أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتشكيل الحكومة العراقية أزمات متعاقبةتقارير الرافدين

الميليشيات تذعن لتعليمات قائد فيلق القدس الإيراني بوقف الهجمات على القوات الأمريكية

إسماعيل قاآني جمع قادة ميليشيات الحشد الشعبي في اجتماع موسع داخل مطار بغداد معلنًا بأن سفك الدماء الأمريكية يخاطر برد أمريكي عنيف والانتقام المباشر من إيران.

بغداد – الرافدين
انصاعت الفصائل والميليشيات الولائية المنضوية في الحشد الشعبي لتعليمات صارمة من إسماعيل قاآني قائد فيلق القدس الإيراني، بإيقاف الهجمات على القوات الأمريكية.
ونقلت وكالة “رويترز” عن عدة مصادر إيرانية وعراقية إن زيارة قاآني إلى بغداد أدت إلى توقف الهجمات التي تشنها ميليشيات ولائية تعمل وفق تعليمات إيرانية.
ووصفت المصادر هذا بأنه علامة على رغبة طهران في الحيلولة دون نشوب صراع أوسع نطاقًا.
وقالت المصادر إن قاآني التقى بممثلي عدة ميليشيات مسلحة في مطار بغداد يوم التاسع والعشرين من كانون الثاني، بعد أقل من 48 ساعة من اتهام واشنطن لهذه الميليشيات بالوقوف وراء مقتل ثلاثة جنود أمريكيين في موقع البرج 22 العسكري بالأردن.
وقالت عشرة من المصادر إن قاآني، الذي قُتل سلفه في هجوم بطائرة مسيرة أمريكية بالقرب من المطار نفسه قبل أربع سنوات، أبلغ الميليشيات بأن سفك الدماء الأمريكية يخاطر برد أمريكي عنيف.
وأضافت المصادر أن قاآني أبلغ الفصائل المسلحة أنه يتعين عليها أن تبتعد عن المشهد لتجنب شن ضربات أمريكية على كبار قادتها أو تدمير بنيتها التحتية الرئيسية أو حتى الانتقام المباشر من إيران.
ولم توافق إحدى الفصائل في البداية على طلب قاآني، لكن معظم الفصائل الأخرى وافقت. وفي اليوم التالي، أعلنت ميليشيا كتائب حزب الله الولائية أنها ستعلق هجماتها.
ومنذ الرابع من شباط، لم تقع هجمات على القوات الأمريكية في العراق وسوريا، مقارنة مع أكثر من 20 هجومًا في الأسبوعين السابقين لزيارة قاآني في إطار موجة من أعمال العنف من قبل الميليشيات.
وقال قيادي كبير في إحدى الميليشيات المسلحة المتحالفة مع إيران “دون تدخل قاآني المباشر، كان من المستحيل إقناع كتائب حزب الله بوقف عملياتها العسكرية لتهدئة التوتر”.
ولم يرد قاآني ولا فيلق القدس، وهي قوة تابعة للحرس الثوري الإيراني تعمل مع الفصائل المسلحة المتحالفة من لبنان إلى اليمن، حتى الآن على طلبات وكالة “رويترز” للتعليق. ولم يتسن الوصول إلى كتائب حزب الله وفصيل آخر للتعليق. ولم يرد البيت الأبيض ولا وزارة الدفاع الأمريكية(البنتاغون) أيضا.
وأشارت وسائل إعلام عراقية إلى زيارة قاآني، لكن تفاصيل رسالته وتأثيرها في الحد من الهجمات لم ترد في تقارير قبل ذلك.
وتحدثت “رويترز” بهذا الشأن مع ثلاثة مسؤولين إيرانيين ومسؤول أمني عراقي كبير وثلاثة سياسيين من الإطار التنسيقي وأربعة مصادر في الفصائل المسلحة العراقية المتحالفة مع إيران وأربعة دبلوماسيين يركزون على الشأن العراقي.
ويسلط النجاح الواضح لزيارة قاآني الضوء على النفوذ الذي تتمتع به إيران على الميليشيات المسلحة العراقية التي تعمل تارة على زيادة الضغط وتارة أخرى على تهدئة التوتر لخدمة هدفها المتمثل في استمرار التخادم الأمريكي الإيراني على بقاء الوضع على ماهو عليه في العراق.
وقالت خمسة من المصادر إن حكومة الإطار التنسيقي المشكلة من أحزاب وميليشيات ولائية، وهي في الوقت نفسه منصاعة لاتفاقية الإذعان مع الولايات المتحدة، تحاول منع تحول البلاد مرة أخرى إلى ساحة قتال للقوى الأجنبية وطلبت من إيران المساعدة في كبح جماح الفصائل بعد الهجوم في الأردن.
وقال فرهاد علاء الدين، مستشار رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني للشؤون الخارجية، لرويترز ردا على سؤال لتأكيد زيارة قاآني وتأكيد طلب المساعدة في كبح جماح الفصائل المسلحة إن السوداني “عمل مع كل الاطراف المعنية داخل وخارج العراق محذرا” من أن ي تصعيد “سيعمل على زعزعة أمن العراق والمنطقة”.


خاف قاآني من مغادرة مطار بغداد خشية من أن يكون مصيره مثل سليماني

وقال سياسي من الإطار التنسيقي “الهجوم جاء بطريقة خدمت مصلحة حكومة السوداني”.
وتفضل عدة أحزاب وفصائل مسلحة أخرى متحالفة مع إيران في العراق إجراء المحادثات مع الولايات المتحدة بدلا من شن هجمات لإنهاء وجود القوات الأمريكية.
ولم تكن واشنطن مستعدة للتفاوض على تغيير في وضعها العسكري في ظل الهجمات، خشية أن يؤدي ذلك إلى تجرؤ إيران.
وللولايات المتحدة حاليا نحو 2500 جندي في العراق و900 جندي في سوريا في مهمة لتقديم المشورة والمساعدة. وهذه القوات جزء من تحالف دولي تم نشره في عام 2014 لمحاربة تنظيم “داعش”، خاصة في غرب العراق وشرق سوريا.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن الوجود الأمريكي في العراق سيتحول إلى “علاقة أمنية ثنائية مستمرة”، ورفض التعليق على زيارة قاآني لبغداد.
وتؤكد الولايات المتحدة أن طهران تتمتع بمستوى عالٍ من السيطرة على “وكلاء” لإيران في المنطقة. وتقول طهران إنها قدمت التمويل والمشورة والتدريب للحلفاء، لكنهم يقررون العمليات بأنفسهم.
واعترف مسؤول أمريكي آخر بدور إيران في الحد من الهجمات لكنه قال إنه ليس واضحًا ما إذا كان الهدوء سيستمر.
وقال مسؤول أمريكي كبير آخر “نحتاج إلى رؤية المزيد من الجهد على الأرض” من قبل العراق للسيطرة على الفصائل، مشيرا إلى عدم تنفيذ سوى عدد محدود من الاعتقالات فقط بعد هجوم بقذائف الهاون في كانون الأول على السفارة الأمريكية في بغداد.
وقال المصدر الأمني العراقي الكبير إنه في الوقت الذي تستعد فيه إيران لرد أمريكي على هجوم الأردن، جاءت زيارة قاآني سريعة إذ لم يغادر المطار “لدواع أمنية مشددة وخشية على سلامته”.
وأعقب الغارة التي أسفرت عن مقتل قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني عام 2020 خارج المطار هجوم اتهمت واشنطن كتائب حزب الله أيضا بشنه، وهو الهجوم الذي أدى إلى مقتل متعاقد أمريكي وأثار في ذلك الوقت مخاوف من اندلاع حرب إقليمية. وإلى جانب سليماني، أسفرت الغارة التي شنت بطائرة مسيرة عن مقتل زعيم ميليشيا حزب الله سابقًا أبو مهدي المهندس.
وذكرت تسعة مصادر أن كلا من طهران وبغداد يريدان تجنب تصعيد مماثل هذه المرة.
وذكر المصدر الأمني العراقي الكبير “تعلم الإيرانيون الدرس من تصفية سليماني ولا يريدون تكرارها”.
وقال مسؤول أمني إيراني كبير “زيارة قاآني كانت ناجحة، ولكن ليست بشكل كامل إذ لم توافق جميع الجماعات العراقية على تهدئة التصعيد”. وقالت ميليشيا النجباء وهي جماعة صغيرة لكنها نشطة جدا إنها ستواصل الهجمات مشيرة إلى أن القوات الأمريكية لن تغادر أبدا إلا بالقوة.
وليس واضحًا إلى متى ستستمر الهدنة. وتوعدت جماعة تنطوي تحت لوائها عدة فصائل مسلحة باستئناف العمليات إثر قتل الولايات المتحدة للقيادي في ميليشيا حزب الله أبو باقر السعدي في بغداد يوم السابع من شباط.
وكان السعدي أيضًا عضوا في ميليشيا الحشد الشعبي الذي تنضوي تحته الميليشيات الولائية المسلحة، وتعلن غالبيتها بالولاء للمرشد الإيراني علي خامنئي. مما يسلط الضوء على مدى تداخل الفصائل المسلحة المتحالفة مع إيران مع “الدولة” في العراق.
وقال مسؤولون عراقيون إنهم يأملون في أن يستمر الهدوء الحالي حتى تتمخض المحادثات التي من المتوقع أن تستغرق شهورًا عن نتائج.
وتعهد المسؤول الكبير في ميليشيا حزب الله والقائد في الحشد الشعبي عبد العزيز المحمداوي في مراسم تشييع السعدي برد على عملية القتل الأخيرة لكنه لم يعلن العودة للعنف. وذكر أن الرد سيكون مبنيًا على توافق بما في ذلك مع الحكومة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى