وزارة الصحة تغلق المستشفيات المؤقتة من دون أن توفر البدائل في نينوى
أطباء يحذرون من إغلاق المستشفى الجمهوري في الموصل، حيث استقبل في العام 2023 أكثر من مليون مراجع وأجرى 32 ألف عملية جراحية.
نينوى – الرافدين
تستمر وزارة الصحة بتجاهل المطالبات بالاهتمام بالواقع الصحي السيئ في نينوى وتوفير بدائل قبل إغلاق المستشفيات والمراكز الصحية “الكرفانية” التي تعتمد عليها المحافظة بشكل كبير بسبب غياب الإعمار وتلكؤ المشاريع نتيجة الفساد وسيطرة المكاتب الاقتصادية للميليشيات.
وبنيت المراكز الصحية الكرفانية بشكل مؤقت في المدينة من أجل تقديم الخدمات الطبية العاجلة بعد تردي الوضع الصحي وخروج غالبية المستشفيات عن الخدمة بسبب التدمير.
وجددت وزارة الصحة، تأكيدها على تنفيذ تعليماتها السابقة بغلق جميع المستشفيات والمراكز الصحية “الكرفانية” في نينوى، التي تعول عليها المحافظة بعد تدمير البنى التحتية الصحية خلال العمليات العسكرية في المحافظة، وذلك بحسب وثيقة صادرة عن رئاسة صحة نينوى.

وأكدت الوثيقة على تعليمات وتوجيهات وزارة الصحة التي تقضي بغلق جميع الأبنية “الكرفانية”، ورفض أي استثناء من تنفيذ هذه التعليمات وإيقاف العمل في المستشفيات وإجراء المعالجات الخاصة لهذا الأمر.
وحذر أطباء في مدينة الموصل، أن قرار غلق المستشفيات الكرفانية في مدينة بناها التحتية الصحية مدمرة سيؤثر بالسلب وبشكل كبير على تقديم الخدمات الصحية في عموم محافظة نينوى.
ولفتوا إلى أن مستشفى الجمهوري سيجري غلقه أيضا وهو موقع رئيسي لتقديم الخدمات الصحية في الجانب الأيمن لمدينة الموصل، واستقبل في العام 2023 أكثر من مليون مراجع تلقوا العلاج فيه، فضلا عن إجراء 32 ألف عملية تداخل جراحي أجريت في نفس العام.
وكان وزير الصحة في حكومة الإطار التنسيقي صالح الحسناوي، قد وجه خلال زيارته لمدينة الموصل بعد حادثة قاعة الأعراس في قضاء الحمدانية بغلق جميع المستشفيات “الكرفانية”.
وكشف مصدر في صحة نينوى، أن 10 مرافق صحية سوف تزال في الموصل، من بينها مستشفيات كرفانية وأقسام في مستشفيات وأقسام إدارية تابعة للصحة، وذلك من ضمن توجيهات وزارة الصحة.
وأوضح المصدر أن ذلك يشمل المستشفى الجمهوري الذي يمثل الثقل الأكبر لجهة أقسام الجراحة في المدينة، ومستشفى الخنساء للأمراض النسائية والتوليد، ومستشفى الأمل للأطفال (سعة 100 سرير)، ومستشفى البتول للأمراض النسائية والتوليد، ومستشفى العتبة الحسينية في ناحية برطلة، ومستشفى العزل والحمّيات (سعة 100 سرير) الذي خصص للمصابين بكوفيد-19 إضافة لقسم الأطفال وقسم العناية المركزة، وقسم الأمراض الداخلية في مستشفى السلام.
وبحسب محافظ نينوى الحالي عبد القادر الدخيل كان في الموصل 3600 سرير قبل 2014 خرجت كلها عن الخدمة وأصبح القطاع الصحي يعاني تدهورا كبيرا جدا.

وبين الدخيل أن هناك فجوة كبيرة في قطاع الصحة، حيث تحتاج نينوى إلى 6000 سرير، لسد حاجة المحافظة.
وتعتمد نينوى، التي يزيد عدد سكانها عن 4.5 ملايين نسمة، على ما يُعرف بـالمستشفيات الكرفانية التي تتألف من غرف جاهزة يرى الدفاع المدني العراقي أنها غير آمنة.
وتشهد مستشفيات الموصل زخمًا بعد قرار إغلاق المراكز الصحية الجاهزة إذ يتشارك كل 3 مرضى سريرًا واحدًا.
وقال مدير مستشفى الموصل العام الدكتور يوسف البدراني، “بعد غلق المستشفيات الكرفانية أصبح الزخم كبيرا على مستشفياتنا، وعدد الحالات يتجاوز 1000 مراجع لمشفانا في وقت الصباح وأكثر من 500 مراجع ليلا”.
وقال أخصائي طب الطوارئ الدكتور عرفان يونس الشمري إن “المستشفيات الكرفانية هي مؤقتة وإنشاؤها كان لتهيئة علاج وتوفير خدمات صحية إلا أن اغلاقها وعدم إيجاد البديل يعد كارثة إنسانية وقنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة”.
وأضاف الشمري في تصريح لقناة “الرافدين” الفضائية أن “هناك تلاعبًا في الأموال المخصصة للإعمار والحكومة لا تملك الإرادة الحقيقة لتحسين الواقع الصحي في المحافظة وبناء مستشفياتها المدمرة”.
وتساءل مواطنون من محافظة نينوى عن مدى قدرة المستشفيات غير المشمولة على استيعاب الحالات المرضية إذا طبق قرار غلق المشاف الكرفانية فهي لم تستطع توفير العناية بمصابي فاجعة الحمدانية فكيف بعد تقليص أعدادها.

وأكدوا على أن الجهات الحكومية تعالج الخطأ بخطأ أكبر وأن قرارها غير صحيح في ظل عجزها عن توفير البدائل.
وطالبوا الحكومة بعدم إغلاق تلك المستشفيات وتوفير أنظمة السلامة والأمان داخلها لتجنب الكوارث المتوقعة.
وقال مواطنون إن مستشفى ابن سينا شاهد على زيف الوعود الحكومية بإعمار مستشفيات المحافظة فمنذ وضع حجر الأساس لم يتم الشروع في أعمال البناء.
وأعربوا عن امتعاضهم من تردي الخدمات داخل مستشفيات محافظة نينوى حيث تفتقر لأبسط المستلزمات الطبية ويغيب عنها وغياب الدعم الحكومي.
يشار إلى أنه لم يتم إعادة إعمار المستشفيات المدمرة بسبب الحرب على المدينة، على الرغم من إعلان الحكومة في بغداد انتهاء العمليات العسكرية هناك منذ أكثر من 7 سنوات.
وأكد ناشطون أن مشاريع إعمار المستشفيات الحكومية شبه معطلة ومتوقفة بسبب صفقات فساد وعمولات تقدر بملايين الدولارات، لافتين إلى أن الصراع السياسي كان له الأثر السلبي على تقديم الخدمات الصحية في المحافظة.
ووصفوا وضع الخدمات الصحية في عموم محافظة نينوى، بأنه مزرٍ وسيئ للغاية، حيث تفتقر المستشفيات إلى أبسط العلاجات والمستلزمات والأجهزة الطبية وسيارات الإسعاف.
وقال الناشط محمود الجماس إن “الوضع الصحي في نينوى مهزلة صحية وجريمة في حق سكان ثاني أكبر محافظة عراقية، وهذا أقل ما يمكن وصف الحال به”.
وأضاف أن “الخدمة لم تعد إلى أهم مستشفيين في الموصل، وهما مستشفى ابن سينا والمستشفى الجمهوري، على الرغم من مرور سنوات على استعادة المدينة من داعش”.
