متنفذون في المعتقلات يبتزون أهالي السجناء مقابل زيارتهم في العيد
تصريحات وزير العدل في حكومة الإطار التنسيقي خالد شواني لتخفيف الاكتظاظ في السجون محاولة لإسكات المنظمات والنشطاء الحقوقيين عن تعرض السجناء إلى عمليات تعذيب وابتزاز ومساومة بتواطؤ حكومي.
غداد – الرافدين
أثارت تصريحات وزير العدل في حكومة الإطار التنسيقي خالد شواني حول معالجة الاكتظاظ في السجون التي وصلت نسبتها إلى 300 بالمائة، سخرية الشارع العراقي في ظل الانتهاكات غير الإنسانية التي تمارس ضد المعتقلين، وعمليات الابتزاز التي يديرها متنفذون داخل السجون الحكومية في البلاد.
وكان شواني، قد قال في حديثه لمصادر محلية إنه يسعى إلى “تقليل نسب الاكتظاظ في السجون إلى 200 بالمائة نهاية العام الجاري”، لافتًا إلى أن إعادة تأهيل بعض السجون وفقًا لمعايير حقوق الإنسان سيجعلها مهيأة لاستقبال نحو خمسين ألف سجين، ما سيخفف نسبة الاكتظاظ إلى 100 بالمائة بنهاية عمر الوزارة.
وبحسب مواطنين فإن تصريحات خالد شواني تأتي تماشيًا مع خطة حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بإظهار المنجزات الوهمية وإطلاق الوعود التي يراها العراقيون سرابًا، في محاولة منها لإسكات المنظمات والنشطاء الحقوقيين، ولا تغير من واقع السجون المأساوي شيئًا، إذ يتعرض السجناء إلى عمليات تعذيب وابتزاز ومساومة بتواطؤ حكومي.
وفي الوقت الذي يطالب فيه ذوو المعتقلين بإعادة التحقيق في قضايا أبنائهم، وإخراج الآلاف ممن زجوا في السجون لأسباب طائفية، تستمر عمليات الابتزاز والمساومة التي يتعرض لها أهالي المعتقلين مقابل السماح لهم بزيارة أو رؤية ذويهم، خصوصًا مع حلول عيد الفطر المبارك.
ويرى مراقبون أن تصريحات الوزير مجرد استعراض إعلامي، وسط الإهمال الكبير الذي تعاني منه السجون في العراق، وغياب الدور الرقابي ومنع المنظمات والمؤسسات الحقوقية من الاطلاع على واقع المعتقلين.
ويؤكد عراقيون على أن شواني لا يستطيع تحريك سجين واحد لما تتمتع به ميليشيات الإطار من نفوذ وسيطرة على السجون والمعتقلات في البلاد.
وبدلًا من الإفراج عن آلاف المعتقلين وكشف مصير المخفيين والمغيبين قسرًا، وإقرار قانون العفو العام، تؤكد وزارة العدل في حكومة الإطار المضي بتوسيع رقعة السجون في البلاد لزج المزيد من الأبرياء في السجون تنفيذًا لمخططات ديموغرافية وأجندة سياسية وطائفية تسعى لها أحزاب السلطة في العراق.
وكان خالد شواني قد أقر بوجود زنزانات وصفها بالـ”VIP” وغرف خاصة مجهزة بكل الاحتياجات لسجناء متنفذين وتابعين لكتل سياسية، فيما تعاني معظم السجون في العراق من ظروف غير إنسانية وبائسة لا تصلح للعيش فيها.
واعترف بممارسة أحزاب سياسية ضغوطًا على وزارة العدل لأجل عدم إلغاء خصوصية تلك الزنازين أو توزيع المعتقلين فيها على باقي السجون بحسب الجرائم المرتكبة.
وسبق أن قلل رئيس لجنة حقوق الإنسان البرلمانية أرشد الصالحي، من إمكانية حل ملف السجون وما فيها من انتهاكات، معتبرًا أن “أي رئيس للوزراء لا يستطيع حل هذا الملف”، وأن لجنة حقوق الإنسان البرلمانية خلال زياراتها إلى السجون حددت الكثير من الانتهاكات “لكن عند إثارة ذلك تقف قوى سياسية بوجهنا”.
بدوره، أكد مسؤول في وزارة العدل أن “ما يحصل في ملف السجون يمثل كارثة كبرى، بسبب تداخل الملف بشكل معقد، وارتباطه بالفساد المالي والإداري، ورغبة الكثير من المعنيين ببقاء المعتقلين في السجون، للحصول على أموال من ورائهم”.
وأضاف المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، أن “بعض المسؤولين يعتاشون بالفعل على الأموال المخصصة للمعتقلين، ويستحصلون نسبة منها، لذلك فإن “الطعام المخصص لهم لا يصل كاملًا، وكذلك الأموال المخصصة للعلاج تذهب هباءًا منثورًا”.
ويحذر مراقبون من تداعيات اكتظاظ السجون في العراق لما لها من جوانب سلبية خطيرة على الصحة والسلامة البدنية والنفسية للنزلاء.
ويعود هذا التكدس البشري بحسب المراقبين إلى “استمرار عمليات الاعتقال، مع عدم حسم دعاوى الكثير من قضايا المعتقلين والإفراج عن الذين أكملوا مدة محكوميتهم”.