أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

الإهمال الحكومي واللصوص وتغيرات المناخ تهدد آثار العراق بالاندثار

غياب عمليات التنقيب والفرق الاستكشافية، وعدم توفير حماية للمواقع الأثرية جعلت العراق بمراتب متأخرة في قائمة الدول المسجلة في قائمة اليونسكو.

بغداد – الرافدين

أقرّت وزارة الثقافة في حكومة الإطار التنسيقي، بأنّ 90 بالمائة من المواقع الأثرية في البلاد لم يتم اكتشافها إلى الآن، في ظل غياب عمليات التنقيب والفرق الاستكشافية، وعدم توفير حماية لتلك المواقع.
وأكدت الوزارة وجود 15 ألف موقع أثري في عموم مناطق العراق وهي لا تمثل سوى 10 بالمائة مما يمتلكه البلد من مواقع أثرية.
وأضافت أن الأزمات المناخية والعواصف الترابية التي تضرب البلاد تسببت في تآكل بعضها، كما أن عدم تفعيل دور دوائر الآثار في حماية المواقع الأثرية، تحوّلت العديد منها إلى مكبٍ للنفايات، ومراعٍ للحيوانات.
وعلى الرغم من وجود المواقع الأثرية الكثيرة الموجودة في العراق إلا أن الإحصائيات الأخيرة كشفت أن البلد يقع بالمرتبة 65 من أصل 168 دولة، في قائمة الدول الأكثر امتلاكًا للمواقع التراثية المسجلة في قائمة اليونسكو، وهي مرتبة يمكن وصفها بالمتأخرة، نظرًا للإرث الغني الذي يمتلكه البلد.
وبلغ عدد المواقع العراقية المسجلة في قائمة اليونسكو للتراث 6 مواقع فقط، في الوقت الذي يمتلك العراق 150 ألف موقعًا أثريًا بحسب هيئة السياحة والآثار.

عمليات نبش تتعرض له الآثار من قبل اللصوص والعابثين

ويشير مختصون بالآثار إلى أن 6 بالمائة فقط من المواقع في محافظة واحدة محمية أمنيًا، بينما البقية مهملة وبعيدة عن أعين الحراسة، ما جعلها عرضة للسرقة والتخريب والاندثار بفعل عوامل الطبيعة، والإزالة تارة أخرى تحت عناوين مختلفة.
وتصاعدت أعمال نهب الآثار في البلاد منذ العام 2003، حيث تتعرض المواقع السياحية والأثرية إلى عملية نهب ممنهجة، وعمليات حفر غير شرعية تقوم بها مافيا الآثار بحماية الميليشيات.

الدكتور علي النشمي: يوجد في العراق نحو مئتي ألف تل أثري لا رقيب ولا حسيب عليها

وكشفت تقارير سابقة تورّط مسؤولين حكوميين في سرقة الآثار وتهريبها، عن طريق مافيا تهريب الآثار التي تعد واحدة من أقوى لوبيات الفساد في العراق.
ووفق الصحفي كرم نعمة لا تكتفي عملية تهريب الآثار بلصوصية البحث عن الأموال، بل متعلقة بهدف سياسي شرير لمحو هوية العراقيين وذاكرتهم الجماعية وتقديمهم مجرد شعب منقسم على نفسه يعلي من شأن الطوائف والقوميات ويحطّم ثروته الأثرية، أكثر من كونه ساهم في بناء الحضارة الإنسانية.
ويؤكد أستاذ التاريخ القديم في الجامعة المستنصرية الدكتور علي النشمي على أن “كل الآثار العراقية مستهدفة، لأن أرض العراق بكر لحد الآن، في ظل وجود نحو مئتي ألف تل أثري لا رقيب ولا حسيب عليها”.
وقال “يوجد حاليًا نحو 13 ألف تل أثري لدى مديرية السياحة والآثار، إلا أن هذه الآثار مهملة ودون حراسة مما شجع السراق ومافيات الآثار على استباحتها ونبشها”.
وكانت تقارير صحفية قد كشفت عن عمليات نبش وتخريب كبيرة تعرضت لها مقبرة (أم خشم) الواقعة في ناحية الحيرة في محافظة النجف، والتي تعد أقدم مقبرة للمسيحيين في العالم وثاني أكبر مقبرة بعد مقبرة الفاتيكان.
وتعد المقبرة المكتشفة عام 1986 ثاني أقدم مقبرة مسيحية في العالم بعد مقبرة الفاتيكان حيث يبلغ عمرها أكثر من 2000 عام بمساحة تبلغ أكثر من 1400 دونم .
وتتعرض المقبرة لإهمال حكومي واضح على الرغم من تأكيد خبراء في الآثار أنها تحوي على الكثير من الكنوز والآثار التي قد تدل إلى اكتشاف مدن أثرية.
ويشير مختصون إلى قلة الدعم الحكومي وعدم تخصيص موارد كافية لقطاع الآثار ساهم باندثار وإهمال أغلب المواقع الأثرية في العراق.

التجاوزات تسببت بتخريب عدد كبير من المواقع الأثرية

ويؤكد المنقب الأثري عامر عبد الرزاق على أن العراق “يتربع على أرض هائلة من المواقع الأثرية، لكن هذه المواقع بحاجة إلى اهتمام الحكومة المركزية وتخصيص موارد مالية لوزارة الثقافة والسياحة والآثار من أجل النهوض بهذا القطاع.
وأضاف “أن هذه المواقع ما زالت بحاجة إلى حماية مشددة”. منوهًا إلى أن “محافظة ذي قار بجنوب العراق تحوي ما يقرب من 1200 موقع أثري يتطلب حراسة وميزانية كبيرة”.
ويستطرد “آثار العراق لم تحظ باهتمام من الحكومات المتعاقبة، سواء على صعيد التنقيب والحمايات والصيانة وغيرها، على الرغم من أن هذه المواقع تعد موردًا اقتصاديًا كبيرًا إذا ما تم استثماره بشكل صحيح”.
وتهدد أزمة الجفاف التي تتفاقم بالعراق منذ سنوات باندثار المواقع الأثرية في البلاد.
وأفادت تقارير صحفية، بأن أزمة الجفاف زادت من التحديات المناخية فيه؛ وتهدد باندثار المواقع الأثرية والإرث الحضاري والتاريخي للبلاد في ظل الإهمال الحكومي لها.
وأوضحت التقارير، أنّ التأثيرات الكبيرة لموجات الحر والجفاف والعواصف الرملية المتزايدة؛ باتت تلحق أضرارًا لا يمكن معالجتها في بعض المواقع الأثرية في البلاد، مشيرة إلى أن الرمال المتحركة ستغطي خلال السنوات المقبلة ما بين (80 بالمائة إلى 90 بالمائة) منها.
ونقلت التقارير عن خبراء في علم الآثار، أن الرياح التي تهب في الوقت الحالي تكون مليئة بكميات من الغبار والشوائب، والتي تؤدي إلى تآكل المباني الأثرية، وذلك نتيجة زوال الغطاء النباتي.
ويقول الباحث الأثري فلاح الجباري إن “المواقع الأثرية مهملة وبعيدة عن أعين الحراسة الأمنية، ما جعلها عرضة للسرقة والتخريب والاندثار بفعل عوامل الطبيعة”، مشيرًا إلى أن “ذلك يحدث في الشتاء خصوصا وفي أثناء هطول الأمطار التي تتسبب في انهيار هذه المواقع أو تأثرها بعوامل التعرية”.
ويلاحظ الجباري أن “مواقع بابل الأثرية فقط هي التي بقيت موضع اهتمام وتركيز من ناحية الحماية ووضع الأسوار الأمنية الخارجية فيما تُركت المواقع الأخرى بلا حماية رغم أنها لا تقل أهمية عن الأولى، الأمر الذي عرضها ولا يزال للاندثار والسرقة بفعل عوامل الطبيعة والتجاوزات”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى