أخبار الرافدين
تقارير الرافدينطوفان الأقصى: القضية الفلسطينية في الواجهة الدوليةعربية

شاهد عيان من أطباء بلا حدود: وحشية العدوان جعلت من غزة مكانًا غير قابل للعيش

طبيبة بريطانية مختصة بالتخدير تؤكد على أنها دخلت الكثير من مناطق الحروب والنزاعات في اليمن والعراق وجنوب السودان ونيجيريا، لكن المهمة الأصعب بالنسبة لها كانت في قطاع غزة.

غزة- تتواصل المأساة الإنسانية في قطاع غزة جراء الحرب التي تشنها قوات الاحتلال “الإسرائيلي” على الفلسطينيين منذ السابع من تشرين الأول، وتتضاعف يوميًا دون أن يصل صوت أصحاب المعاناة إلى العالم سوى ما ترصده عدسات التصوير ووسائل الإعلام وشهود عيان.
من ضمن الشهود على تلك المأساة غير المسبوقة في المنطقة، الطبيبة بيرسن جاسكل الأخصائية في التخدير، التي عملت لأكثر من أسبوعين داخل القطاع قبل أن تغادره إلى بريطانيا.
ودخلت جاسكل قطاع غزة رفقة فريق لمنظمة “أطباء بلا حدود”، وانضمت للكوادر الصحية بمدينة رفح (جنوب) خلال الفترة بين الرابع والحادي والعشرين من شباط، لتقدم خدمات طبية وبإمكانات محدودة لمنطقة يتواجد فيها نحو 1.5 مليون نازح.
وروت الطبيبة تفاصيل ما شاهدته في قطاع غزة من مأساة إنسانية تشمل جميع مجالات الحياة اليومية.
وقالت إنها قررت التوجه إلى القطاع لـ “تضميد جراح الناس ولو بالقدر اليسير”، بعد ما شاهدته من قتل وإعاقة وإصابات تطال المدنيين.
وأضافت أنها أصيبت “بالانهيار والحزن” عند دخولها القطاع، لا سيما مع تواصل أصوات القصف دون انقطاع على مدار الساعة، بالتوازي مع صرخات الأطفال على وجه الخصوص.
وحول الأجواء السائدة في رفح بعد دخولها، توضح أن كل مدني أو عامل بقطاع الصحة ممن قابلتهم كان لديه “قصص خوف، وفقدان قريب أو صديق، وكثير من الحكايات المؤلمة والمأساوية”.
وأشارت إلى أن أكثر ما كان يصدمها هو مشاعر الخوف والهلع لدى الأطفال.
وتابعت “لدى مغادرتي قطاع غزة شعرت وكأنني أتخلى عنهم، وأحسست بالذنب حينها، شخصيًا كنت أملك خيار مغادرة المنطقة، أما هم فلا يملكون ذلك الخيار، لذا لم يستطيعوا المغادرة حتى الآن”.
وعبرت الطبيبة عن شعورها بالقلق إزاء المدنيين هناك حتى اليوم، وتستذكر معاناتهم اليومية وتفكر في مصيرهم، مضيفة أنه ليس من السهل بالنسبة لإنسان أو طبيب أن يواجه مواقف كهذه.
والثلاثاء، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب الوحشية “الإسرائيلية” إلى “32 ألفا و414 شهيدًا و74 ألفا و787 إصابة”.
ومع مرور 172 يومًا على الحرب، قالت الوزارة في تقرير إحصائي يومي عبر منصة “تلغرام” إن “الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 8 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة وصل منها إلى المستشفيات 81 شهيدًا و93 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية”.
وحول الأوضاع الصحية في القطاع، توضح جاسكل أن المدنيين وبخاصة الأطفال يعانون من إصابات معقدة يتطلب معالجتهم من قبل أطباء أخصائيين، مشيرة إلى أن هذه الفئة لا تحظى بالقدر الكافي من العلاج في ظل شحّ الإمكانات الطبية والخدمات الصحية.
أما عن الأوضاع الإنسانية والخدمية بشكل عام، فتذكر أن “جميع مرافق الحياة اليومية منهارة تماماً” في القطاع الذي وصفته بـ “المكان الذي لم يعد قابلاً للعيش فيه”.
وأردفت “حقاً غزة تحولت إلى جحيم على وجه الأرض، ولم تعد قابلة للعيش في ظل الحرمان من أساسيات الحياة، مثل المياه والكهرباء والتعليم والصحة، بالتوازي مع حالة من الفوضى بسبب احتمال حدوث أي شيء داخل القطاع”.
أما عن دورهم كأطباء أجانب دخلوا القطاع لفترة محدودة، تعتبر جاسكل أنهم بذلوا ما بوسعهم لتضميد جراح الناس من الناحية الطبية، لكن رغم ذلك جهودهم كانت تبقى دون المطلوب بسبب حجم الأضرار والإصابات.
وتلفت إلى أنها دخلت الكثير من مناطق الحروب والنزاعات في اليمن والعراق وجنوب السودان ونيجيريا، لكنها ترى أن المهمة الأصعب بالنسبة لها كانت في قطاع غزة.
وتبرر الطبيبة رأيها هذا بالقول إن حالات الإصابة والصدمات التي كانوا يواجهونها في صفوف المدنيين داخل القطاع، كانت كبيرة جدًا من حيث العدد، فضلًا عن درجة خطورتها البالغة.
وختمت الطبيبة حديثها بالقول: “ما يحدث في غزة كارثة إنسانية بكل معنى الكلمة، ولا يوجد أي مبرر لهذه الدهشة والألم والمعاناة”، مطالبة بالحيلولة دون استمرارها.
وخلال الحرب العدوانية على قطاع غزة، تم إخراج 32 مستشفى عن الخدمة بسبب الهجمات المباشرة من قبل جيش الاحتلال، بالإضافة إلى إخراج 53 مركزًا، واستهداف 155 مركزًا صحيًا وفقًا للإحصائيات التي أصدرها المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة.
وتواصل “إسرائيل” حربها المدمرة ضد قطاع غزة رغم مثولها أمام محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، بتهمة ارتكاب جرائم “إبادة جماعية” في حق الفلسطينيين.
وبالإضافة إلى الخسائر البشرية تسببت الحرب الوحشية بكارثة إنسانية غير مسبوقة وبدمار هائل في البنى التحتية والممتلكات، ونزوح نحو مليوني فلسطيني من أصل حوالي 2.3 مليون في غزة، بحسب بيانات فلسطينية وأممية.


الطبيبة بيرسن جاسكل: قررت التوجه إلى قطاع غزة لتضميد جراح الناس ولو بالقدر اليسير
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى