أمراض السرطان تفتك بأبناء محافظتي نينوى والبصرة
أكثر من 30 ألف مصاب بالسرطان يتلقون العلاج حاليًا في العراق وسط نقص كبير في الأجهزة الخاصة بمعالجتهم والارتفاع الباهض لأسعار الأدوية.
نينوى – الرافدين
أثارت تصريحات وزير الصحة الحالي صالح الحسناوي المخاوف بين المواطنين بسبب الارتفاع المقلق بنسبة الإصابة بمرض السرطان في العراق في وقت يشهد القطاع الصحي في العراق تراجعًا مستمرًا بعد عام 2003 بسبب سرقة الأموال المخصصة لبناء المستشفيات وتطويرها ما جعل مستشفياته من بين الأسوأ عالميًا.
وأكد وزير الصحة العراقي صالح الحسناوي خلال استضافته في أحد المراكز الحوارية أن “محافظة نينوى هي الأعلى نسبة في معدل الإصابات السرطانية وليست البصرة كما يشاع”.
وأشار إلى أن “قانون الضمان الصحي يحتاج من 8 إلى 10 سنوات ليغطي جميع العراقيين، وأن المشاريع الاستراتيجية الصحية هي طويلة الأمد وبحاجة إلى وقت لإنجازها وتطبيقها”.
وبين الحسناوي أن هناك مركزين لمعالجة الأمراض السرطانية في محافظة البصرة، مؤكدًا أن القطاع الطبي في البلاد بحاجة ماسة إلى اختصاصات التخدير والتمريض وتقنيي الأجهزة الطبية لتغطية المؤسسات الصحية الجديدة ونقص الطواقم في الاختصاصات القانونية، والإدارية والمحاسبين والمهندسين.
ويتواصل ارتفاع نسبة الإصابات بأمراض السرطان في العراق بسبب التلوث وتراجع الرعاية الصحية، بالإضافة إلى مخلفات كثرة الحروب التي شهدتها البلاد، خصوصًا العدوان الأمريكي في عام 1991 والغزو الأمريكي في 2003، واستخدام أسلحة خطرة، ما جعل سكان العراق من بين الأكثر إصابة بالسرطان بين دول الجوار.
ومع تجاوز نسبة الإشعاعات في العراق الـ 300 ألف ضعف عن الحد المسموح بها، بسبب الحروب السابقة، فأن هناك أكثر من 30 ألف مصاب بالسرطان يتلقون العلاج حاليًا في البلاد، وسط نقص كبير في الأجهزة الخاصة بمعالجتهم وارتفاع نسب التلوّث والسموم في داخل المياه، وتلوّث التربة.
من جهته، قال المسؤول المحلي في محافظة نينوى محمود الجحيشي إن “التلوث الذي سببته العمليات العسكرية الأمريكية في العراق ضد المدينة بالإضافة إلى العمليات الحربية ضد تنظيم داعش (2014ـ 2017)، أدى إلى تصاعد في أعداد المصابين بالسرطان”، مبينًا أن “المشكلة الصحية والبيئية في العراق أصابت كل المدن بزيادة معدلات الإصابة بالسرطان، لكن لنينوى كان النصيب الأكبر بسبب الحرب الأخيرة”.وقالت عضو نقابة الأطباء نهى الجنابي، إن “مرضى السرطان يعانون في العراق من شح الأدوية وضعف العناية، وافتقار المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية إلى العلاج، ما يدفع أغلبهم إلى الاعتماد على الأدوية من الصيدليات، وهي باهظة الثمن”.
وأكدت أن “مئات المصابين بأمراض السرطان يغادرون إلى خارج العراق من أجل العلاج، والمشكلة أن المراكز الجديدة التي افتتحت مؤخرًا في مناطق متفرقة من البلاد تفتقر إلى الدعم المادي الحكومي من أجل تقديم الخدمات الجيدة للمرضى”.
وإلى جانب نينوى شمالا، تتصدر مدينتا الفلوجة والبصرة، غربي العراق وجنوبيه، بعدد المصابين بأمراض السرطان والتشوهات الخلقية لدى الرضّع. وتفيد تقارير رسمية عدة وأخرى تابعة لجهات إعلامية ومدنية محلية ودولية بأن مخلفات الحروب تعدّ السبب الأساسي لانتشار أمراض السرطان والتشوهات الخلقية.
وبحسب تقارير صادرة عن وزارتَي الصحة والبيئة، فإن المعدل السنوي للإصابة بأمراض السرطان في العراق يبلغ 2500 حالة إصابة، لكن الواقع يشير إلى أكثر من ذلك بكثير، إذ إن عدد مرضى السرطان في المستشفيات كبير.
ولا تملك الجهات الرسميّة المتخصصة في العراق أرقامًا دقيقة لعدد مرضى السرطان، إلا أن بعض التقارير الدولية تتحدث عن أعداد مرتفعة، حيث سجلت محافظة البصرة وحدها أكثر من ألف إصابة بالسرطان عام 2023، بينما سجلت الفلوجة أرقامًا عالية هي الأخرى.
يأتي ذلك في وقت حلت بغداد في المرتبة الأخيرة بمؤشر الرعاية الصحية لمدن العالم خلال العام الحالي 2023 بحسب موقع “نومبيو” المهتم في تصنيف دول العالم وفق تكلفة المعيشة والسكن.
وتجمع مصادر سياسية وهيئات دولية على أن نظام الرعاية الصحية الفاسد في العراق، يعكس بشكل واضح فشل أسلوب الحكم والعجز عن التغلب على الصراعات السياسية.
وطالب النائب، علي سعدون اللامي، بشمول وزارة الصحة بالتعديل الوزاري نتيجة الفشل في القطاع الصحي ولاسيما فيما يتعلق بالسرطان.
وقال إن “السبب الرئيسي هو اخفاق وزارة الصحة بإنشاء مراكز لعلاج الأورام السرطانية في كل محافظة عراقية”، مرجعا ذلك إلى الفشل والفساد المستشري بكل مفاصل الوزارة.
وأكد على أن “هذا الفساد والفشل أضاع فرصة بناء هكذا مراكز صحية مهمة رغم توفير التخصيصات الكافية”.
وبين، اللامي، أن “أمراض السرطان، أصبحت خطرا حقيقيًا يهدد المجتمع العراقي، خاصة وان أسبابه مازالت موجودة خاصة بقضية التلوث”، مشددًا على ضرورة إجراء تعديل وزاري وشمول وزارة الصحة بهذا التعديل بسبب استمرار الإخفاق، في مكافحة السرطان.وحملت عضو اللجنة العليا للميثاق الوطني العراقي الدكتورة فاطمة العاني الاحتلال الأمريكي وما تبعه من حكومات فاسدة والمحاصصة الطائفية، سبب تردي الواقع الصحي في البلد.وقالت الدكتورة العاني في تصريح لقناة “الرافدين” إن “الحكومات المتعاقبة ما بعد الاحتلال لا توجد لديها أي خطط أو ميزانيات للنهوض بالواقع الصحي بالعراق، وجعلوا المؤسسات الخدمية للمواطن آخر اهتمامهم”.
وأكدت على أن “السياسيات التي اتبعتها الأحزاب الحاكمة أجبرت العديد من الأطباء على الهجرة وترك البلد”، مشيرة إلى أن الأحزاب الحاكمة جعلت من المناصب الحكومية لخدمة الحزب والمنافع الخاصة.
واعترفت لجنة الصحة النيابية بوجود نقص كبير في التخصيصات المالية الحكومية الخاصة بتوفير الخدمات الصحية للمواطنين العراقيين.
وقال رئيس اللجنة ماجد شنكالي، إن “حجم الانفاق الحكومي في قطاع الصحة منخفض للغاية، حيث تبلغ تخصيصات وزارة الصحة سنويًا 8 مليار دينار فقط، وهو ما يعني إنفاق 200 دولار فقط لكن مواطن بشكل سنوي”.
وأوضح أن “القطاع الصحي يعاني من أزمات متعددة في ظل الارتفاع الكبير في أعداد مرضى السرطان، وشح العلاجات الخاصة بالأمراض المستعصية، مؤكدا أن القطاع يعاني يحتاج إلى ميزانية مالية مضاعفة”.
وأضاف أن “القطاع الصحي يعاني نقصا حادا في الكوادر الطبية”.