باحث عراقي يحذر من تشتت هوية المسلم فلا هي ترشده إلى الخير ولا تمنعه من الشر
الدكتور عامر سلمان العكيدي: ثورة الاتصالات المتطورة جعلت العالم كله بين يدي الفرد في جهاز صغير؛ الأمر الذي أدى إلى ذوبان هذا الفرد في ساحة من يحركونه كيفما يشاؤون وفي مختلف القضايا التي تهم البشرية.
عمان- الرافدين
قال الدكتور عامر سلمان العكيدي إن الهوية الإسلامية هي الشعور بالانتماء إلى الأمة الإسلامية والتمسك بمبادئ الدين الإسلامي، والتراث الثقافي الذي يميز الفرد والمجتمع المسلم.
وأضاف في المحاضرة الخامسة من الموسم الرمضاني لهيئة علماء المسلمين في العراق، أن الهوية هي الدين فكرًا وشريعة وعقيدة وسلوكًا، وأنها في الدرجة الأولى منتمية إلى العقيدة التوحيدية التي هي من أهم الثوابت في حياة المسلم.
وأوضح بأن هوية المسلمين قائمة على مجموعة العقائد والمبادئ والخصائص المأخوذة من القرآن والسنة، والتي تجعل الأمّة تشعر بتميزها ومغايرتها عن الأمم الأخرى.
واستضافت منصة “غياث” العلمية والدعوية الدكتور العكيدي في محاضرة بعنوان “ملامح الهوية الإسلامية”، وهي المحاضرة الخامسة من الموسم الرمضاني لهيئة علماء المسلمين في العراق، الذي يُعنى بتأصيل العلم والمعرفة، وتعزيز الثوابت الإيمانية، ونشر الثقافة الإسلامية والقيم التربوية.
وأشار المحاضر إلى ما يعانيه واقع الناس اليوم في ظل ثورة الاتصالات المتطورة التي جعلت العالم كله بين يدي الفرد في جهاز صغير؛ الأمر الذي أدى إلى ذوبان هذا الفرد في ساحة من يحركونه كيفما يشاؤون وفي مختلف القضايا التي تهم البشرية.
ولفت إلى أن هذه الظاهرة الخطيرة التي يمكن تسميتها بـ”ظاهرة الإمعة” تعبّر عن الإنسان الفارغ، والغافل، والمقلد لكل ما يغذيه من خلال وسائل الإعلام بأشكالها وأنواعها كلّها، بحيث أصبحت للفرد المسلم هويات عديدة ومناهج متعددة، فلا هي ترشده إلى الخير ولا تمنعه من الشر.
وأكّد المحاضر في هذا السياق على أن هوية المجتمع الإسلامي التي تمثل كيانه ووجوده باتت تعاني اليوم من تحديات جسيمة تحيط بها من شتى الجوانب، مبينًا أن عصر العولمة والغزو الفكر والثقافي، جعل المسلم واقعًا في محيط له أدوات تعمل بلا كلل ولا ملل في إفساد العقائد، وتدمير الأخلاق، وتزوير التأريخ، والقضاء على الأسرة المسلمة؛ عبر إجراءات كثيرة، من أهمها وأخطرها محاولة تضييع وإزالة الهوية الإسلامية وجعل المجتمع المسلم ممسوخًا بلا وزن ولا قيمة.
وقال إن المفهوم الصحيح لمصطلح العالم الإسلامي يقوم على حقيقة الأمة القرآنية التي تستمد مبادئها من الكتاب والسنة، حيث وصفها الله تعالى في القرآن الكريم بقوله: {كُنتُم خيرَ أمّةٍ أخرِجَت للنّاسِ} مشددًا على أن خيرية الأمّة متعلقة بالإيمان بالله تعالى، والإصلاح القائم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قائلاً: إن ذلك هو الطريق الوحيد الذي ينبغي أن يسلكه الإنسان المسلم لينهل من معين رباني، وحيث لا يليق به أن يأخذ من هويات أخرى أنتجها عقل بشري قاصر، لأنها ستكون خاضعة للأهواء والشهوة؛ فإن الهوية الإسلامية واحدة متفردة لا تقبل القسمة ولا تختلط بغيرها من الفلسفات المنحرفة.
ولفت الدكتور العكيدي إلى أن الهوية الإسلامية تقبل التعايش مع الآخرين داخل المجتمع المسلم بشرط أن تبقى هي المهيمنة، وصاحبة القرار، فضلاً عن وجود ميزة وخاصية كبيرة لهذه الهوية كونها متكاملة وملازمة لجوانب الحياة كلّها، حيث تذيب هذه الخاصية الكثير من الهويات الأخرى، وتنسق من خلال مبادئ الإسلام تنسيقًا واقعيًا عادلاً بين شؤون المادة والروح بنظام واضح وصريح.
واشتملت المحاضرة على جوانب أخرى نظرية وعملية تتعلق بأساليب وأنماط إسقاط الهوية الإسلامية على سلوك الناس أفرادًا ومجتمعات على أرض الواقع، وعززت ذلك مناقشات ومداولات جرت عقب سلسلة من المداخلات والاستفسارات التي طرحها الحاضرون وتولّدت منها أفكار ومقترحات لإقامة محاضرات ودروس وجلسات بحثية مختصة لمعالجة العديد من المشكلات القائمة في الحياة.