القرآن الكريم زاخر بالآيات التي تتحدث عن الخبر ونقله ومنهجية التعامل معه
الدكتور عبد الحميد العاني: القرآن الكريم حدد جملة من المواصفات التي يجب أن يتحلى بها ناقل الخبر، من بينها: العدالة، والاستقامة على أمور الدين، والالتزام بالطاعات، والفهم، والضبط، والحضور الذهني، وتحري الصدق، والامتناع من المعاصي، وتجنب الكذب، وسوء الظن، والاحتراز من القول بغير علم.
عمان- الرافدين
أكد الناطق الرسمي باسم هيئة علماء المسلمين في العراق الدكتور عبد الحميد العاني على أن القرآن الكريم زاخر بالآيات التي تتحدث عن الخبر ونقله ومنهجية التعامل معه، بدءًا من طريقة نقل الخبر من الخالق سبحانه وتعالى إلى المخلوقين، في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَآئِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِىَ بِإِذْنِهِۦ مَا يَشَآءُ ۚ إِنَّهُۥ عَلِىٌّ حَكِيمٌ} [الشورى: 51]، التي تفصّل في كيفية إيصال الأخبار من الله تعالى إلى الناس عن طريق الأنبياء والرسل، ومرورًا بنقل الأخبار بين الناس أنفسهم وتداولها وفق ما بيّنه القرآن الكريم من أساليب ومنهجيات تقتضي الالتزام بها والحذر من الخروج عن ضوابطها.
وبيّن الدكتور العاني في المحاضرة الرابعة من الموسم الرمضاني لهيئة علماء المسلمين في العراق؛ عبر منصة (غياث) العلمية والدعوية. أن المتأمل للقرآن الكريم ولا سيما في الآيات التي تتعلق بموضوع المحاضرة؛ يجد أن أركان نقل الأخبار تنحصر في أربعة أشياء، ثلاثة منها أساسية، هي: الخبر، وناقله، ومتلقيه أو المنقول له، والرابع: طريقة النقل وما يقترن بها، مستشهدًا بالآيات الكريمة الدالة على هذه العناصر، حيث توقف عندها شارحًا معانيها ودلالاتها وما تقتضيه من أحكام وسلوكيات تلزم المؤمنين بالأخذ بها.
وأوضح الناطق الرسمي أن الآيات القرآنية الكريمة ذات الصلة بهذا الأمر، لا تتناول هذه العناصر منفردة أو مفرقة عن بعضها في كثير من المواضع، بل تتداخل العناصر في الآية الواحدة أحيانًا، وأن بعض الآيات تكون صريحة وواضحة في ركن من الأركان، وفي ركن آخر تحتاج إلى تدبر وتأمل وتعمق فيها، وربما تكون مشتركة بين أكثر من ركن وبعضها خاصة بركن دون بقية الأركان، حسب السياق وما يتضمنه من أحكام وتوجيهات ربانية.
وأكّد الدكتور العاني أن القرآن الكريم حدد جملة من المواصفات التي يجب أن يتحلى بها ناقل الخبر، من بينها: العدالة، والاستقامة على أمور الدين، والالتزام بالطاعات، والفهم، والضبط، والحضور الذهني، وتحري الصدق، والامتناع من المعاصي، وتجنب الكذب، وسوء الظن، والاحتراز من القول بغير علم، وغيرها من الشروط التي تجعل من النقل دقيقًا وصادقًا.
وبشأن ما يجب على متلقي الأخبار الاتصاف به؛ شدد الدكتور عبد الحميد العاني على أن من صفاته: العدلة، والتثبت، والوعي، والتأكد، واعتماد وسائل النقل المنضبطة، وحسن الظن أيضًا، والحذر من: الغيبة، والنميمة، وظلم الآخرين، أو إيقاع الأحكام جزافًا، والجدل، وصرف الوقت على اللغو الذي لا تتحقق منه فائدة.
وذكر الناطق الرسمي أن الخبر الذي يُراد نقله لا بد أن يكون ذا مصدر موثوق إذ ليس كل خبر يُنقل، وليس كل ما يُعلم يقال، مؤكدًا على وجوب مراعاة تأثير الخبر المنقول سلبًا وإيجابًا على المجتمع والناس، والأخذ بنظر الاعتبار طاعة الله عز وجل وحسابه في الآخرة، محذرَا من مخاطر الإشاعة، والخوض في الأخبار المتعلقة بالشأن العام دون تثبت، استنادًا إلى قول الله تعالى: {وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ ٱلْأَمْنِ أَوِ ٱلْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِۦ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰٓ أُوْلِى ٱلْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنۢبِطُونَهُۥ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُۥ لَٱتَّبَعْتُمُ ٱلشَّيْطَٰنَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 83]، مبينًا في هذا السياق أن أهل العلم استنبطوا من هذه الآية الكريمة الكثير من التوصيات، من بينها: وجوب الابتعاد عن الإشاعات، وعدم تتبعها، والتثبت عند نقل الأخبار، والبعد عن الظن السيئ بالآخرين، واشتراط الأمانة في النقل، ومراعاة الحكمة، والنظر في المآلات.
وخُتمت المحاضرة بتعقيبات بادر عدد من الحاضرين بها، أسهمت في إثراء المحاضرة، وسلطت الأضواء على مباحث مهمة في موضوعها.