمها للعراق.
وذكر المسؤول اللبناني بأن تصريحات كافة المسؤولين الإيرانية واضحة وأنها لا تريد أي حرب مع القوات الأمريكية في المنطقة والخروج عن قواعد الاشتباك المتفق عليها.
وشدد على أن الوقت غير ملائم لهذه الحرب التي تضر باستراتيجية الصبر على “الشيطان الأكبر” التي أعلنها المرشد الإيراني علي خامنئي.
وقال إن إيران تلقت رسالة واضحة من واشنطن، تؤكد أنها لن تتردد في ضرب عناصر الميليشيات بعد مقتل جنودها الثلاث على الحدود السورية الأردنية.
ويأتي كلام القيادي في حزب الله اللبناني بعد أيام من زيارة مماثلة قام بها رئيس فيلق القدس الإيراني إسماعيل قآآني إلى بغداد قدم بعدها تقريراً لخامنئي، اعتبر فيه أنه إذا استمرت إيران في كبح أذرعها الولائية على أساس “الصبر الاستراتيجي”، فمن الممكن جداً أن تخرج الأمور عن سيطرتها، لأن قسمًا من الميليشيات الولائية بدأ يتذمر “سراً وعلناً” من هذه السياسة.
وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان قد أدى زيارة إلى لبنان وسوريا التقى خلالها الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله والرئيس السوري بشار الأسد، تهدف إلى الطلب من زعماء الميلشيات الولائية الاستمرار والالتزام بسياسة “الصبر الاستراتيجي” والتأكد من أنهم يستمرون بالعمل في إطار التنسيق المشترك.
وذكرت مصادر إعلامية عربية بأن عبد اللهيان جمع آراء ما أسماه بـ “قادة جبهة المقاومة” حول المرحلة المقبلة لرفعها إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، الذي أرسل عبداللهيان بهذه المهمة على ضوء خلافات شديدة داخل المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني وأجهزة القرار الإيرانية حول الخطوة التي يجب اتخاذها تجاه الهجمات الأمريكية، بعد مقتل زعماء ميليشيات وعسكريين إيرانيين في العراق ولبنان وسوريا.
ويواجه الحرس الثوري الإيراني واحدة من أكثر الفترات صعوبة في سوريا منذ وصوله إلى هناك قبل عقد لدعم قوات الأسد في قمع الثورة السورية.
فقد قتلت الغارات منذ كانون الأول أكثر من ستة أعضاء في الحرس الإيراني، من بينهم أحد كبار قادة الاستخبارات بالحرس.
وظهر واضحًا التراجع في خطاب الميليشيات المنضوية في الحشد الشعبي، كما فشلت جلسة مجلس النواب العراقي لمناقشة موضوع مغادرة القوات الأمريكية في العراق.
ولوحظ غياب غالبية الأعضاء الممثلين لأحزاب وميليشيات الإطار التنسيقي عن الجلسة، الأمر الذي يعزوه مراقبون إلى التعليمات الإيرانية الواضحة بعدم التصعيد.
وعزا مصدر إعلامي في مجلس النواب مقاطعة أحزاب الإطار التنسيقي للجلسة إلى أن مقتل الساعدي، دفع الحشد الشعبي إلى وضع “استراتيجية لتأمين قياداته، لأجل إفشال محاولات الاغتيال”.
وتهدف التهدئة الميليشياوية أيضا تجنب ضربات جديدة قد تقدم عليها واشنطن.
ومنذ عملية اغتيال الساعدي أحد عناصر ميليشيا حزب الله في العراق، مساء الأربعاء، لم تُسجل أي هجمات من قبل الميليشيات.
في غضون ذلك يتواصل تحليق مكثف للطيران الأمريكي المُسير لأغراض المراقبة في أجواء العاصمة العراقية بغداد وأربيل والأنبار، دون أن تُعلق الحكومة أو القوات الأمنية على هذا الطيران الذي يحلق على علو متوسط منذ أيام.
وكان وزير الخارجية في حكومة الإطار التنسيقي، فؤاد حسين قد أكد تلقي الفصائل المسلحة في العراق وطهران رسالة أمريكية حول التوجه نحو التصعيد حال استمرار هجماتهم، مؤكدا أن “الفصائل تواجه الآن تحديات، وكثير من الزعماء السياسيين، يتحدثون عن هذا الأمر”.
وأكد في حوار مع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي فارسي” وصول رسالة أمريكية مفادها أنه “إذا استمروا، فسيأخذون هذا البلد إلى حرب في حين أن هذه الحرب ليست حربنا وهذه الرسالة وصلت أيضا إلى طهران”.
وقال الباحث في معهد “تشاتهام هاوس” البريطاني ريناد منصور إن قوات الحشد الشعبي هي في الواقع ذراع تابع للحكومة في العراق، “وانهم يعتبرون أنفسهم يحمون الدولة”، سواء من خلال محاربة داعش، أو من خلال قمع المتظاهرين المناهضين للحكومة.
وأضاف بينما تتصاعد التوترات، “فانه لا يوجد أي طرف يريد واقعيًا حدوث مواجهة شاملة، أو الحرب المباشرة، في العراق أو إيران”.
إلا أن الكاتب السياسي العراقي مصطفى سالم يرى أن واشنطن ترى في حكومة العراق عصابة تعمل على تسويق سلطة الميليشيات، وهي ليست بحجم يستحق أن تناقش معها العلاقة بين وجود القوات الأمريكية والترتيبات في المنطقة، لكن الولايات المتحدة تمدد جريمتها في غزو 2003 عندما لا تفرض حل الميليشيات وحشد خامنئي قبل تقليص وجودها والانسحاب.
وكتب سالم “الضربات الأمريكية لم تخلق واقعًا سياسيًا جديدًا في العراق لكن طهران على الأرض تستثمرها وتعزز نفوذها وكأنها تتجهز للحرب فيه”.
وأضاف “حكومة الإطار سلمت إيران إدارة الأزمة مع واشنطن، التي لا تريد التضحية بالنظام، وتصر في الوقت نفسه على معالجة نفوذ طهران في بغداد بالاعتماد على عملاء إيران”.