مصارف عراقية تعيش على وقع ترقب عقوبات جديدة من الخزانة الأمريكية
الإجراءات التي أعلنت عنها حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني لم تفلح في تقريب سعر صرف الدولار من السعر الرسمي، ولم تسهم في حل الأزمة والقضاء على عمليات تهريب العملة إلى الخارج.
بغداد – الرافدين
كشفت تصريحات اللجنة المالية في مجلس النواب الحالي بأن مصارف خاصة في العراق قد تُدرج ضمن عقوبات جديدة من وزارة الخزانة الأمريكية بسبب استمرار عمليات تهريب الدولار إلى إيران دون أن يتخذ البنك المركزي العراقي إجراءات للحد من هذه العمليات.
وكانت عضو اللجنة المالية في البرلمان الحالي، إخلاص الدليمي، قد رجحت بعد لقائها بالملحق الاقتصادي في السفارة الأمريكية في بغداد إدراج مصارف عراقية جديدة على لائحة العقوبات ما لم يقم البنك المركزي العراقي بإيجاد حلول لها.
ونقلت الدليمي عن الملحق الاقتصادي في السفارة الأمريكية، من دون أن تذكر اسمه، قوله: “إن أغلب المصارف قامت بتحويل مبالغ كبيرة من الدولار إلى إيران والحرس الثوري الإيراني، وهذا كان سبب تجميدها وإيقافها عن العمل”.
ويشهد الاقتصاد العراقي صدمات متتالية من ارتفاع سعر صرف الدولار في الأسواق المحلية، إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية، وغسل الأموال، وتهريب العملة إلى الخارج لتمويل أنشطة إيران وميليشياتها في المنطقة.
وتثير التصريحات الأخيرة موجة قلق جديدة لدى العراقيين، لا سيما أن وزارة الخزانة الأمريكية فرضت الأربعاء عقوبات على شخصيات وكيانات تابعة للبنك المركزي الإيراني الذي يقدم الدعم المالي لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وأن ميليشيا حزب الله اللبنانية أيضا مشمولة بالعقوبات.
ويتخوف العراقيون من إمكانية إدراج بنوك محلية بعقوبات جديدة، خاصة وأن معظم المصارف الخاصة تتبع أحزابًا وميليشيات موالية لإيران، وتساهم في شراء الدولار من المصرف المركزي أو من السوق السوداء، لتحويله إلى إيران.
ويتمثل خوف العراقيين في أن جميع الإجراءات الحكومية التي أعلنت عنها حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني لم تفلح في تقريب سعر الصرف الموازي من السعر الرسمي، ولم تسهم في حل الأزمة والقضاء على عمليات تهريب العملة إلى الخارج.
وعلى الرغم من منع ثمانية بنوك تجارية محلية مؤخرًا من التعامل بالدولار، فضلًا عن منع 14 مصرفًا محليًا العام الماضي، في إطار الإجراءات المتخذة للحد من عمليات الاحتيال وغسل الأموال القذرة وغير ذلك من الاستخدامات غير المشروعة للعملة الأمريكية، تستمر معاناة العراقيين في الحصول على الدولار لتلبية احتياجاتهم الضرورية.
وتسببت العقوبات الأخيرة على مصارف وشركات في القطاع الخاص بضمنها شركة فلاي بغداد بتفاقم معاناة العراقيين خصوصًا المسافرين منهم، وأصحاب الأعمال التجارية ممن يعتمدون في أعمالهم على الدولار.
ويعزو مراقبون استمرار العقوبات الأمريكية على بنوك محلية وشخصيات وشركات لها ارتباطات بالميليشيات إلى غياب الدور الحكومي في اتخاذ إجراءات حقيقية للحد من عمليات تهريب الدولار وغسل الأموال، مشددين على أن العقوبات القادمة ربما ستكون هي الأقوى.
وكان البنك المركزي في العراق قد أكد استمراره بتلبية الطلبات المشروعة للدولار من المنافذ الرسمية المرخصة من قبلهِ عبر منصات الحجز الإلكترونية وبالسعر الرسمي (1320 دينارًا للدولار)، داعيًا المواطنين للإبلاغ عن حالات رفع سعر صرف الدولار في الأسواق.
يأتي ذلك بينما قالت لجنة النزاهة النيابية، إن المنصة الإلكترونية التي أطلقها البنك المركزي لبيع الدولار للمسافرين والشركات التجارية، تحولت إلى باب آخر للفساد واستنزاف العملة الأجنبية في العراق بشكل منظم.
وأكد عضو اللجنة النائب أحمد الربيعي، على أن اللجنة بدأت تحقيقًا حول منصة بيع الدولار للمسافرين لوجود شبهات فساد متسلسلة يتورط فيها البنك المركزي وشركات السياحة التي تحجز الرحلات، فضلًا عن المسافرين أنفسهم.
وتستغل شركات السفر والسياحة ومكاتب الصرافة المحلية منصة الحجز الإلكترونية للحصول على الدولار عبر مسافرين تختارهم لغرض الحصول على الدولار مقابل نسبة بسيطة.
كما يستغل مسافرون منصات الحجز الإلكترونية، للحصول على الدولار لأغراض شخصية، الأمر الذي يعيق استلام الدولار لمستحقيه من أصحاب الحالات المرضية العاجلة والتي تحتاج سفرًا إلى الخارج من أجل العلاج، أو الطلبة الذي يدرسون خارج العراق.
ويشكو مواطنون من سماسرة الحجز الإلكتروني وبيع الدولار حيث يضطر المسافر للحجز عن طريق أحد هؤلاء السماسرة مقابل مبلغ مادي من أجل الحصول على الدولار.
وقال والد أحد الطلبة: “إنه يضطر بشق الأنفس إلى الحجز عند سمسار من أجل الحصول على الدولار بالسعر الرسمي الذي حدده البنك المركزي، عبر أحد المصارف الحكومية، أو في شركات الصرافة”.
ويرى مراقبون أن هذه المشاكل المركبة تأتي بسبب تهاون الحكومة في ردع هذه المخالفات على الرغم من إعلان الحكومة المستمر عن القبض على عصابات تهريب الأموال وإغلاق بعض المكاتب ممن تبيع الدولار بسعر السوق الموازي، مؤكدين أن المواطن يذهب ضحية هذه المشاكل والأزمات.
وشدد المراقبون على أن البنك المركزي وحكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني شريكان في هذه الأزمات التي تثقل كاهل المواطن، حيث أنهم ملزمون بمعالجة هذه الأزمة، وتحقيق الأمن الاقتصادي، إلا أن غض النظر عن عمليات تهريب العملة سيزيد من تفاقم الأزمة على العراقيين
من جانبها، حذرت الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم من أن استمرار هذه الأزمة، سيؤدي إلى أن يتوجه البنك المركزي لطبع العملة الذي قد يعود بالبلاد إلى تسعينيات القرن الماضي خلال الحصار الدولي للعراق بين عامي 1991 و2003.