أخبار الرافدين
تقارير الرافدينطوفان الأقصى: القضية الفلسطينية في الواجهة الدوليةعربية

التجويع جريمة إبادة مستمرة في غزة وسط تخاذل دولي

أهالي غزة يتناولون طعام الحيوانات وقد بدأ ينفد، وانتشرت الأمراض حيث يعاني الأطفال من الجدري والكبد الوبائي، والكبار يعانون من مرض السكر وارتفاع ضغط الدم.

غزة- مع بزوغ فجر الصباح، عندما استيقظ الفلسطيني أبو قصي أبو ناصر، (44 عامًا) توجهت أنظاره إلى أطفاله وهم يصرخون من شدة الجوع جراء نقص الطعام في منزلهم بشمال قطاع غزة.
ويشعر الفلسطيني بحسرة شديدة في قلبه وهو يرى أطفاله يتضورون جوعًا، دون أن يجد حلًا سريعًا لإطعامهم في ظل الحصار الإسرائيلي المستمر على المنطقة، واستمرار الحروب التي تزيد من معاناة الأهالي.
هذا الوضع دفع أبو ناصر، للتوجه نحو سوق شحيح من البضائع في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، بحثًا عن طعام لأسرته.
ويسير أبو ناصر بخطوات متأنية في دروب السوق، حيث يلتفت يمينًا ويسارًا بحثًا عن أي مؤشر يمكن أن يفيده في إطعام أطفاله الجائعين.
ويمر الفلسطيني بين الباعة، الذين يعرضون ما لديهم من خضراوات بعضه يظهر عليها العفن.
ويسعى الأب، الذي يبدو على وجهه علامات الضعف والتعب، للبحث عن الذرة الناشفة والشعير، واللذان يُعتبران طعامًا للحيوانات في قطاع غزة.
ويتطلع أبو ناصر، بوجه يعبر عن الأمل المتوقع، إلى تحضير الخبز من هذه المكونات، بعدما نفدت مخزونات الطحين في شمال القطاع.
فلا بديل أمام الفلسطيني سوى اللجوء إلى هذه الطرق للبقاء في ظل الحصار “الإسرائيلي” على شمال قطاع غزة، واستمرار الحرب التي تعقّد الأوضاع الإنسانية أكثر فأكثر.
وعلى جانب السوق، بشكل مفاجئ، فرش أحد الباعة كيسًا من البطاطس، التي تظهر عليها علامات العفن.
حيث سارع أبو ناصر والمارة في السوق إليها يتطلعون لشراء ما يمكنهم استخدامه في تلبية احتياجاتهم الضرورية، على الرغم من حالة العفن.
ويتجلى هذا في ظل أوضاع مأساوية يعيشها أهالي شمال قطاع غزة، بسبب الحرب المستمرة منذ السابع من تشرين الأول الماضي.
وقال أبو نصار لمراسل الأناضول “منذ الصباح الباكر خرجت للبحث عن الطعام والذرة الناشفة والشعير لإطعام أطفالي الجائعين”.
وأضاف “منذ يوم الأمس لم أتناول سوى تمرة واحدة، والأطفال يصرخون من شدة الجوع، لا أدري ماذا أفعل”.
وتابع “ذهبت إلى سوق جباليا، ولكن لم أجد الذرة الناشفة المخصصة لطعام الحيوانات لأعد منها الخبز لأطفالي”.
وأشار إلى أنه “منذ الهدنة التي استمرت أسبوع في غزة لم يصل أي شيء إلى شمال القطاع، وما يصل بالكاد يلبي احتياجات مدينة غزة فحسب، فكيف يكون كافيًا للشمال”.
وفي الأول من كانون الأول الماضي، انتهت هدنة مؤقتة، أنجزت بوساطة قطرية مصرية أمريكية، واستمرت سبعة أيام، جرى خلالها تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية محدودة للقطاع الذي يقطنه نحو 2.3 مليون فلسطيني.
وأوضح أبو ناصر، أنه تناول الخبيزة، وهي إحدى أصناف الأعشاب البرية ذات اللون الأخضر الداكن، ولكن توافد المواطنين عليها في الأراضي الزراعية جعلها غير متوفرة.
وذكر أنه قطع مسافات طويلة للبحث عن القمح والطحين لم يجده نهائيًا.


أبو قصي أبو ناصر: منذ يوم الأمس لم أتناول سوى تمرة واحدة، والأطفال يصرخون من شدة الجوع، لا أدري ماذا أفعل
وتساءل أبو ناصر، “هل يُعاقَبنا الاحتلال الإسرائيلي بعدم توفير الطعام والشراب؟ هل لأننا لم ننتقل جميعًا إلى جنوب قطاع غزة؟”
وطالب رزق العرب والمسلمين بالنظر بعين الرحمة لأهالي قطاع غزة، الذين يفنون جوعًا جراء الحصار “الإسرائيلي”.
من جانبها، قالت راوية رزق، التي نزحت لإحدى المدارس في مخيم جباليا شمال قطاع غزة “لا يوجد طعام ونحن نعيش في مجاعة”.
وأضافت “نتناول طعام الحيوانات وقد بدأ ينفد، والأمراض أصبحت تنتشر بكثرة، حيث يعاني الأطفال من الجدري والكبد الوبائي، والكبار يعانون من مرض السكر وارتفاع ضغط الدم”.
وتابعت “إذا توفر الطعام يصبح أمرنا أفضل”.
وأوضحت أن طعام الحيوانات نادر وبأسعار مرتفعة، حيث يصل سعر 3 كيلو منه ما بين عشرين إلى أربعين دولارًا.
وبحسب نتائج فحوص لسوء التغذية أجرتها مؤخرا منظمات شريكة في مجموعة التغذية (تابعة للأمم المتحدة)، توجد في غزة زيادة كبيرة في نسبة سوء التغذية الحاد العام بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و59 شهرًا.
ووصل سوء التغذية الحاد العام إلى 16.2 بالمئة، وهي نسبة تتخطى العتبة الحرجة التي تحددها منظمة الصحة العالمية عند 15 بالمئة.
وسبق وأن أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن السكان في شمال قطاع غزة أصبحوا “على حافة المجاعة ولا ملاذ يأوون إليه” في ظل الحرب المستمرة.
ومنذ 143 يومًا تشن قوات الاحتلال الإسرائيلي حربًا مدمرة على قطاع غزة، خلفت حتى الأحد 29 ألفًا و692 شهيدًا و69 ألفًا و737 مصابًا، معظمهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض وكارثة إنسانية “غير مسبوقة”.
وللمرة الأولى منذ عام 1948، تخضع “إسرائيل” حاليًا لمحاكمة أمام محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة؛ بتهمة ارتكاب جرائم “إبادة جماعية” بحق الفلسطينيين في غزة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى