أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

غسيل الأموال وعمليات الطمر تدفن دجلة وتخنق مجرى النهر

مواطنون يتهمون جهات متنفذة تتبع للميليشيات وبعض النواب بالتجاوز على محرمات نهر دجلة في منطقة ألبوعيثة من أجل توسعة أراضيهم على حساب حوض النهر.

بغداد – الرافدين

اشتكى مواطنون من أهالي منطقتي ألبو عيثة وعرب جبور جنوبي بغداد من عمليات طمر وتجاوزات على حوض ومحرمات نهر دجلة من قبل متنفذين ومسؤولين في الحكومة، وذلك لتوسيع أراضيهم على شاطئ النهر ليتم بيعها بأسعار مرتفعة.
وذكرت مصادر محلية أن الأحزاب والميليشيات المتنفذة لم تكتف بالتجاوز على الأراضي الزراعية، ليمتد تجاوز هذه الجهات إلى مجرى نهر دجلة في بغداد، في وقت تقف حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني عاجزة عن ردع طموح أصحاب رؤوس الأموال والمتنفذين في الاستمرار بتوظيف هذه الأراضي ضمن مشاريع سكنية وتجارية تستخدم لأغراض الترفيه.
وقالت المصادر إن المتجاوزين تسببوا بتراكم الأنقاض على ضفاف الأنهار والتجاوز على حصة المواطنين، وتشويه منظرها بدلاً من أن تكون جميلة ومكانًا لراحة واستجمام المواطن مثل ما موجود في كورنيش أبو نواس، والأعظمية والكاظمية.
وأضافت أن التجاوزات تسببت بتلف في المناطق الرخوة في حوض نهر دجلة والتي كانت واسعة وأصبحت مؤخرًا ضيقة.
ويقول أحد سكان منطقة البو عيثة جنوب بغداد في حديث لـ “الرافدين” إن “أغلب المتجاوزين هم من المتنفذين والمسؤولين والنواب، وجهات تتبع لميليشيا الحشد، ما شجع أشخاصًا آخرين على توسيع أراضيهم الشاطئية، في ظل غياب المساءلة”.
وأضاف المواطن الذي رفض الكشف عن اسمه لدواع أمنية بسبب تهديد الميليشيات بأن “قطع الأراضي على شواطئ دجلة تُباع بالمليارات، وباتت تمثل مغنمًا لكثيرين”.
ويبين المواطن الذي زود مراسل قناة “الرافدين” بفيديوهات لعمليات الطمر والتجاوز وجرى عرضها في برنامج “صوتكم” أن “متنفذين يستخدمون الأنقاض والتراب لدفن مساحات من شاطئ النهر، في مناطق عرب جبور وألبو عيثة، المطلتين على دجلة”، وتساءل عن دور الحكومة في إيقاف هؤلاء المتنفذين ودورهم التخريبي في تشويه بغداد وشريانها الحيوي المتمثل بنهر دجلة.

وطالب مواطنون الجهات المختصة بتنفيذ حملة لإزالة التجاوزات عن مجرى النهر ورفع الأنقاض التي طمر بها مجرى النهر ومحاسبة من يقف وراء هذا المخطط الذي يهدف إلى الاستحواذ على الأراضي وبيعها بالتواطؤ مع ميليشيات متنفذة في بغداد.
وأظهرت صور ملتقطة حديثًا الحال الذي وصل إليه مجرى نهر دجلة بعد أن ضاقت مساحته من جراء عمليات الطمر.
قال مستشار لجنة الزراعة والمياه النيابية، عادل المختار إن أسباب التجاوزات هو الجفاف وانحسار مياه نهر دجلة خلال الفترات الماضية.

متنفذون يتجاوزون على محرمات نهر دجلة في ظل صمت حكومي

وحمل مراقبون وزارة الموارد المائية مسؤولية ما يجري من تجاوزات على محرمات نهر دجلة بسبب غياب دورها الرقابي والإداري.
وأجمعوا على إن الجماعات المتنفذة استغلت غياب دور وزارة الموارد المائية والصمت والتجاهل الحكومي لعمليات التجاوز على النهر، مما جعلها تستولي على مساحات واسعة من حوض النهر، مما سبب بتقليص عرض النهر، في ممارسات غير شرعية.
وتساءل مراقبون عن دور وزير الموارد المائية من هذه الأفعال والتجاوزات على نهر دجلة، منتقدين غياب القوانين والآليات وضعف الرقابة بهذا الشأن، في ظل تنامي تأثير الجماعات المتنفذة على مقتربات دجلة ببغداد.
وكانت وزارة الموارد المائية قد أعلنت مطلع العام الحالي عن إزالة نحو 20 مطعمًا في بغداد بسبب تجاوزها على محرمات نهر دجلة.
وأفاد المتحدث الرسمي باسم الوزارة خالد شمال أن “هنالك 3 أنواع من التجاوزات على المنظومة المائية الأول هو التجاوز على الحصص، والثاني على محرمات الأنهر عبر التواجد بأماكن المحرمات وأماكن ممرات المياه، والثالث تجاوز الملوثات”.
وبين أن “التجاوز على محرمات الأنهر يتضمن المطاعم والمحال والمنشآت السياحية الموجودة على مسار النهر وهذا يؤثر في ثلاثة أمور مهمة”.
إلا أن هذه الإجراءات التي تحدثت عنها الوزارة لم تمس المناطق التي طمرت من حوض النهر جنوبي بغداد بسبب عائديتها للميليشيات والمتنفذين.
وكانت وزارة الري قبل احتلال العراق قد أقرت قانونًا يمنع التجاوز على خط تهذيب نهر دجلة داخل بغداد.
وبين القانون الذي شرع في عام 2000 أنه يمنع تشييد أي بناء أو منح إجازة بناء في منطقة مقطع النهر (خط تهذيب نهر دجلة) وإلى مسافة عمق خمسة عشر مترًا المحددة من الهيئة العامة لتشغيل مشاريع الري في وزارة الري ضمن حدود مدينة بغداد.
إلا أنه في ظل حكومات الأحزاب والميليشيات بعد احتلال العراق عام 2003 أصبح التجاوز على حوض نهر دجلة في بعض المناطق يصل إلى عمق 20 مترًا.

انخفاض كبير في مستويات نهر دجلة بسبب الجفاف

وبحسب الأمم المتحدة فأن العراق يواجه حاليًا أسوأ موجة جفاف في العصر الحديث، حيث تناقصت كميات حصة الفرد العراقي من المياه بشكل حاد، بسبب تراجع مناسيب مياه نهري دجلة والفرات، ما تسبب بهجرة سكان عشرات القرى، إلى جانب الخسائر الكبيرة في القطاع الزراعي، والثروة الحيوانية، وفقدان الكثيرين لأعمالهم ومصادر رزقهم.
ويستمرُ تراجع منسوب نهر دجلة إلى معدلات قياسية بدءًا من شمالي العراق وحتى مياه شط العرب في الجنوب مسببًا خسائر زراعية وبيئية فادحة وزيادة في نسب التلوث وسط عجز الحكومة الحالية عن إيجاد حل لمشكلة الجفاف واتهامها دول المنبع بالتسبب بالأزمة بعيدًا عن اعترافها بالفشل.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى